ورقة تعويضات رسمية لمستوطن كتب عليها سبب الأضرار: انتفاضة 2014 |
تظهر الصور الثلاثة المرفقة ما يحرص قادة الاحتلال على
نفي وجوده؛ أي الانتفاضة (على الأقل ينفون وجودها بتصريحاتهم العلنية):
الصورة الأولى تقرير لشرطة الاحتلال قدمته لمستوطن تعرض للرشق
بالحجارة شمال رام الله، لكي يحصل على تعويضات مقابل الأضرار التي لحقت بسيارته،
وكتب الشرطي في سبب الأضرار (انتفاضة 2014م).
آلية تابعة للجيش في العيسوية |
الصورة الثانية آلية لجيش الاحتلال في العيسوية والثالثة آلية
أخرى لجيش الاحتلال في صور باهر، ويمكن تمييزهما بسهولة من النمرة السوداء اللون
(بينما آليات الشرطة وحرس الحدود تحمل النمر الحمراء) ولهذا دلالاته الهامة.
آلية للجيش في صور باهر |
فأصحاب القرار بحكومة الاحتلال وبالأخص وزير الحرب
يعالون يرفضون إرسال الجيش إلى القدس، لأن معنى ذلك أن الوضع في القدس خارج عن
سيطرة الاحتلال، وأي دولة التي لا تسيطر على "عاصمتها"؟ هذا غير موجود
إلا في دول مثل سوريا أو العراق.
لذلك يحرص قادة الاحتلال على أن لا يقبلوا بإرسال الجيش
إلى القدس، لكن الصور تثبت الاستعانة بقوات الجيش، وإن كان البعض فسر وجودها بأنها
آليات تنقل عناصر فرع جهاز الشاباك المسؤول عن الضفة الغربية والذين يتنقلون
بآليات الجيش، لكن استعانتهم بفرع الشاباك بالضفة يعني أيضًا فقدانهم السيطرة.
طبعًا يضاف إلى تلك الأدلة عناوين الصحافة العبرية
والمقالات وما يتداوله الإعلام والمستوطنون الصهاينة أن ما يحصل هو انتفاضة، وفوق
كل ذلك هنالك الأرقام التي تشير بكل وضوح إلى وجود قفزة كبيرة في المقاومة بالضفة
سواء: المقاومة الشعبية أو العمل المقاوم المسلح الفردي.
فلو عدنا إلى عام 2013م كان معدل المواجهات وأعمال
المقاومة الشعبية يتراوح بين 50 نقطة مواجهات شهريًا في الوضع الاعتيادي و100 نقطة
في أوقات التصعيد، بينما تغير الوضع منذ اختطاف المستوطنون الثلاثة في شهر حزيران
الماضي، وفي الفترة التي تلت حرب غزة نجد أنه في الوضع الاعتيادي هنالك حوالي 100
- 130 نقطة مواجهات أسبوعيًا (وليس شهريًا) وتصل إلى ما يقارب 200 نقطة أسبوعيًا
في أوقات التصعيد.
بمعنى آخر نتكلم عن ازدياد المواجهات وعمليات المقاومة
الشعبية بنسبة 4 إلى 5 أضعاف مقارنة بالفترة التي سبقت خطف المستوطنين وحرب غزة،
كما نشهد في الشهر الأخير طفرة واضحة بعمليات المقاومة المسلحة الفردية، وعدد
القتلى الصهاينة في الشهر الحالي يزيد عن مجموع ما قتلوا خلال عامي 2012م و2013م
مجتمعين.
وهنالك مؤشرات عديدة أخرى مثل ازدياد أعداد الشهداء
والمعتقلين؛ فقد وصل عدد شهداء الضفة عام 2013م إلى 42 شهيد، مقابل 64 شهيد في
2014م (الذي لم ينتهي بعد)، أما الأسرى فقد وصل عددهم بعد صفقة شاليط إلى 4500
أسير واليوم ارتفع إلى ما يقارب الـ7000 أسير، وهذا يدل على زيادة كبيرة في العمل
المقاوم.
طبعًا الانتفاضة التي نعيشها لا تشبه الانتفاضة الأولى
فالتفاعل الشعبي معها أقل بكثير، وهذا يعود لسببين: خروج الاحتلال من أماكن
الكثافة السكانية الفلسطينية، ورفض حركة فتح المشاركة في موجة المقاومة الحالية
(وهي لها وزن جماهيري كبير)، لكن مستوى العمليات ضد الاحتلال أعنف وأقوى وتوقع
خسائر أكبر.
وهي لا تشبه الانتفاضة الثانية (الأقصى) كونها ما زالت
تفتقر للعمليات المسلحة المنظمة، وخاصة العمليات الاستشهادية وإطلاق النار (يوجد
إطلاق نار لكن بوتيرة منخفضة وغير ثابتة).
فهي انتفاضة بوتيرة منخفضة (تشبه الطبخ على نار هادئة)
وهذا ليس سيئًا كما قد يبدو للوهلة الأولى، لأن هذه الوتيرة المنخفضة لا تستنزف
طاقات المقاومة بشكل كامل، وتعطي الانتفاضة الإمكانية للديمومة والاستمرارية
لفترات طويلة.
وهذا ضروري في ظل أن المحيط العربي لا يساعد، ولن يتدخل
لدعم المقاومة في الضفة، فليس من الحكمة خوض مواجهة عنيفة (تكرار ما حصل عامي
2001م و2002م) يستفرد فيها الاحتلال بالضفة ويعيد تدميرها من جديد.
انتفاضة على نار هادئة تقوم بالغرض المطلوب منها حاليًا،
وفي حال تغيرت الظروف أو طرأت حاجة للتصعيد فوقتها يكون كلام آخر.
والسؤال الذي يتبادر للذهن: ماذا سنستفيد من انتفاضة على
نار هادئة ما دام التصعيد أكثر ليس مطلوبًا وما دام الوضع العربي لا يساعد؟
هنالك ثلاثة أمور هامة تستدعي ذلك:
الأول: حتى نستنزف الاحتلال ونوقف تجذره في الأرض، فلو تركنا الاحتلال بدون مقاومة
فلن يبقى على حاله بل سيستولي على الأقصى ويزيد الاستيطان، وبالتالي ستصعب عملية
إزالته وربما في مرحلة معينة تصبح إزالته أمرًا مستحيلًا وتصبح فلسطين أندلس أخرى.
إن لم تكن قادرًا على اقتلاع الاحتلال فعلى الأقل فلتقم بتقليمه وتحجيمه.
إن لم تكن قادرًا على اقتلاع الاحتلال فعلى الأقل فلتقم بتقليمه وتحجيمه.
الثاني: حتى نحافظ على لياقة المقاومة في الضفة، بحيث عندما يستدعي الوضع العام
تصعيدًا قويًا تكون قادرة على ذلك، وقد رأينا أداء المقاومة في الضفة كيف لم يكن
بالمستوى المطلوب أثناء حرب غزة، بسبب حالة ترهل استمرت لسبع سنوات أو أكثر.
الثالث: الانتفاضة والمقاومة في الضفة تعطي دفعة للثورات العربية، وتقوي موقفها في
وجه الثورات المضادة، وبالتالي حتى نخلق بيئة عربية داعمة لفلسطين، يجب أن نساعدها
من خلال مقاومة الاحتلال.
ما ينقص الانتفاضة الحالية؟
وأخيرًا لا يعني كلامي أن الانتفاضة الحالية في وضعها
المثالي، هنالك عدة أمور تنقصها حتى نطمئن لوضعها:
أولًا: تحسين على مستوى الكم، وبالأخص على مستوى الانتشار الجغرافي، حيث ما زالت
مناطق في الضفة هادئة وخارج سياق الانتفاضة، وبالتحديد في شمال الضفة، فمن محور
حاجزي حوارة وبيت فوريك وشارع رقم55 (بين نابلس وقلقيلية) ونزولًا إلى مناطق وسط
وجنوب الضفة، هنالك بوادر انتفاضة لا يمكن إنكارها، لكن إلى الشمال من هذا المحور
هنالك حاجة للعمل عليه.
ثانيًا: تحسين على مستوى النوع، فما زالت وتيرة العمليات المسلحة غير ثابتة
والارتفاع في عمليات الطعن والدهس بالشهر الأخير بحاجة لتعزيز، أما عمليات إطلاق
النار والعبوات الناسفة فما زالت وتيرتها منخفضة وغير كافية.
ثالثًا: الاستمرارية فالعودة إلى المستويات السابقة من المقاومة والمقاومة الشعبية
يعني أنها كانت مجرد هبة شعبية (أو انتفاضة قصيرة العمر مثل انتفاضة النفق)،
وباعتقادي أن الشهرين القادمين حاسمين، فإن استمرت الوتيرة العالية الحالية رغم
الأحوال الجوية فهذا معناه أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة، ويمكن وقتها بكل ثقة أن
نقول أنها انتفاضة مكتملة الأركان، لكن بشكل مختلف عن الانتفاضتين السابقتين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق