رغم الانتقادات والفضائح عودة قوية لنتنياهو |
رغم أن أغلب الأحزاب الصهيونية سواء في
عدائها للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، إلا أن فهم المشهد الصهيوني وتجاذباته
تتيح مجالًا لكي نستثمر نقاط ضعف عدونا بالطريقة الصحيحة.
تشير النتائج شبه النهائية إلى عدم وجود
تغيرات جوهرية في توزيع القوى السياسية داخل الكيان الصهيوني، وتقدم طفيف لمعسكر اليمين،
هنالك معسكران أساسيين: اليمين والأحزاب الدينية وسيحصل على ما بين 65 و67 مقعد
مقارنة بـ63 مقعد بالانتخابات السابقة، ومعسكر اليسار والوسط والقائمة العربية وسيحصل
على ما بين 53 و55 مقعد مقارنة بـ57 مقعد بالانتخابات السابقة.
التغيرات الحاصلة هي اضمحلال الوسط لصالح
اليسار، وتراجع المتدينين لصالح اليمين، وتقدم بسيط للقائمة العربية وحصولها على
المرتبة الثالثة لكن هذا لا يعني شيء فاليمين مسيطر وبقوة، والفلسطينيون دائمًا ما
يتم استثناؤهم من اتخاذ القرارات المصيرية بما فيه تشكيل الحكومة.
الاختلاف بين النتائج شبه النهائية واستطلاعات
الرأي يكمن في تقدم الأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب الأصغر، وتمكن الليكود من
جسر الفجوة التي كانت بينه وبين المعسكر الصهيوني وتقدمه بشكل واضح.
كما نلحظ أن اليمين تقدم رغم كثرة
الانشقاقات والفضائح والتي لولاها لاستطاع أن يحقق نصرًا كاسحًا في الانتخابات،
بينما لم تفلح جهود اليسار وتحالفاته مع الوسط وتحسين صورته بتقديمه مرشح رجل
(لأنه يبدو أن المجتمع الصهيوني لا يثق بالنساء – تسفي لفني وشيلي يحيموفتش)، كما
لم يستفد من تبنيه خطاب اليمين الصهيوني تجاه الفلسطينيين.
نجد في نهاية التحليل سرد للنتائج الأولية
بتفصيل أكثر ومقارنتها بالانتخابات السابقة، لكن الأسئلة المطروحة الآن هو ماذا
تعني هذه النتائج؟ وما هو شكل الحكومة المتوقع؟ وكيف يمكننا كفلسطينيين التعامل
معها؟
تداعيات النتائج:
نلحظ من النتائج تزايد الاستقطاب بين
اليمين واليسار الصهيونيين، وتراجع للحزب العلماني المتشدد "يش عتيد"
والمعادي للأحزاب الدينية، وتراجع مماثل للأحزاب الدينية.
يوجد عدة ملفات خلافية داخل الكيان
الصهيوني:
1)
قانون
خدمة طلاب المعاهد الدينية في جيش الاحتلال، وكان حزب "يش عتيد" قد مرره
من خلال الحكومة السابقة، وإلغاؤه هو مطلب للأحزاب الدينية.
2)
قانون
يهودية الدولة: هو مطلب لليمين الصهيوني، بينما عارضه أحزاب الوسط واليسار وكان
سببًا لانهيار الحكومة السابقة وتبكير موعد الانتخابات.
وقانون
يهودية الدولة يهدف إلى تقنين وشرعنة العنصرية في الكيان الصهيوني، رغم وجود
قوانين أخرى تخدم بشكل غير مباشر نفس الهدف، لكن هذا القانون يريد شرعنة جميع الممارسات
العنصرية بالإضافة للتضييق على الفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 1948م.
معارضو
القانون يقولون أنه سيؤدي إلى عزلة الكيان دوليًا وأنه لا ضرورة له لوجود بدائل عنه،
أما مؤيدو القانون فهم يريدون فرضه دفعًا بالمشروع الصهيوني إلى الأمام وحمايته من
أي "خطر فلسطيني".
3)
الاستيطان
في الضفة الغربية وتهويد القدس حيث يريد اليمين الصهيوني زيادة وتيرتها بشكل كبير،
بينما يرى اليسار استغلال الأموال لمعالجة قضايا الفقر وعدم استفزاز المجتمع
الدولي والفلسطينيين بشكل قد يكون سلبي على الكيان الصهيوني.
4)
المفاوضات
مع السلطة حيث يعارض أغلب أطراف اليمين الصهيوني أي مفاوضات مع السلطة، وبعضهم يضع
شروطًأ تعجيزية لها، وحزب شاس يرفض أي تفاوض على القدس حتى لو كان شكليًا.
أما اليسار الصهيوني والوسط فيؤيد استئناف المفاوضات لكن في ظل الموازين الحالية وبغض النظر عن شكل الحكومة الصهيونية، فأي استئناف للمفاوضات سيكون شكليًا وإعلاميًا ولن يتم التوصل لأي شيء.
5)
الصراع
على الميزانية وتوزيع المخصصات وهذه عادة ما يتم الانتهاء منها عبر تسويات وحلول
وسط.
وعليه يتوقع أن تمضي حكومة الاحتلال في تهويد
القدس وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وبالنسبة للتعامل مع السلطة فستواصل
تطبيق سياسة وزير الدفاع الحالي (موشيه يعلون)، والقائمة على قتل أي أفق سياسي
للسلطة، ويد فولاذية مع المقاومة، مقابل تقديم تسهيلات حياتية لسكان الضفة (مثل
التصاريح وفتح الطرق المغلقة)، بالإضافة إلى تقوية العلاقات مع صغار ضباط أجهزة
أمن السلطة وتهميش قيادة السلطة، وذلك لترسيخ معادلة "الراتب مقابل التنيسق
الأمني".
أما التعامل مع غزة فهنالك تيارين: موشيه
يعلون والمؤسسة الأمنية (الجيش والمخابرات) ويرون أنه طالما يمكن احتواء خطر
المقاومة عبر الحصار فلا يجوز الدخول بمغامرة مكلفة ماديًا وبشريًا وإعلاميًا،
والتيار الآخر ويمثله اليمين الأكثر تطرفًا (مثل ليبرمان والقائد الأسبق للمنطقة
الجنوبية في جيش الاحتلال يوآف جالنت) ويطالب بمسح حماس عن الوجود وإعادة احتلال
غزة.
أما على الصعيد الدولي فشخصيات اليمين
الصهيوني غير محبوبة بمن فيهم نتنياهو نفسه، وهذه فرصة يجب استغلالها إعلاميًا كما
سأوضح لاحقًا.
شكل الحكومة القادمة:
هنالك عدة خيارات أمام نتنياهو:
أولًا: تحالف
اليمين مع المتدينين، وهو يملك الأغلبية الكافية لمثل هذا التحالف، لكنها أغلبية
هشة نوعًا ما (حوالي 67 عضو كنيست من بين 120 مقعد) وهذا سيعرضه لابتزاز الأحزاب
الصغيرة، كما أن هذا التحالف لن يكون مقبولًا دوليًا وستمارس عليه ضغوط ليضم أحزاب
من خارج هذا الإطار.
وهذا التحالف يعني إلغاء قانون تجنيد طلاب
المعاهد الدينية، وإقرار قانون يهودية الدولة، والاستمرار بوقف المفاوضات مع
السلطة.
ثانيًا: حكومة
موسعة تضم حزب يش عتيد، وهذه سيصعب الوصول إليها، فحزب يش عتيد يعارض المشاركة بأي
تحالف يوجد فيه الأحزاب الدينية ويعارض بشدة إلقاء قانون تجنيد طلاب المعاهد
الدينية.
ووزنه في الكنيست أقل من وزن الأحزاب
الدينية (عكس الانتخابات السابقة) وبالتالي فوجوده ممكن أن يحسن شكل حكومة
الاحتلال أمام العالم الخارجي لكن بأي ثمن؟ هل يتنازل ويجلس مع المتدينين مقابل
تأجيل (وإماتة) قانون يهودية الدولة؟
ثالثًا: حكومة
ائتلاف تضم حزب المعسكر الصهيوني، وهذا صعب إذا أن حزب المعسكر الصهيوني يشترط
تناوبه على رئاسة الحكومة، ونتنياهو يرى أنه غير ملزم بذلك، كما أن الثمن سيكون
إلغاء قانون يهودية الدولة والعودة للمفاوضات مع السلطة (شكليًا طبعًا).
في هذه الحالة ستخرج أحزاب اليمين الأكثر
تطرفًا مثل البيت اليهودي، وسيكون من الممكن التعايش بين الأحزاب الدينية والمعسكر
الصهيوني الذي قد يتنازل عن مطلب المشاركة برئاسة الحكومة، وسيكون ائتلاف ترضى عنه
أمريكا لكن تعارضه القواعد الشعبية لحزب الليكود واليمين الصهيوني عمومًا.
بالنسبة لي أرجح الخيار الأول مع وجود
احتمالية ضئيلة للخيار الثالث.
كيف نتعامل مع الحكومة القادمة:
أولًا: يجب
العمل على استغلال طبيعتها الفاشية، وبالأخص الأسماء المبغوضة عالميًا؛ مثل
نتنياهو وبينت وليبرمان، وشن حملات إعلامية ضد فاشية الأحزاب المشاركة بحكومة
الاحتلال، سواء كانت حكومة يمين أو حكومة ائتلاف.
كما يجب استغلال قانون يهودية الدولة لفضح
الكيان الصهيوني عالميًا، حتى لو لم يتم إقراره فمجرد عرضه على النقاش بالكنيست
يجب استغلاله لفضح الكيان.
قد يقول قائل "وما الذي سيفعله الرأي
العام العالمي"، ربما لن يفعل الكثير لكن حملة إعلامية تستغل طبيعة الكيان
الصهيوني الفاشية لكن يكلفنا شيء! فقط ترتيب للأفكار واستغلال لأخطاء العدو وتجنيد
مؤيدي القضية الفلسطينية في الغرب.
ثانيًا: الوضع
في الضفة الغربية والقدس دقيق جدًا، فإما أن ينجحوا بمساعيهم في التهويد وتمرير
مشاريعهم بدون ردود أفعال قوية، وهكذا يرسخون سيطرتهم ويفرضوا أمرًا واقعًا يصعب
إزالته مستقبلًا، وإما يكون هنالك تصعيد من ناحية المقاومة (بكافة أشكالها) وإرباك
المخططات التهويدية، وهنا تكمن مهمة المقاومة في استغلال الفرصة وخاصة أن الأفق السياسي
سيكون مغلقًا، مما يجعل قدرة السلطة على كبح المقاومة أضعف.
ثالثًا: الوضع
في غزة لا يستحمل المغامرات لأن هنالك تيار قوي سيكون داخل حكومة الاحتلال يريد
ضرب غزة مهما كان الثمن، ومخطئ من يظن أن الصهاينة غير مستعدين لتحمل خسائر كبيرة،
صحيح هم لا يفضلون ذلك لكن إن شعروا أنهم مضطرين سيفعلوها.
لذا لا يجب المبادرة بهجمات من غزة مهما
بلغ التشديد بالحصار لأن الثمن سيكون باهظًا جدًا، ويجب اجتياز المرحلة القادمة
بأقل الخسائر الممكنة.
رابعًا: يجب
الابتعاد عن ما قد يفيد الاحتلال بتشتيت النظر عن فاشيته؛ مثل محاولته لربط داعش
بالمقاومة الفلسطينية، أو تنفيذ عمليات استشهادية وسط الكيان الصهيوني، فالعبوة
التي يريدون تفجيرها داخل حافلة بتل أبيب يمكن تفجيرها في دورية عسكرية في الضفة، وتعامل
العالم مع الحدثين سيكون مختلفًا.
وأيضًا من ناحية التخطيط والتنفيذ
فالعمليات الاستشهادية لم ينجح منها أي عملية خلال العامين الأخيرين، بينما كان
ممكنًا مهاجمة دوريات الاحتلال والمستوطنين في الضفة من خلال عبوات وعمليات إطلاق
نار، وطبعًا هذا لا علاقة له بشرعية العمليات الاستشهادية بل كيفية إدارة المعركة
مع العدو الصهيوني.
النتائج الأولية للانتخابات ومقارنتها
بانتخابات 2013م (ممكن أن تتغير المقاعد زيادة أو نقصان مقعد أو مقعدين):
القائمة العربية الموحدة:
14 مقعد بارتفاع ثلاثة مقاعد عن
الانتخابات السابقة، وهي خارج أي مشاورات لتشكيل حكومة الاحتلال، فالصهاينة
يعتبرون أنه من العار التحالف مع الفلسطينيين في أي تشكيلة حكومية.
اليسار الصهيوني :
المعسكر الصهيوني: 24 مقعد، وهو عبارة عن تحالف
لفني مع حزب العمل (تحالف الوسط مع يسار الوسط).
ميرتس: 4 مقاعد.
أي ما مجموعه 28 مقعد لليسار مقارنة بـ21
مقعد حصل عليها بالانتخابات السابقة.
الوسط الصهيوني:
يش عتيد (يوجد مستقبل): 11 مقعد.
وذلك مقارنة بـ25 مقعد حصل عليها تيار
الوسط في الانتخابات السابقة، وقد ذهب معظم الفرق بالمقاعد إلى تحالف اليسار مع
الوسط (المعسكر الصهيوني)
اليمين الصهيوني:
ويقسم إلى تيارين: الصهيونية الدينية وهي
الأكثر تطرفًا وحقدًا ويمثلها حزب البيت اليهودي، واليمين العلماني (المعسكر
القومي) ويمثله باقي أحزاب اليمين.
الليكود: 29 مقعد.
كولانو (كلنا): 10 مقاعد، وهو حزب منشق عن
اليهود بقيادة الوزير السابق موشيه كحلون وهو أكثر تطرفًا من الليكود.
البيت اليهودي: 8 مقاعد، وهو الأكثر
تطرفًا ويمثل المستوطنين وبرنامجه هو تكثيف الاستيطان في الضفة.
إسرائيل بيتنا: 6 مقاعد، حزب ليبرمان
وتراجع بشكل كبير بسبب فضائح الرشاوي والفساد.
وبذا يكون اليمين الصهيوني قد حصل على 53
مقعد مقارنة بـ45 مقعد في الانتخابات السابقة.
أحزاب المتدينين (الحريديم):
شاس: 7 مقاعد .
يهدوت هتوراة: 7 مقاعد.
ياحاد: لن يجتاز نسبة الحسم وهي 4 مقاعد،
وهو حزب منشق عن شاس بقيادة زعيمه السابق إيلي يشاي، وهو قريب للتيار الصهيوني
الديني.
وهكذا يتراجع حجم أحزاب المتدينين من 18
مقعد إلى 14 بسبب انشقاق إيلي يشاي وفشله بالوصول إلى نسبة الحسم.
هناك تعليق واحد:
بورك قلمك
إرسال تعليق