تتزامن ذكرى انطلاقة حركة حماس هذا العام مع
تصاعد الوضع الميداني في الضفة الغربية، بحيث يمكننا التحدث عن انتفاضة ثالثة لكن بشكل
ومواصفات جديدة، بالضبط مثلما كانت انطلاقة حماس قبل سبع وعشرين عامًا بعيد انطلاق
الانتفاضة الأولى بأيام قليلة.
وهذه دعوة لأبناء حماس لأن يعيدوا ترتيب أولوياتهم
بما يتوافق ويتلائم مع أهداف حركة حماس التي أنطلقت من أجلها، أي مقاومة الاحتلال واستنزافه
على طريق تحرير كامل أرض فلسطين من النهر إلى البحر، بعيدًا عن اعتبارات المناكفة السياسية
مع حركة فتح أو حسابات ألوان الرايات أو غيرها من الحسابات الحزبية الضيقة.
ولا شك أن الجهد الإعلامي والتنظيمي لحركة
حماس خلال الفترة الأخيرة قد ساهم بشكل كبير في دفع الانتفاضة الثالثة إلى الأمام ورفع
مستوى العمل المقاوم في الضفة المحتلة، بحيث أن المطلوب لكي تصبح لدينا انتفاضة ثالثة
حقيقية وليس مجرد هبة شعبية هو استمرار التصعيد الميداني الحالي مع ازدياد في العمليات
المسلحة الفردية وغير الفردية ضد الاحتلال.
ضرورات المرحلة:
وبما أن الحركة في الضفة الغربية تعاني من
بنية تنظيمية ضعيفة نتيجة الضربات المتتالية التي استنزفت منظومة القيادة والسيطرة
للحركة على مدار الأعوام التسع الماضية (منذ عام 2005م)، وفي واقع غياب أكثر قيادات
الحركة من الصف الأول والثاني وحتى غياب قسم لا بأس به من القيادة الميدانية، فالمطلوب
هو أن يتولى الجنود والأفراد والعناصر في الحركة مسؤولية المرحلة.
مسؤولية المرحلة الملقاة على عاتق كل عنصر
وكادر في الحركة هي العمل على قيادة الشارع كل في منطقته وقريته وحيه ومخيمه نحو التصعيد
مع الاحتلال الصهيوني، وكل حسب إمكانياته المتاحة وقدراته، دون انتظار دعوات بالاسم
من قيادة الحركة بالطريقة التقليدية.
وربما كان أبناء الحركة معتادين على عدم التحرك
بدون تعليمات رسمية عبر منظومة السيطرة والتحكم التي اعتادوا عليها، إلا أن طبيعة المرحلة
تفرض ترتيبات جديدة فلا يعقل أن يتوقف كل شيء بسبب غياب قيادة الحركة وفي ظل منظومة
سيطرة وتحكم مستنزفة ومستهلكة، كما أن القيادة العليا للحركة عبر الناطقين باسمها مثل
خالد مشعل وحسام بدران وغيرهم قد أوضحت بأن المطلوب في العمل المقاوم هو المبادرة الفردية.
محاذير العمل الفردي:
وأتفق مع من يقول أن هذا الأسلوب من العمل
لا يخلو من السلبيات مثل تضارب الفعاليات والنشاطات، ومخاطر أن يتصدر العمل متهورون
أو أفراد لا يمتلكون الخبرة الكافية، أو بروز جيوب مستقلة عن الحركة، أو مخاطر التنظيم
الوهمي.
إلا أن وقف العمل ليس بحل على الإطلاق بل يجب
اتخاذ إجراءات من أجل التخفيف من الأضرار السلبية المذكورة والتقليل منها قدر الإمكان،
فتصعيد العمل المقاوم في المرحلة الحالية هو ضرورة لكي تحافظ حركة حماس على رسالتها
ولكي تحقق أهدافها، ولا معنى لوجود الحركة بدون رسالة وبدون سعي لتحقيق أهدافها.
ولتفادي هذه السلبيات والمحاذير يجب التأكيد
على الأمور الآتية:
أولًا: التصرف بشكل منفرد، وخاصة في تنظيم
النشاطات الجماهيرية، يكون عندما يغيب الجهد التنظيمي الجماعي وليس عندما يكون موجودًا.
ثانيًا: عند التحرك بشكل فردي وخاصة في العمل
المقاوم المسلح أو شبه المسلح (الزجاجات الحارقة والأكواع) يجب الحذر من الأشخاص المجهولين
الذين غالبًا ما يكونون سببًا للوقوع في خطر التنظيم الوهمي، فأفضل العمل المقاوم في
ظل الظروف الحالية بالضفة الغربية إما أن يكون فرديًا أو ضمن نطاق ضيق من المعارف
(أقرباء وأصدقاء مقربين)، ولنتذكر القاعدة الأمنية الذهبية "المعلومة على قدر
الضرورة وليس على قدر الثقة".
ثالثًا: التجرد والإخلاص في العمل يجب أن يكونا
حاضرين لدى كل شاب يتحرك ويرفع راية العمل في منطقته، فهو يعمل من أجل فكرة وليس من
أجل الشهرة أو التميز عن غيره، وتحركه في ظل غياب قيادة حماس هو من أجل سد الثغرة وليس
من أجل المناكفة أو التفاخر أو الاستعراض.
ما لم يتحرر العمل المقاوم بكافة أشكاله من
حظ الأنا ومن حب الظهور فسيكون سببًا للشقاق والتنزاع وليس سببًا للنهوض والانتصار.
في الختام:
وأخيرًا فمن الضروري أن يدرك أبناء حركة حماس
في الضفة الغربية أن الثابت لديهم هو مقاومة ومحاربة الاحتلال، وليس عقد المهرجانات
أو التلويح بالرايات الخضراء أو تصيد أخطاء حركة فتح، وأنه في ظل الواقع الصعب الذي
يفرضه الاحتلال وأعوانه في الضفة، فإنه يجب عليهم التفكير بطرق لتجاوز هذا الواقع وصولًا
إلى خدمة الهدف الذي قامت من أجله الحركة أي مقاومة المحتل واستنزافه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق