قمع مسيرة نصرة الأقصى في نابلس بتاريخ 7/11/2014 |
كان بإمكان حماس في الضفة أن تلعن التنسيق الأمني وتلوم
لامبالاة عامة الناس بما يحصل في الأقصى،
وهذا أسهل الحلول.
وكان بإمكانها أن تقوم بانتفاضة كربلائية ضد السلطة
تستنزف خيرة شباب الحركة في تصرف انتحاري يقضي على وجود حماس بالضفة، لكن في
المقابل تنال تصفيق الرؤوس الحامية ومراهقي الفيسبوك.
إلا أنها اختارت الطريق الأصوب فهدفها هو تحريك الضفة
لتنتفض ضد الاحتلال، وهو هدف ليس بالسهل إطلاقًا، لكنها تحقق نجاحات لا بأس بها،
وتقدم لنا درسًا بالعمل التنظيمي تحت أسوأ الظروف على الإطلاق.
يمكن رصد منهجية في العمل مارستها الحركة في إضراب
الأسرى ثم حرب غزة واليوم في حراك الأقصى، وفي كل مرة يتحسن أداء الحركة.
تحريك الشارع يمر عبر عدة مراحل:
الأولى: التحريض الإعلامي.
الثانية: المظاهرات والمسيرات، رغم قلة التفاعل وتعرضها
لقمع السلطة لكنها تخرج.
الثالثة: يزداد التفاعل مع المسيرات، وتتجه للصدام مع
الاحتلال بالإضافة للصدام مع السلطة التي تسعى لمنع خروجها.
الرابعة: تبدأ فتح بمنافسة حماس جماهيريًا بعد أن عجزت
عن قمعها أمنيًا فتخرج بمظاهرات لنصرة الأقصى.
الخامسة: يتشجع عامة الناس وخاصة ممن لا ينتمون لأي تيار
عندما يرون التنظيمين الكبيرين يتنافسان لنصرة الأقصى ويصبح هنالك تفاعل شعبي أكبر.
السادسة: تصبح الأمور خارج سيطرة السلطة وتتوقف عن قمع
المقاومة الشعبية، لكن تبقي حبل الود مع الاحتلال، وتبقي التنسيق الأمني.
السابعة: انفلات الوضع نهائيًا وتصبح معركة المقاومة
والشعب ضد الاحتلال، والسلطة تخرج إلى قارعة الطريق.
في إضراب الأسرى وحرب غزة، كانت الأمور تتوقف عند
المرحلة السادسة، لكن هذه المرة الأمور مختلفة فلا يوجد عنوان واضح بيده قرار
الحرب والسلم يمكن الضغط عليه (في حرب غزة كان المئات يموتون يوميًا مما اضطر حماس
لوقف اطلاق النار، وفي اضراب الأسرى لم يكن بإمكانهم مواصلة الإضراب إلى ما لا نهاية).
وهكذا يمكن لحماس أن تهندس الانتفاضة القادمة على نار
هادئة وتقود الوضع الميداني نحو المرحلة السابعة، فالأقصى من حجر والحجر يتحمل
الانتظار حتى تنضج الأمور.
واليوم نحن نقف في المرحلة الرابعة في وسط وجنوب الضفة
الغربية، وفي المرحلة السادسة في القدس وضواحيها، بينما ما زال شمال الضفة في
المرحلة الثانية.
حماس تقود كل هذا الحراك رغم القمع والاعتقال والقتل
والشهداء والاحباط والحرب النفسية، والمهم أن نقدم لها كل المساندة، والأهم أن
نتعلم الدرس "كيف نفشل مخططات السلطة لوأد المقاومة دون ان ندخل في حرب
أهلية"، وهو ما تعلمنا أياه حماس في الضفة اليوم.
إصرار على الخروج الدائم رغم القمع - الصورة من الخليل |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق