الأربعاء، 9 مايو 2012

تعلموا تجميل صورة الاحتلال من وكالة وفا













فيما تحجم السلطة في رام الله عن المجاهرة بامتعاضها من التحركات الشعبية المساندة للأسرى المضربين عن الطعام وما قد يسببه ذلك من تفجير للوضع على الأرض مع الاحتلال الصهيوني وبما يعطل استحقاقات الدولة الموعودة، فإننا نلمس من وسائل الإعلام التابعة لها محاولات عديدة لإجهاض التعاطف الشعبي من خلال وسائل عدة.

فابتداءً بوكالة معًا التي أبدت يوم أمس الثلاثاء اهتمامًا أكبر بالجلطة التي أصابت كبير المستكشفين من الاهتمام بإضراب الأسرى المتواصل، وانتهاء بوكالة وفا والتي من المفترض أنها وكالة رسمية وتمثل كافة الشعب الفلسطيني وليست مؤسسة حزبية أو حتى صهيونية كما رأينا بالخبر الذي نشرته اليوم.


يقول الخبر (والذي أرفق صورة عنه) أنّ الكنيست الصهيوني صادق على مشروع قانون يحسن من ظروف السجناء بمن فيهم الأسرى، وحرصت في متن الخبر على الاستشهاد بكلام لعضو كنيست من أقصى اليسار "المتعاطف" مع الشعب الفلسطيني وهو دوف حنين والذي "أهدى القانون" إلى الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام.

تحاول وكالة وفا من خلال هذه الصياغة المجتزأة الإيهام بأن الاحتلال قد استجاب لطلبات الأسرى، وأنّ مشكلتهم في طريقها للحل، والرسالة المبطنة للجماهير: توقفوا عن الحراك الشعبي لأن مطالب الأسرى تحققت.

أولًا: من الضروري التوضيح بأنّ القانون لا علاقة له بالإضراب من قريب أو من بعيد، وهو مطروح للنقاش منذ عدة أشهر، ويتعلق بظروف حياة السجناء الجنائيين اليهود بالدرجة الأولى والأسرى الفلسطينيين من المقاومة جرى شملهم "نظريًا" بالقانون بالمعيّة.

ثانيًا: أغلب الامتيازات القديمة المقدمة للسجناء اليهود، يحرم منها الأسرى الفلسطينيون، حيث أنّ قوانين الاحتلال تتيح لمصلحة السجون وأجهزة المخابرات حرمان الأسرى منها لدواعي أمنية أو دواعي معاقبتهم، فهي امتيازات يمن به الكيان على السجين وليست حقًا له.

فإن كانت الامتيازات القديمة محرومًا منها الأسير الفلسطيني، فبكل سهولة يمكن حرمانه من الامتيازات الجديدة، الحقوق الوحيدة التي يعترف بها الكيان هي الحقوق التي تمنحها أمريكا (بوصفها مثل الكيان الصهيوني الأعلى) للمعتقلين السياسيين في غوانتانمو وما يزيد عن ذلك فهو منّة من الصهاينة على الأسرى الفلسطينيين.

ثالثًا: أغلب ما تم إقراره في القانون لا يمت بصلة لمطالب الأسرى التي بدأوا الإضراب من أجلها، مثل عدم إرغام الأسرى على النوم على الأرض، أو حصولهم على كميات غذاء مناسبة (كأنهم خرفان للتسمين).

رابعًا: اليسار الصهيوني في الكنيست وزنه هامشي ولا اعتبار له أو لتصريحاته، واليمين المهيمن على الكنيست من المستحيل أن يقبل قوانين تخدم الأسرى الفلسطينيين، ولنا أن نستذكر هنا مقولة وزير الأمن الداخلي الصهيوني عندما بدأ الأسرى إضراب عام 2004م بأنه لن يستجيب لمطالبهم حتى لو ماتوا كلهم.

وكالة وفا مثلها مثل السلطة تريد من الأسرى إنهاء إضرابهم مقابل الوعود المضحكة التي قدمتها لجنة "جباي" المكلفة بالتفاوض مع الأسرى، مثل إعادة "قناة روتانا سينما" للأسرى، أو إيكال ملفات الأسرى المعزولين إلى لجنة تشكلها مصلحة السجون (لمين تشتكي إذا غريمك القاضي).

هنالك من يقول أن السلطة وحركة فتح لا تهتم بالإضراب لأنه من تنظيم أسرى حماس، ويتعلق أساسًا بالأسرى المعزولين، حيث أنه من بين 19 أسيرًا معزولًا هنالك أسير واحد فقط من فتح، و15 من حماس، واثنين من الجبهة الشعبية، وواحد من الجهاد الإسلامي.

وهنالك من يقول أنّ الأمر أكبر من ذلك، وأن هنالك ضغوطًا حقيقية من قبل الاحتلال على السلطة من أجل وقف الحراك الشعبي المؤيد للأسرى، وأنّ السلطة تواجه الحراك الشعبي بما هو أكثر من التجاهل والتثبيط الإعلامي، مثلما حصل في رام الله (في 5/5) عندما لوحق عدد من نشطاء حماس والكتلة الإسلامية بسبب مشاركتهم في المواجهات مع الاحتلال الصهيوني عند سجن عوفر وفي مسيرة حاشدة تضامنًا مع الأسرى جابت شوارع المدينة.

بغض النظر عن نوايا السلطة تجاه الحراك الشعبي ورغبتها في إبقائه تحت السيطرة وعدم تطوره إلى صدام شامل مع الاحتلال، فوكالة وفا قدمت لنا نموذجًا في تجميل صورة الاحتلال، عندما قدمت لجمهور قرائها ومتابعيها خبر عادي عن قانون يخص السجناء الجنائيين اليهود على أنه انجاز مقدم للأسرى الفلسطينيين.

إذا كان للصهاينة أعداء مثل وكالة وفا، فلا حاجة لهم بالأصدقاء.

ليست هناك تعليقات: