الاثنين، 14 نوفمبر 2011

ماذا بعد فشل استحقاق أيلول؟


كان الوعد عندما ألقى محمود عباس خطابه الذي وصف بالتاريخي أن تكون المسألة بضعة أسابيع ونأخذ اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، وفي أسوأ الأحوال سيفشل المشروع بسبب الفيتو الأمريكي ووقتها سيكون الكيان الصهيوني وأمريكا وحدهم في مواجهة العالم وسيكون نصراً إعلامياً على الأقل.


لكن حصل ما هو أسوأ من ذلك وفشلت السلطة بالحصول على الأصوات التسعة اللازمة، وبالتالي تفادت أمريكا حرج استخدام الفيتو والظهور بمظهر الشرير المعادي للحق الفلسطيني، ومن المفارقات أن السلطة فشلت بالحصول على الصوت البوسني (والتاسع في مجلس الأمن) بسبب فيتو العضو الصربي في مجلس الرئاسة البوسني، بالرغم من أن الدولة الصربية الأم هي عدوة تقليدية لأمريكا لكن صرب البوسنة هم حلفاء للصهاينة (وهو أمر طبيعي كون الطرفين مارسا التطهير العرقي في القرن الماضي).


ولم تكن السلطة لتفشل بحشد الأصوات اللازمة لولا الحملة الأمريكية المحمومة للضغط على أعضاء مجلس الأمن من أجل المعارضة أو الامتناع عن التصويت، وحجة أمريكا هي أن إعلان الدولة يجب أن تكون نتيجة لمفاوضات بين الكيان الصهيوني والسلطة وليس أمراً يفرض فرضاً على الكيان، وهذا يعني بكلام آخر أن الدولة يجب أن تخضع للمقاس الصهيوني وأن تدفع السلطة ثمن هذه الدولة "المسخ" من خلال التنازل عن ثوابت الشعب الفلسطيني.


وهذا يعني أيضاً أن تخوفات البعض من إعلان الدولة في الأمم المتحدة لم يكن مبرراً لأن الثمن الذي خافوا منه لم يكن سيدفع، فأمريكا لا تجرؤ على طلبه بهذه الطريقة الوقحة أمام المجتمع الدولي، فهي تريد الاستفراد بالسلطة وإعادة السلطة إلى المفاوضات العبثية التي لا يريدها الصهاينة سوى غطاءً لأعمالهم الاستيطانية وتهويد القدس والمسجد الأقصى وجرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.


والسؤال المطروح الآن أين ستذهب السلطة بعد هذا الفشل؟ هل ستتوجه إلى الجمعية وتقدم طلباً من أجل عضوية مراقب، وهو ما يعطيها بعض الامتيازات مثل التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية؟ علماً بأنها حققت نجاحاً عندما حصلت على عضوية اليونسكو بالرغم من الضغوط الأمريكية وردة الفعل الأمريكية والصهيونية العنيفة، والسلطة قادرة بسهولة على جمع الأغلبية اللازمة للتوجه إلى الجمعية العامة.


أم أنها ستعود إلى بيت الطاعة وتؤجل طلب العضوية إلى العام القادم بحجة أنه ربما تتغير تركيبة مجلس الأمن؟ لعل العقوبات الصهيونية بعد الانضمام إلى منظمة اليونسكو تنبه السلطة إلى أن الصدام مع الاحتلال الصهيوني هو أمر قادم لا محالة، مهما كانت السلطة سلمية ومسالمة إلا إن رفعت الراية البيضاء وقبلت بمطالب الاحتلال قبولاً غير مشروطاً، وعندها ربما أيضاً لن يرضى الصهاينة وسيفرضون مطالب جديدة.


فهل أعدت السلطة نفسها للمواجهة؟ ولا نقصد هنا المواجهة المسلحة لأنه من الواضح أنها خارج حساباتها، لكن مواجهة سياسية ومواجهة مواقف وقرارات، التغيرات في المحيط العربي وفي العالم يتيح للسلطة أن تدخل هذه المواجهات بدون أن يتكرر سيناريو حصار عرفات الذي حصل في ظرف مختلف تماماً، فهل تدرك السلطة هذه المعطيات أم أنها ما تزال تعيش في عقلية يوم سقوط بغداد عام 2003م؟


هل توجه محمود عباس للمصالحة مع حماس وبناء استراتيجية جديدة كما يردد مسؤولو السلطة في وسائل الإعلام يعبر عن سياسة جديدة أم أنها مجرد مناورة جديدة لتحصيل بعض المكاسب في لعبته التفاوضية المعتادة؟ وهل يريد أن يصنع سياسة جديدة حقاً بالتشاور مع حماس أم يريد من حماس مجرد ختماً مطاطياً للموافقة على قرارته المتخذة مسبقاً؟ هل قامت فتح بتهيئة عناصرها ومؤيديها لمرحلة جديدة في المواجهة مع الاحتلال قد تشمل التضييق المالي والاعتقال وإعادة الحواجز؟


نأمل أن لا تعيد السلطة إنتاج مناوراتها السابقة، ونأمل أن تعيد النظر جذرياً بسياساتها، ونأمل أن تتحدى الاحتلال في مسألة المستحقات المالية وأن لا تخضع كما خضعت سابقاً عندما أفشلت وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية بالإصرار على شخص سلام فياض بحجة أن تغييره سيؤدي لفرض عقوبات مالية على السلطة، أما الآن وقد فرضت هذه العقوبات المالية بسبب الانضمام لليونسكو فقد ذهبت الحجة وأصبحنا أمام واقع جديد.


نأمل أن تستمر السلطة بمعركة طلب العضوية وأن تتقدم بطلب عضوية المراقب، وأن تتحدى الاحتلال وأن تطلب من المجتمع الدولي التدخل لأجل منع الاحتلال من القرصنة والاستيلاء على أموال الضرائب الفلسطينية، عندها فقط يمكن أن نأمل من دول العالم أن تقف مع مطالب الشعب الفلسطيني، لكن لا يتأمل أحد أن تكون باقي دول العالم فلسطينية أكثر من الفلسطينيين.


هناك تعليقان (2):

أم كوثر يقول...

ما أخذ بالقوة أبدا لن يعود إلا بالقوة فمتى كانت المفاوضات مع المحتل هي السبيل لرد الحق والإستسلام أقصد مسلسل السلام يكون مع قوتين متكافئتين لا مع محتل وشعب تحت الإحتلال بدل من هذا كله والأهم منه أن يرجع عباس للبيت الفلسطيني ويرممه ويفّعل المصالحةويحافظ على تماسك النسيج الفلسطيني ويعلم أن الرهان الشعب وليس الإحتلال..فالغرب لن يعير المسلمين أي اهتمام وهو يراهم كتنافرين متناحرين السلطة طغت عليها الحسابات المادية عن هموم الوطن أصبحت هي والمحتل مسلطين على رقاب الشعب المنهك أصلا وما رغّب الإحتلال في سلطة تحته إلا ليفنّد مبدئه الذي عاش عليه مبدئ: فرق تسد فهي الآن تخدم مصالح المحتل علمت أم لم تعلم -ولا حول ولا قوة إلا بالله

ياسين عز الدين يقول...

كلام طيب أختي الفاضلة.

ارجو أن ندرك جميعنا هذه الحقيقة أن قوتنا في وحدتنا، حتى لو كنا من مشارب فكرية مختلفة.