يظهر الفيديو أعلاه مبادرة لرجل سعودي من أجل تشجيع القراءة في القطارات، حيث كان يشتري الكتب وينتقيها ويوزعها في القطار على الأطفال من أجل تشجيعهم على المطالعة والقراءة.
واختيار القطارات جاء من أن الناس يمضون فيها
ساعات طويلة دون أن يوجد شيء كثير يشغلهم، وبدلًا من أن يبددوا وقتهم وهم ينتظرون
وصولهم إلى المحطة النهائية لهم، فليشغلوا أنفسهم بما هو مفيد.
مشروع بسيط وغير مكلف، لكنه يترك أثرًا في
المجتمع، فكم معلومة يقرؤها الناس ويستفيدون منها؟ وكم من الأطفال يصبحون من محبي
القراءة (وقد يقودهم هذا للتفوق المدرسي) بعد قراءتهم لقصة مسلية أو كتاب ملون
جميل؟
وليسأل كل منا هل يمكن أن أترك أثرًا في
المجتمع؟ أم أكون مجرد عابر سبيل يأكل وينام ويخرج من هذه الدنيا دون أن يترك
بصماته على من حوله؟ الأمر ليس بحاجة لدولة ولا مؤسسات خيرية ولا أحزاب ولا
تنظيمات، بل ليسأل كل منا نفسه: كيف يمكن أن أترك أثرًا؟
ولنعد لمشروع تشجيع القراءة، كم من الأماكن التي
تذهبون إليها وتجدون فيها الناس ينتظرون والملل يأكل وجوههم، ماذا لو وجدوا شيئًا
يقرأونه ويشغلون به وقت الانتظار؟ وماذا لو كان هذا الشيء يحتوي على فائدة
يستفيدون منها لاحقًا؟
أنظروا حولكم في عيادات الأطباء ومحلات الحلاقة
وقاعات الانتظار بالبنوك والحافلات، في بعض هذه الأماكن قد تجد صحيفة أو مجلة
للتسلية وقد لا تجد، وقد تجد نفس المجلة التي قرأتها قبل شهرين عندما زرت نفس
الطبيب أو الحلاق، وقد تحفظها عن غيب، ليس لفائدتها أو روعتها بل لأنك لا تجد
سواها لتقرأه (والملل يفعل أكثر من ذلك).
ألا يمكننا أن نقوم بتوزيع كتب نختارها ونشتريها
على هذه الأماكن؟ لا يحتاج الأمر لا لتأسيس جمعية ولا لميزانيات، فقط تحتاج
لمبادرة ذاتية، يمكن لنا أن ندّخر بعض المال ونشتري به مجموعة صغيرة من الكتب ثم
نذهب إلى الطبيب الذي نتردد عليه دومًا أو الحلاق ونقدمه له، ونقول هذه من أجل
الزبائن، وبكل تأكيد لن يعارض.
وحتى نشجع الآخرين على الاقتداء بنا، يمكن أن
نطلق على مبادرتنا اسم مشروع، مثل "مشروع إقرأ" ونصمم لها شعارًا ونضعه
على الغلاف الداخلي مع تعريف بفكرة المشروع، فعندما يرى الآخرون أن هذا جزء من مبادرة
فردية فسيتشجع البعض ويكرر المبادرة، وهكذا تنتشر الفكرة، وبدلًا من أن تأخذ أجر
توزيع بضع كتب على أماكن محدودة ستنال أجر كل من تأثر بفكرتك وعمل بها.
أنت تساعد الناس بتمضية أوقاتهم بما هو مفيد،
وأنت تأخذ أجر كل فائدة يحصلوا عليها، وكما أنك تساهم بتسليتهم بدلًا من تركهم
يتأففون من طول الانتظار ومن أن يقضوا وقتهم وهم ينظرون إلى ساعاتهم أو يتأملون
السقف والشقوق في الحائط.
أنت تساهم بالتغيير، وأنت تترك أثرك على الناس
وعلى حياتهم، صحيح سيكون أثرًا بسيط لكن عندما أقوم أنا بمثل هذا المشروع، وتقوم
أنت بمثله، ويقوم صديقنا بمثله، وغيرنا الكثير، فسيتراكم الأثر وبدلًا من أن نبكي ونتباكى
على أمتنا التي لا تقرأ، نكون قد أسهمنا بإشعال شمعة تنير الظلام، وساعدنا بنشر
عادة القراءة في المجتمع.
مع الوقت ستجد من كان يكره الكتب مغرمًا بها،
طبعًا ليس الكل سيصبح هكذا لكن البعض على الأكيد، ومع مزيد من الوقت سيزداد وعي
المجتمع وسنساهم بنشوء حضارة متقدمة، ومع مزيد من الوقت ستصبح أمتنا في مقدمة
الأمم، طبعًا ليس كتابك وحده ما سيفعل ذلك، بل هي المبادرة الذاتية التي يقوم بها
الجميع.
عندما يشعر كل منا أن عليه واجبًا تجاه مجتمعه
الذي يعيش به، وأنه مسؤول عن مهمة الارتقاء بهذا المجتمع، وأنه مكلف بالقيام بعمل
ليغير ما حوله نحو الأفضل، فعندها ستتغير أحوالنا إلى الأفضل، وهذا واقع الحال في
أكثر الدول تقدمًا فبالرغم من وجود دولة غنية قادرة على الإنفاق إلا أن هنالك حركة
عمل تطوعي واسعة تقوم على رفعة المجتمع ومساعدة الدولة على خدمة الشعب (وربما
منافستها في بعض الحالات).
الجميل بمثل هذه المشاريع البسيطة أن كل واحد
يستطيع القيام بها، وأنك تكون سيد نفسك وتستطيع أن تحدد ما هي الكتب المهمة وما هي
الكتب غير المهمة، لا يوجد إملاءات من أعلى ولا يوجد قيود، أنت تخطط وتقرر وتنفذ،
وإن كنت مميزًا اقتدى بك الآخرون، وعندما يقوم بمثل هذه المشاريع البسيطة عدد كبير
من الأشخاص فسنرى المجتمع يتحرك إلى الأمام وسنرى حياة الناس تتغير.
كن أنت المبادر، فلتكن من رواد التغيير، فلتكن
صاحب بصمة، لا تدع حياتك تمر بدون أن تترك أثرًا طيبًا.
هناك تعليق واحد:
بارك الله فيكم أخي الكريم ياسين على هذه الخطوة الفعالة والإلتفاتة المهمة
حقا كم من الوقت يهدر أو يقتل في صلالات الإنتظار بدل أن نحييه بقراءة كتب نستفيذ منها ونفيد غيرنا قد تكوت كتب دينية أو علمية أو خاصة بتربية الأطفال أو حتى قصص قصيرة تحمل رسالة ذات معان عالية كقصص الأنبياء مثلا..
وفي مدرسة بنتي حثهم المعلمة على جلب قصة قصيرة ذات هدف جليل والقسم فيه تقريبا 37 فكل واحد أحظر قصة حتى تجمع عدد كبير من القصص يتناوبنون عليها ويستفيدون من قراءتها جميعا رغم أن كل واحد جلب قصة واحدة..
وفي القطارات رأيت برنامجا عن اليابان كيف أنهم لا يملون من القراءة فالكتاب صار صديقهم وأنيسهم وهم دائبون على زيارة معارض الكتب العالمية فيلقون عليها نظرة وبعدها يعملون على ترجمتها حتى يستفيدوا منها..
لكن نحن مع إرتفاع نسبة الأمية بات الكثير يقتلون أوقاتهم بمجالس الغيبة والنميمة بدل القراءة والإستفادة ..
شكر الله لكم إهتمامكم وجزاكم الله ألف خير
إرسال تعليق