الاثنين، 2 أكتوبر 2017

الشهيد نمر الجمل يخرج الاحتلال عن طوره


اتبع الاحتلال في انتفاضة القدس استراتيجية تقوم على ثلاثة ركائز أساسية:

الأولى: ملاحقة البيئة الحاضنة للمقاومة بقسوة متناهية في الشدة من هدم للمنازل ومصادرة للممتلكات والأموال ومنع التصاريح ومنع السفر والأحكام العالية للأسرى.

الثاني: إبقاء الإجراءات العقابية والتنكيلية بحدها الأدنى للناس العاديين، غير المنخرطين في السياسة أو العمل المقاوم، بحيث يشعرون بالفرق بينهم وبين أقارب وجيران وأصدقاء المقاومين.

الثالثة: الإبقاء على العلاقة الجيدة مع السلطة مهما حصل، والتنسيق الدائم في المواقف، ومراعاة ضعف السلطة أمام المجتمع الفلسطيني في بعض المواقف.

وهذا نتيجة درس تعلموه من انتفاضة الأقصى عندما دمروا مقرات الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، ومارسوا العقوبات الجماعية بصورة واسعة جدًا، مما أدى لانخراط أعداد متزايدة من الناس في المقاومة.

وهو تطبيق لتوصية الأجهزة الأمنية الصهيونية (وتحديدًا الجيش والشاباك)، ورغم أن أحزاب اليمين المتطرف في حكومة الاحتلال حاولت العودة للإجراءات الانتقامية الواسعة القديمة، إلا أن وزير الدفاع السابق يعلون وخليفته ليبرمان وقفا إلى جانب المؤسسة الأمنية الصهيونية في نظريتها هذه والتي أثبتت نجاعتها في عدم تفاقم وتصاعد انتفاضة القدس.

عملية الشهيد نمر الجمل ضربت هذه النظرية الأمنية في مقتل، فالشهيد هو من داخل الفئة غير المنخرطة، وحاصل على تصريح عمل، ونفذ العملية في حاجز يستخدم لخروج العمال إلى الكيان الصهيوني.

وجهة نظر الأجهزة الأمنية تقول أنه لا يجب تغيير شيء، وأن لكل قاعدة شواذ، وما قام به الشهيد ما زال ضمن المحتمل.

لكن الأحزاب اليمينة فرضت رأيها اليوم بقوة، واستطاع وزير الأمن الداخلي أردان اقناع ليبرمان بمخالفة رأي المؤسسة الأمنية، وفرض إغلاق على الضفة لمدة 11 يوم، طوال عيد المظلة اليهودي ابتداء من يوم الثلاثاء.

هذا العقاب الجماعي سيتأثر به الحاصلون على تصاريح، وليس المقاومون ولا بيئتهم الاجتماعية، فهم محرومون من دخول الكيان الصهيوني بإغلاق وبدونه.

لكن أولئك اللامبالين (كما تسميهم النظرية الأمنية الصهيونية) وهم يشكلون قطاع واسع من الشعب الفلسطيني، سيعاقبون رغم أنهم لم يفكروا بمقاومة الاحتلال، وهنا سنعود للمربع الأول وما كان يحصل في انتفاضة الأقصى والعقوبات الجماعية.

وسيبدأ الشباب بالتفكير بما أن الاحتلال يعاقبهم سواء سكتوا أم تكلموا، فلماذا الاستمرار بالسكوت؟

الأيام القادمة ستظهر لنا قدرة الاحتلال على التمسك بالنظرية الأمنية المطبقة منذ بداية انتفاضة القدس، ولا شك أن المزيد من عمليات المقاومة سوف تعلي صوت اليمين المتطرف ومزايداته على المؤسسة الأمنية الصهيونية، مما يقوض هذه النظرية الأمنية.


حتى الآن يتمسك الاحتلال بعلاقته مع أمن السلطة، لكن العقوبات الجماعية ستزيد من الغضب الفلسطيني والانخراط في مقاومة الاحتلال.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ما يغضب الاحتلال أكثر هو أن المقاوم الفردي لديه القدرة على دراسة وضع الحواجز وطرق التفتيش النمطية مرات عديدة، قبل حمل السلاح وتنفيذ العملية، بينما على جنود الاحتلال الحذر الدائم وإعادة التفتيش كل مرة، فإما أن يتعبوا ويتراخوا بعد فترة فيأتيهم المقاوم من مأمنهم، وإما أن يكتشف نقطة ضعف في عمليات التفتيش فيستغلها.