الأحد، 15 أبريل 2012

النظام السعودي يصر على تكرار أخطاء النظام السوري



السعيد من اتعظ بغيره، والشقي من لم يتعظ إلا بنفسه، ويبدو أن النظام السعودي مصر على أن لا يكون من السعداء، ويسير على درب الأشقياء بكل إصرار وثقة، ومن المفارقات العجيبة أنّ النظام السعودي الذي يدافع عن حق الشعب السوري بأن يقول "ارحل ارحل يا بشار"، يضيق ذرعًا بمجرد نصيحة تقدم لرأس النظام السعودي.


آخر إبدعات النظام السعودي الحكم بسجن الداعية السعودي يوسف الأحمد لمدة خمس سنوات وتغريمه 100 ألف ريال، بتهمة "التأليب ضد ولاة الأمور والتحريض ضدهم" كما قال القاضي الذي أصدر الحكم، والذي أوضح لنا أن "أسلوب المناصحة" الذي استخدمه الداعية هو الذي حمل أركان الجريمة التي استوجبت السجن.


ما الفرق بين النظام السعودي ونظام الأسد الذي سجن طل الملوحي وحكم عليها بالسجن خمس سنوات بسبب مقالاتها التي رأى فيها تحريضًا للانقلاب على النظام البعثي؟



قد يظن البعض أن التأليب هو دعوته لحمل السلاح ضد النظام، أو تجنيده شبابًا ليقوموا بأعمال معادية للدولة، الجريمة وبكل بساطة أنه طلب من الملك عبد الله بن عبد العزيز مشكلة المعتقلين بدون محاكمة في سجون السعودية، وذلك من خلال فيديو نشر على اليوتيوب (يمكنكم مشاهدة الفيديو الذي سجن بسببه مرفقًا أعلاه)!!


لم يتهم بالكذب والتبلي على الملك، أي بمعنى آخر النظام يعترف بوجود معتقلين بدون محاكمة في سجونه، لكن من المحظور أن تذكر ذلك على العلن أو أن تحمل وزر وجودهم على رأس النظام لأن هذا فيه تأليب على ولي الأمر!!


رحمك الله يا عمر، عندما حكمت فعدلت فأمنت فنمت، أما الآخرون فلم يعدلوا ولم يأمنوا ويحسبون كل صيحة عليهم، إذا كان الكلام عن المعتقلين بدون محاكمة يحرض على النظام فهل المشكلة بمن يحتجزهم بدون محاكمة أم بمن يتكلم عن الأمر؟ رحم الله امرءً جب المغيبة عن نفسه.


وهل أهالي المظلومين وأقاربهم يجهلون الحقيقة وينتظرون من الداعية أن يقولها لهم؟ لو كان غسل الأدمغة والتغطية على الحقائق يفيد نظامًا لأفاد النظام السوري، فهو توأم النظام السعودي في غسل الأدمغة بل ويتفوق عليه في الكذب والدجل.


بالنسبة للداعية يوسف الأحمد له الكثير من المواقف المثيرة للجدل مثل دعوته لهدم وإعادة بناء المسجد الحرام من أجل الفصل بين الجنسين، أو تحريمه عمل المرأة، وهي فتاوى استغلها إعلام النظام من أجل التغطية على سوأة القرار، وربما تدفع الكثير للإحجام عن الاحتجاج على القرار.

وهنا يجب تقرير أمرين: الأول، لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، وإن اختلفنا مع الرجل بالرأي أو حتى كرهناه فلا يجوز أن نقبل بالظلم مهما كانت الاعتبارات، الثاني، الخطير ليس الحكم على داعية، بل هو مسوغ الحكم عليه، أي "المناصحة بطريقة تحمل التحريض على ولي الأمر".


وبكلام آخر لا تتكلم عن أي خطأ تراه، وإلا فمصيرك السجن، وهذا أسوأ من تهمة إطالة اللسان التي يسجن بسببها النشطاء في الأردن (طبعًا إطالة اللسان على الملك)، فإطالة اللسان قد تكون شتيمة وقد تكون الدعوة للإطاحة بالملك أو التمرد ضده، لكن الداعية يوسف الأحمد لم يشتم ولم يدع للإطاحة بالنظام، بل قد عارض الدعوات الصريحة للثورة على النظام السعودي.


كما تذكرنا قضية الأحمد بقضية الصحفي يوسف الشايب الذي سجنته سلطة رام الله لأنه كشف عن قيام سفارة فلسطين في فرنسا بابتزاز الطلبة الفلسطينيين ومحاولة إجبارهم على العمل لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة (يعني جواسيس ومخبرين)، ومثله كانت قضية الصحفية عصمت عبد الخالق التي سجنت بسبب تعليق كُتِبَ على صفحتها بالفيسبوك، وقبلها مجدولين حسونة التي لوحقت بتهمة تصوير اعتصام لمؤيدي حماس وسط مدينة نابلس!!


من الواضح أن النظام السعودي ومن يسير على دربه يتجاهل حقائق ودروس التاريخ، سيصطدم آجلًا أم عاجلًا بجدار من الغضب، وكل ما طال الأمد كلما كانت جرعة الغضب أكبر وأعنف (وله في نهاية القذافي عبرة لو كان أهل النظام من المعتبرين) وبكل تأكيد لن يفهم النظام إلا بعد فوات الأوان، هذا ما تخبرنا به أحكامه القضائية.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

شكرا مقال في الصميم
تحياتي لك من السعودية

ياسين عز الدين يقول...

شكرًا لك على مرورك ونسأل الله لكم الفرج والانتصار .