الثلاثاء، 22 مايو 2012

شعار التضامن مع الأسرى وعلاقته بالماسونية!!



ظهرت في الأيام الأخيرة لإضراب الأسرى على صفحات الفيسبوك والمنتديات صورة رمزية للتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام، ولعبت دورًا هامًا في تعريف الناس على قضية إضرابهم وإعطاء التضامن معهم زخمًا شعبيًا ساهم ولو بالقليل بتحقيق مطالبهم العادلة.

وترافق مع عملية نشر الصورة الرمزية حملة مضادة، محورها أنّ الصورة الرمزية هي من صنع الماسونية العالمية!! وقرأت العديد من الرسائل مجهولة الأصل التي انتشرت عبر الفيسبوك والإيميلات والمنتديات تتكلم عن الأدلة العديدة والتي "تثبت" أن الصورة الرمزية هي من صنيع الماسونية العالمية.

اختلفت تأويلات هذه الرسائل والمواضيع حول هدف الماسونية من فعلتها هذه، لكن هذا ليس مهمًا فالمهم هو وصم الصورة بالماسونية، واختلفت بطرح أدلتها وعلى رغم كثرتها إلا أنه ثبت تهالكها وعدم مصداقيتها كما سنبين بعد قليل.


يمكن تلخيص أدلتهم بثلاث نقاط (وهي تشمل جميع عناصر الصورة!!): لون اللباس الذي يلبسه الأسير، والكتابة بالعبرية على اللباس، والوجه المجهول للأسير والمغطى بقطعة من قماش.

اللون البني حسب قولهم هو لون القمصان التي كان يلبسها النشطاء النازيون (ولا أدري صحة هذه المعلومة)، والهدف من استخدام اللون هو تصوير الأسرى على أنهم نازيون!! حسنًا نقول لهم: صح النوم، هذا اللون يلبسه الأسرى الفلسطينيون طوال عقود مرت، ومصمم الصورة أراد محاكاة اللباس الذي يلبسونه كما هو تمامًا بلونه وبالكتابة عليه!!

أمّا الكتابة بالعبرية فوجدت لها تفسيرات عجيبة غريبة، مثل من قال أنّ الهدف منها تعويدنا على اللغة العبرية وأنها شكل من أشكال التطبيع، ومن قال أن كلمة شاباس معناها بالعبرية "بين الناس" وأنّ الماسونيين يريدون أن يقولوا لنا من خلال هذه الكلمة أنهم موجودون بين الناس في كل مكان!! ما أوسع خيالهم (يصلح لأفلام الخيال العلمي).

شاباس هي اختصار باللغة العبرية لجملة "مصلحة السجون" (شريوت بيت سوهر)، وهم يضعونها كالختم على صدر كل أسير، حتى يبقى يتذكر أنه بقبضة مصلحة سجون الكيان الصهيوني، كلما خرج إلى العيادة وكلما خرج لزيارة أهله وكلما خرج في نقلية (البوسطة) وكلما خرج إلى المحكمة، وهي المواقف التي يجبرون فيها على لبس هذا اللباس فيها!! كما يجبرون على لبسه عندما يأتي مسؤول لزيارة السجن!!

أما الاعتراض على الوجه المجهول المغطى العينين فلأنه حسب زعمهم يدل على أهداف الماسونية في تحويل الشعوب والأمم إلى قطعان لا ترى إلا ما يريه لهم الماسونيين (قلت لكم الجماعة يصلحون لكتابة أفلام الخيال العلمي)، أول ما يقتاد الأسير إلى سجنه عند "القبض عليه" تغطى عينيه، وحتى داخل السجن فإنّه بالرغم من عدم تغمية عيون الأسير فإن الشبابيك إما أنها تكون مغلقة بالكامل أو يكون عليها شبك لكن على بعد متر أو متر ونصف منها يصادف نظر الأسير جدار أصم، فيكون الأسير بذلك أعمى لا يرى من العالم الخارجي إلا ما يريه إياه السجان.


الأغرب والأعجب من هذه التأويلات والتفسيرات هو أنّ أصحابها استفزهم اللون البني واستفزتهم اللغة العبرية واستفزهم رباط العينين على الصورة لكن لم تستفزهم هذه الأمور على أجساد الأسرى!! لم يستفزهم أنّ الأسرى يلبسون هذا اللباس القبيح وبشكل دائم ومستمر!! وكأنهم يقولون لينكل الصهاينة بالأسرى لكن لا تزعجونا ولا تذكرونا بما يحصل معهم (واستحضر هنا قصيدة مظفر النواب "القدس عروس عروبتكم").

عندما قمت مثلي مثل الآلاف غيري بتغيير الصورة الرمزية إلى شعار الأسرى المضربين عن الطعام، فقد كان ذلك نابعًا من رغبتنا في الشعور بمعاناة أولئك الأسرى ولنتذكرهم كلما دخلنا الانترنت لنمارس حياتنا الطبيعية، فيما هم محرومون منها إلا اللحظات التي يستطيعون اختلاسها على الأجهزة الخليوية التي استطاعوا تهريبها إلى داخل السجون ودفعوا مقابلها معاناة وتنكيل السجان، فحملات التفتيش المستمرة في السجون بحثًا عن الجوالات هي لوحدها معاناة لا توصف، لو عايشها الكثير منا لحرموا على أنفسهم استخدام الجوالات والإنترنت.

ويعلم الله أني كرهت اللون البني ومشتقاته منذ زمن ليس لشيء إلا لأنه يذكرني بلباس السجون، مع ذلك وضعته صورة رمزية (وهي المرة الأولى التي أضع في منتدى صورة رمزية) لأن هذا أقل ما يمكن أن أقدمه للأسرى الأبطال، وسيبقى صورتي الرمزية حتى تحل قضيتهم بإذن واحد أحد.

وأخيرًا أتساءل لماذا اختفت هذه الحملة فور انتهاء إضراب الأسرى؟ مع أنه ما زال المئات (مثلي) يضعون هذه الشعارات "الماسونية"؟ لماذا لم نعد نرى من يحاول إقناعنا بأننا نسير على خطى الماسونية الضالة؟ أمّ أنّ المطلوب كان تشتيت حملة التعاطف الشعبية مع الأسرى، وبعد انتهائها بحكم انتهاء إضراب الأسرى أصبح لا لزوم لها؟

هناك تعليقان (2):

أقمار الدياجي يقول...

لم أعلم بهذه الرسائل غير أن أخت لي ناقشتني بفكرة الكلمة العبرية والغماض على العينين متخذة الأدلة التي سقتموها أخانا الكريم ، وما كان ردي إلا بما ذكرتم ، فالأمر حقا أشبه بخيال الأطفال حتى أنه لم يرقَ إلى مستوى العلمي !
كثير منا يندفع وراء الشبهات حتى يوشك ان يقع بها ولولا وجود هذه السمة في كثيرين لما تمكن منا أعداءنا ، فالأمر ببساطة يحتاج الى " وعي " وهذا ما يندر أسفا .

ياسين عز الدين يقول...

يبدو أن صديقتك قد قرأت هذا الكلام، أو أن أحدًا قرأه ونقله لها.
هنالك جمهور واسع لمثل هذه القصص في مجتمعاتنا بكل أسف.
شكرًا على مرورك وإثراءك.