يكثر الكلام هذه الأيام عن تحكم الاحتلال بإعادة إعمار
غزة وعن استفادته اقتصاديًا بحكم أن مواد إعادة الإعمار يجب أن تأتي من خلال
المعابر معه ومن خلال شركاته، وكأنهم اكتشفوا شيئًا جديدًا أو كان مجهولًا!
حماس ناضلت خلال الحرب الأخيرة لكي تفك الارتباط
الاقتصادي مع الاحتلال من خلال مطلب الميناء، لكن في ظل اختلال ميزان القوى وفي ظل
حقيقة أنه لم يتم تقديم إسناد حقيقي لغزة، لم يكن هنالك شيء ممكن أفضل من تخفيف
الحصار وفق الآليات السابقة.
من حصار خانق إلى حصار غير خانق هكذا يمكن توصيف إنجاز المقاومة
حتى الآن فيما يتعلق بالحياة داخل غزة، وربما يكون حصار "لطيف"
مستقبلًا لو أحسنت إدارة الصراع.
فك الحصار نهائيًا عن غزة غير ممكن إلا بتغيير جوهري في
موازين القوى مع الاحتلال، ولا علاقة له بشكل الاتفاق أو لونه أو مكان توقيعه.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلًا سنجد أن الكثير من
المتفاجئين اليوم بتحكم الاحتلال بكل شيء، كانوا يؤكدون أيام الحرب على أن
الاحتلال وافق على رفع الحصار عن غزة ولكن مصر هي التي اعترضت، وعندما كنا نقول
لهم أن المشكلة هي الاحتلال، وأن الحصار هو مطلب صهيوني أولًا وأخيرًا كنا نتهم
أننا نحسن الظن بالسيسي ومحمود عباس!
واليوم تعود كل الأمور إلى نقطة الاحتلال وإصراره على
حصار غزة والتحكم بكل ما فيه، تأكيدًا على ما كنت أقوله دومًا بأنه هو أصل المشكلة
وفرعها وتفرعاتها، وكل العملاء من السيسي إلى عباس ليسوا إلا أدوات بيده.
ربما عندما يدرك أولئك الناس أن المشكلة هي الاحتلال
وليس عملائه، سيتوقفون عن التفاجئ عند كل منعطف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق