الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

تحسن العلاقات بين النظام الأردني وحماس: تقارب حقيقي أم مناورات تكتيكية؟


شهدت العلاقات بين النظام الأردني وحماس تقارباً في الآونة الأخيرة، بلغت ذروتها بتصريح رئيس الوزراء الأردني عوني الخصاونة بأن قرار إبعاد قادة حماس كان خطأ سياسي ودستوري، والكلام عن ترتيب لزيارة خالد مشعل إلى الأردن بعيد عيد الأضحى وبحث إعادة فتح مكتب الحركة في عمان.


وسبقتها إشارات عدة ابتداءً من زيارة وزير الصحة في حكومة غزة إلى عمان بدعوة من نقابات مهنية، والسماح بزيارة خالد مشعل لعمان من أجل الإطمئنان على والدته المريضة، وزيارة محمد نزال واتصال إسماعيل هنية برئيس الوزراء الأردني بعد صفقة التبادل واتصال وزير الاتصالات في حكومة غزة بنظيره الأردني.


أدت هذه الأجواء إلى تفاؤل بعض الكتاب المحسوبين على الحركة مثل الدكتور مصطفى اللداوي بإمكانية عودة حركة حماس إلى الأردن وإعادة افتتاح مكتبها، بالرغم من تأكيد مصادر حكومية أردنية أن التحسن لا يعني إعادة افتتاح المكتب، فهل هذا التفاؤل في مكانه؟ وهل ما يقوم به النظام يعبر عن تغير حقيقي في الموقف من حركة حماس أم أنها ليست أكثر من مناورة تكتيكية؟ ولماذا حصل التغير في هذا الوقت تحديداً؟


لو رجعنا إلى السبب الأساسي والحقيقي لطرد حماس من الأردن وهو الحرج الذي كانت تتسبب به الحركة ونشاطها داخل الأردن للنظام أمام الكيان الصهيوني، فالنظام الأردني استجاب للضغوط الأمريكية والصهيونية التي تراكمت منذ مؤتمر شرم الشيخ عام 1996م الذي صنف حماس على أنها تنظيم إرهابي، وبعد وفاة الملك حسين استغلت أمريكا ضعف الملك الجديد لتمرر قرار الطرد.


وتصاعدت بعد ذلك الحملة الأمريكية ضد حركة حماس، وخصوصاً بعد أحداث أيلول 2001م وغزو العراق عام 2003م، إلى أن وصلت الأمور لإغلاق مكاتب حماس والجهاد في دمشق بتلك الفترة، والسؤال هنا: هل تغيرت المعادلة بما يخص الموقف الصهيو أمريكي تجاه حماس؟ هل رفعت الكيان الصهيوني الفيتو عن أي وجود لحماس في الأردن؟ أم أن النظام قرر المضي قدماً بتحسين العلاقة مع حماس بغض النظر عن التداعيات؟


وما هو سر تزامن خطوة التقارب مع تزايد الضغوط الشعبية على النظام الأردني؟ هل تعلم النظام الأردني الدرس ممن سبقوه وقرر البدء بمسيرة إصلاحية جدية وحقيقية؟ أم أنها مجرد مناورات لامتصاص الغضب؟ للأسف تجربتنا مع الأنظمة العربية تظهر أنها لا تتعلم من أخطاء غيرها (ولا حتى من أخطائها هي نفسها)، وتجربتنا مع النظام الأردني تظهر أنه يتبنى خطاباً وطنياً كلما أشتد الضغط الشعبي، شهدنا ذلك أثناء حرب الخليج الأولى والثانية، وأثناء حرب غزة، وبعد ذلك يعود إلى سيرته الأولى. هل ستكون هذه المرة الأمور مختلفة؟


يجب أن تحذر حركة حماس حتى لا تكون لعبة أخرى يلعبها النظام، مثلما فعل عندما ترك رئيس المخابرات العامة محمد الذهبي يمد الجسور مع الحركة، ثم ليعزله بعد ذلك وفي أسوأ الظروف وأحلكها أثناء حرب غزة، فهذا الغزل العلني قد لا يكون أكثر من محاولة لامتصاص الغضب المتنامي في الشارع الأردني، وربما يستخدم النظام هذا التقارب لإخافة الذين هم من أصول أردنية ويحرك أدواته المخابراتية من أجل بث الفتنة بين مكونات المجتمع الأردني.


قد يكون رئيس الوزراء الأردني جاداً في ما يطرحه، لكن هل القصر الملكي سيعطيه المجال للمضي قدماً؟ أم سيخلعه ويهمشه بعد أن يؤدي الدور المطلوب (تهدئة الشارع)؟ تلهف حماس على المصالحة مع النظام الأردني قد يكون سبباً في إطالة عمر النظام وتقويته في مواجهة التحركات الشعبية المتنامية، فهل ستقبل حماس بهذا الدور؟ ومقابل إنجازات قد تأتي وقد لا تأتي؟


قد لا يكون من الحكمة أن تقاطع حماس دعوات التقارب أو أن تظهر وجهاً عدائياً، لكن أيضاً ليس من الحكمة أن تظهر تلهفها وتحمسها لمصالحة قد لا تتم، وقد لا تكون أكثر من لعبة يلعبها النظام لكسب الوقت.


هناك 11 تعليقًا:

عمر يقول...

حركة حماس ليست بموقف قوة بسبب الأوضاع بسوريا وعليها التعامل بديبلومايسة مع النظام الأردني لأنه احتمال كبير أنها تحتاج اللجوء إليه هنا يكون الموضوع مشابه لسبب لجوءها الى سوريا تتنقل لمصالحها وليس للأنظمة والشعب الأردني بالتأكيد يتفهم ذالك

ياسين عز الدين يقول...

حماس تتعامل بديبلوماسية مع النظام الأردني ومنذ زمن طويل (وقبل الثورات العربية).

لكن برأيي هنالك تفاؤل مبالغ فيه، لأن النظام الأردني لم يغير تحالفاته الاستراتيجية لحد اللحظة. وأهم تحالف هو تحالفه مع أمريكا.

غير معرف يقول...

السلام عليكم -أخي الكريم يا سين رأيي من رأيكم أوافقكم الرأي فالحكومات العربية هي ونظمها الحالية لا تقة في كثير منها يعني متى كانت الأنظمة في صف حماس إلا في ما نذر فهذا فقط إمتصاص لغضب الشعب حتى تجتاز الأردن المرحلة الراهنة خصوصا وأن الوضع العربي اليوم مع التغيير الحاصل غير مستقروالأردن ليس بعيدة من الأحداث.وينبئ بتحولات كبيرة.. لكن في المقابل بقاء حماس في سوريا ونحن نعمل التحديات الله يكون في عونهم أقول بقاءهم هناك محرج أمام القتل اليومي والمذابح التي يشنها نظام الأسد يعني تأخذ هذا التقارب على نحو قد يساعدها مستقبلا إن هي فكرت في الخروج من سوريا -والله أعلم
ملاحضة أخي الكريم أريد أن أسجل بريدي الإكتروني هنافي مدونتكم حتى يصلني كل جديد لكن للأسف لم أتوصل للطريقة فأرجو إن أمكن أن أضع إميلي هنا لكن رجاءا ما إن تضيفه للمدونة حتى تحذفه و جزاكم الله خيرا

أم كوثر يقول...

أختكم في الله أم كوثر-كاتبة الرد أعلاه

ياسين عز الدين يقول...

حياك الله أختي أم كوثر. وكل عام وأنت بألف خير وعافية.

بالنسبة لمتابعة ما ينشر هنا تستطيعين وضع ايميلك بالمكان المخصص بآخر الصفحة، مكتوب هناك "للمتابعة من خلال الإيميل"، بحيث ترسل المدونة لك بشكل تلقائي كل ما ينشر هنا.

وأي خدمة أنا جاهز.

أم كوثر يقول...

حياكم الله أخي الكريم وكل عام وأنتم بألف خير
لقد ذهبت للمكان الذي أرشدتني إليه أسفل الصفحة أرجو أن يكون صحيحا وحطيت فيه الإميل بعد أن ضغطت على submit
أرجو أن يكون العمل صحيح أنا أعتذر لأنني أول مرة أتعامل مع النت لذلك أعجز عن فهم الكثير فيه
المهم إن لم تصلني على بريدي الإكتروني سأخبركم إن شاء الله
جزاكم الله خيرا

ياسين عز الدين يقول...

ما قمت به أختي صحيح، وإن شاء الله يصل لك كل جديد في الموقع.

لدي تعليق على ما كتبتيه في المشاركة الأولى فيما يتعلق بسوريا ووجود حماس في سوريا فالأمر أكبر من مجرد وجود المكتب السياسي ويتعلق بوجود اللاجئين أنفسهم وآلاف العناصر من حركة حماس سواء من أبناء مخيمات سوريا أو القادمين من الخارج لعدم وجود ملجأ آخر لهم.

هؤلاء الآلاف لا يمكن نقلهم من بلد لآخر بهذه السهولة، لذا تحرص حماس أن تبقى بعيدة عن ما يحصل في سوريا، وإن كان تعاطف الحركة والمقربين من الحركة مع الثورة واضحاً لكن يبقى موقف الحركة الرسمي هو الحياد لهذه الاعتبارات.

أما كتاب الحركة ومثقفيها ومؤيديها فكلهم مع الثورة ويخدمون الثورة بما يستطيعونه.

عمر يقول...

العلاقة بين حماس والنظام متوترة والموضوع ليس موضوع رفض حماس تأييد النظام هناك ملاحقة لعناصر من حماس ومنهم من فر الى تركيا

ياسين عز الدين يقول...

هذه معلومة أول مرة أسمعها وإن لا أستغرب حصول ذلك.

المهم الادراك أن موقف حماس المحايد يقتصر على الموقف الرسمي والعلني، فيما الأفراد والمواقف غير الرسمية بغالبيتها الساحقة هي متعاطفة مع الثورة السورية وتساعدها قدر الإمكان.

وقيادة الحركة تقدر أن بقاء هذه الثنائية (بين الموقف الرسمي وغير الرسمي) هو أهون الشرور في الوقت الراهن.

أم كوثر يقول...

جزاكم الله خيرا بالفعل وصلني إشعار من مدونتكم لإميلي وقامت بنتي بقرائة النص بارك الله فيكم وفي جهودكم.
أما بخصوص ما ذكرته أنا أوافقكم الرأي في أن حماس معذورة ولها الحق في النهج الذي تعاملت به مع الأحداث في سوريا ولها الحق في أن تتخذ هكذا مواقف لأن هناك لاجئين كثار في سوريا الله يكون في عونهم.وهذا النظام لا يرحم فقد نكل بالإنسان والجماد وحتى الحيوان أعزكم الله.وأنا أعرف مواقف الإخوة في حماس فهم قلباوقالبا مع الثورة لأنني عندي معارف إخوة وأخوات أكذوا لي ذلك لكن أنا قصدت في تحويل فقط المكتب السياسي لأن البعض يستغل كون وجود إخوة هناك فيتشبث بمقولة المؤامرة والتي ما فتئ النظام يرددها رغم أن بعض الإخوة فنّذ وجود الإخوة هناك لظّروف التي تحكم وقدر الله فوق كل شيئ.أما موقف الحركة الرسمي فالكل يحترمه والله يكون في عونهم ويرجعوا لفلسطين .لكن حسب ما فهمت التقارب الذي ينشده في الأردن يستثني المكتب السياسي لك أن تفهمني هذه النقطة يعني كيف ؟؟؟ يريدون فقط أشخاص لا عمل رغم أن المكتب سياسي فقط. وأخيرابارك الله فيكم وأعتذر عن الإطالة

ياسين عز الدين يقول...

حياك الله أختي.

بالنسبة لما هو واضح من موقف الحكومة الأردنية لحد الآن أنهم يريدون علاقات مع حماس لكن بدون استئناف الحركة لنشاطها العلني في الأردن لا فتح مكاتب ولا عودة القيادات البارزة.

فقط يريدون التعامل مع حكومة حماس في غزة والتنسيق مع الحركة عن بعد.

أتصور أن السبب هو عدم رغبتهم الصدام مع الاحتلال الصهيوني، وأي وجود علني لحماس في الأردن يستفز الصهاينة لأنه يعني التواصل مع حماس في الضفة ودعمها وتعزيز قوتها، وهذا خط أحمر لا يقبله الصهاينة.