قالوا عنه جيل أوسلو
الذي نسي وطنه وقضيته ليلاحق الرفاهية المزعومة التي جاءت بها سلطة أوسلو، لكن أطفال
الحجارة يثبتون كل يوم خطأ هذه النظرية، وهذا طبيعي لأن القضية الفلسطينية ومقاومة
الاحتلال لطالما كانت البوصلة التي توجه الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده.
وما ارتخاء المقاومة
في الضفة إلا بسبب التنسيق الأمني المكثف من ناحية، وتعب الناس واستنزافهم بعد سنوات
الاجتياحات والإغلاقات والحواجز، لهذا كان من الطبيعي أن يكون الجيل الأكبر عمرًا
(والذي عاصر الاجتياحات وانتفاضة الأقصى) هو المستنزف والمتردد في خوض تجربة مقاومة
جديدة، خاصة أن تجربة انتفاضة الأقصى انتهت في الضفة نهاية مؤسفة.
وبالتالي كان من الطبيعي
أيضًا أن الجيل الجديد الذي لم يعايش نكسة الاجتياحات هو الذي يتصدر ساحة المقاومة
في الأشهر الأخيرة بالضفة الغربية، ولا شك أن انتصار المقاومة في غزة كان وقودًا استمد
منه هذا الجيل العزيمة ليواصل طريقًا طويلة، لم تبدأ بالأمس ولن تنتهي غدًا.
العمل المقاوم يحتاج
إلى تجديد الدماء، لأنه في الواقع الفلسطيني عمومًا وواقع الضفة خصوصًا، هنالك استنزاف
مستمر للمقاومة، والخلل في موازين القوة مع العدو الصهيوني كبير جدًا، وهذا يتطلب تجديد
الدماء كلما حصلت اعتقالات أو ارتقى شهداء أو استنزف المناضل واضطر لترك ميدان المقاومة
لأسباب قاهرة.
والجيل الذي نراه
اليوم في شوارع الضفة الالتفافية وفي مناطق التماس المختلفة، يطمئننا بأن الميدان ما
زال بخير في الضفة، وهنالك مجال للعطاء رغم قمع الاحتلال المستمر، ورغم التنسيق الأمني،
ورغم سياسة التثبيط والتخذيل وغسل الأدمغة التي تمارسها السلطة الفلسطينية.
أكثر من 300 طفل أسير
يقبعون اليوم في سجون الاحتلال، ومنهم من لم يبلغ الرابعة عشر من عمره أو حتى الثانية
عشر، نذكر منهم الطفل الأسير خالد الشيخ، وبالأمس كانت الطفلة ملاك الخطيب، ولا ننسى
أطفالًا وفتيان وشباب بالكاد غادروا مرحلة المراهقة والطفولة ليلتحقوا بقافلة الشهداء.
الشهداء عروة حماد
وحسان عاشور ومحمد أبو الظاهر ونديم نوارة وأحمد النجار وجهاد الجعفري وإمام دويكات
وبهاء بدر وغيرهم، أطفال وفتيان تراوحت أعمارهم بين الـ14 عام والـ19 عام، استشهدوا
خلال مشاركتهم بالمقاومة الشعبية في الضفة خلال الأشهر الماضية، عندما تقرأ قصة كل
منهم لا تملك إلا أن تدمع على الخسارة التي نخسرها مع كل شهيد لكن حسبهم أنهم يمهدون
الطريق لمن بعدهم.
لا تتركوا دماءهم
تذهب هدرًا وأكملوا الطريق الذي ساروا عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق