المرابطات في الأقصى يشكلن درعًا بشريًا لمنع اقتحامات المستوطنين |
يسأل الكثيرون ماذا يمكن أن يقدموا للمسجد الأقصى
وبالأخص الفتيات، وذلك في ظل أن أفق الجهاد والمقاومة مسدود بوجه الكثيرين.
يجب الادراك أن انقاذ المسجد الأقصى مرهون بالتحرير
فطالما هو تحت الاحتلال فهو في خطر داهم، هذا على المدى البعيد أما على المدى
القريب فنصرة الأقصى تكون من خلال استنزاف الاحتلال وجعله يدفع ثمنًا عاليًا حتى
نردعه عن القيام بخطوات تهويدية جديدة.
أول خطوة هي العمل على الصعيد الإعلامي، والقصد ليس
توعية الناس بمعلومات عن المسجد الأقصى أو الأخطار التي تواجهه، فهذه رغم أهميتها
إلا أننا في المرحلة الحالية أمام حاجة ماسة لتوعية الناس بضرورة التحرك من أجل
الأقصى.
أغلب الناس غير مقتنعين بجدوى أن يبذلوا جهدًا خاصًا
للاقصى، على اعتبار أن الأقصى مجرد حجارة وسنعيد بناؤه لو هدمه الصهاينة كما
يظنون.
وهنا يجب التوضيح لهم أمرين:
الأول، أنه مثلما أصبحت مهمة إزالة القاذورات من على أرضية المنزل أصعب وأكثر
تعقيدًا كلما تأخرنا في عملية إزالتها، فكذلك تحرير الأقصى وفلسطين يصبح أكثر
صعوبة كلما طال أمد وجود الاحتلال الصهيوني.
لذا إن لم نكن نستطيع إزالة الاحتلال الآن فعلى الأقل نمنعه من أن يمد جذوره أكثر، حتى نسهل عملية اقتلاعه لاحقًا عندما تحين الفرصة، وإلا فسنجد أنفسنا مع نبات شيطاني يستحيل قلعه.
لذا إن لم نكن نستطيع إزالة الاحتلال الآن فعلى الأقل نمنعه من أن يمد جذوره أكثر، حتى نسهل عملية اقتلاعه لاحقًا عندما تحين الفرصة، وإلا فسنجد أنفسنا مع نبات شيطاني يستحيل قلعه.
الثاني، المقدسات لها دور هام في تحريك الناس، فيجب استغلال اللحظة من أجل تحريك
الناس من أجل تحرير فلسطين، وإلا متى سنبدأ مشوار التحرير؟ إلى متى نؤجل ونؤجل؟
وأضرب هنا مثلًا معركة حطين، فما حصل وقتها أن حاكم الكرك الصليبي أرنولد دي
شاتيون (أو أرناط كما يسميه المؤرخون العرب) كان متعصبًا مجنونًا (مثل ليبرمان
وزعامات المستوطنين في يومنا هذا) هاجم قوافل الحجاج وكان يعد العدة للهجوم على
المدينة المنورة ونبش قبر الرسول عليه الصلاة والسلام.
فقرر صلاح الدين تأديبه وجهز الجيوش والتقى الجمعان في حطين وكانت الهزيمة القاصمة
للصليبيين.
كان مجرد اعتداء عادي من صليبي حاقد لكن صلاح الدين حول المحنة إلى منحة وصنع
انتصارًا، ولماذا لا نحول محنة العدوان على الأقصى إلى شرارة لانتفاضة تقلب
الطاولة على رؤوس الصهاينة؟
إذن الخطوة الأولى والمطلوبة من الجميع، والتي يقدر
عليها الجميع هي العمل على الصعيد الإعلامي لاقناع الفلسطينيين والعرب والمسلمين
بضرورة التحرك من أجل الأقصى، وهذه خطوة قد تبدو بسيطة لكن بدونها لن نتحرك قيد
أنملة، هي الشرارة التي تشغل محرك التحرير.
بعد ذلك هنالك مسيرات نصرة الأقصى ونشاطات نصرة الأقصى
في الضفة الغربية، وهي تعاني من قلة المشاركين، وبإمكان أي فتاة المشاركة بها وأن
تدعو صديقاتها ومعارفها للمشاركة، والمتزوجة تضغط على زوجها لكي يشارك.
المظاهرات في الضفة ليست مجرد تعبير عن تضامن أو تعبير
عن عواطف داخل النفس، بل هي جزء لا يتجزء من العمل المقاوم، فالمقاومة وبالأخص
المقاومة الشعبية لها آليات معقدة لكي تعمل وتنتج عمليات وإثخان بالعدو.
المقاومة الشعبية لا تعمل بكبسة زر، وليست مثل جيش
القسام في غزة تأتيه الأوامر الآن وفي الليل تبدأ الصواريخ بالنزول على تل أبيب،
هي تحتاج إلى أجواء وإلى طقوس تحفز الشباب وتعطيهم غطاء أمني يتحركوا من خلالها
وتهيئ المجتمع.
ولولا أن هذه المسيرات تؤذي الاحتلال لما قمعتها السلطة،
ولتتذكر كل فتاة أن أي نشاط تقمعه السلطة فمعناه أنه عمل مقاوم حقيقي، وليس من
السهل أن تقف الفتاة في مثل هذا الموقف، وتعرض نفسها للخطر، لهذا فأنا اعتبره عمل
إيجابي وليس مجرد تضامن يقوم به أي شخص.
هذا فعل مقاوم مكتمل الأركان: يؤثر في العدو، ويسهل على
الأشكال الأكثر عنفًا من المقاومة، ويترتب عليه ثمن لا يستطيعه كل الناس.
وفي حال كانت الفتاة في منطقة ميتة فارغة من هذه
النشاطات، فدورها أن تضغط وتطالب على قيادتها في الكتلة أو المسجد، وتتساءل أين
دورنا نحن، وإن كان لها دور في صناعة القرار على مستوى المسجد أو الجامعة أو
القرية فلتضغط بهذا الاتجاه.
وأذكر هنا أنه في الثمانينات كان أغلب قادة الإخوان في
الضفة وغزة يتحفظون من دخول العمل المقاوم، ظنًا منهم أن الوقت لم يحن بعد ويجب
التجهيز ويجب التربية، والذي دفعهم باتجاه المقاومة هو ضغوط شباب الإخوان والذين
لم يقبلوا بالأمر الواقع واستمرت مطالبتهم وضغوطهم إلى أن انتجت حركة حماس.
إلى جانب ما سبق هنالك النشاطات "السلمية" مثل
حملات المقاطعة للبضاعة الإسرائيلية وغيرها، رغم أنها لا ترقى إلى المطلوب، لكنها
ما لا يدرك كله لا يترك جله.
وأخيرًا هنالك العمل المقاوم المسلح الذي هو أعلى درجة
من التظاهر والعمل الإعلامي، فهذا قد لا يكون ملائمًا في أغلب أدواره للفتاة بسبب
تكوينها الجسدي، وبرأيي فهو لا يناقش على الانترنت، كونه مراقب ومرصود بدرجة تفوق
أي تصور، والثرثرة به على الانترنت له تبعات خطيرة.
لذلك اكتفي بنصيحة (وهي للشبان والشابات) أن لا تثقوا
بالعمل المسلح الذي ينظم من خلال الانترنت، ولا تتعاملوا مطلقًا مع أناس لا توجد
لكم بهم معرفة شخصية (خارج العالم الافتراضي)، ومعرفة وثيقة وقديمة، مهما طالت
لحاهم أو ترطب لسانهم بذكر الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق