الاثنين، 26 يناير 2015

لولا تعزية حماس بالملك عبد الله لانتصرت الثورة السعودية




مشكلة الإعلام العربي في الفترة الأخيرة، وبشكل أكبر في مواقع التواصل الاجتماعي، هي الاهتمام المبالغ به في الرمزيات والشكليات والإغراق بنقاشها، وترك الجوهر وهجره وكأنه لا وجود له.

وأحد الطوام التي صدرها لنا التيار السلفي بكافة تنويعاته، هو النقاش العبثي حول جواز التعزية أو جواز التهنئة، بحيث لا يمر حادث إلا ويفتح معه نقاش طويل وعقيم بين مؤيد ومعارض، ويعاد نفس الكلام بشكل ممجوج وممل.

وكأن التهنئة أو التعزية ليست بعرف اجتماعي وسياسي سائد، قد لا تعجبنا الكلمات أو بعض العبارات، لكن في النهاية هي مجرد مجاملات وشكليات، لا تبعات سياسية أو ميدانية لها!

بيانات التهنئة والتعزية والمواساة والشجب والاستنكار تشكل أقل من 1% من مجمل العمل السياسي، وهنالك قسم يختص بها يسمى العلاقات العامة أو الجهاز الإعلامي، لكنها تحوز اليوم على 99% من النقاش في وسائل الإعلام!!

تمسكنا بالقشور وهي عادة وافدة من التيار السلفي، وأصبنا بالعدوى منهم (بمن فيه من يعاديهم)، وأصبحنا نجتر نقاشات لا طائل من ورائه.

الأمثلة كثيرة لكن سأضرب أمثلة أحاول أن أوضح الفكرة من خلالها، في المسجد الأقصى يوجد اقتحامات يومية للصهاينة وتدنيس وشرب خمور وصلوات يهودية، وغالب المصلين لا يستفزهم ذلك، ولا يوجد سوى قلة من المرابطين (أو بشكل أدق المرابطات) يتصدون لذلك، بينما اليوم ثار أغلب المصلين عندما نعى الخطيب الملك السعودي!

مثال آخر وهو غضب قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني من محمود عباس عندما استنكر خطف المستوطنين الثلاث أو شارك في مسيرة باريس، لكن لا يغضبهم استمرار التنسيق الأمني اليومي.

مع العلم أني فرحت عندما قرر الشارع الفلسطيني (وأخيرًا) الغضب من عباس، لكن التحرك من أجل أمور رمزية وترك الأمور الجوهرية والتعامل معها بلا مبالاة هي طامة كبرى.

نرجو أن نرتقي بفهمنا وأن نتجاوز عن القضايا الرمزية حتى لو كان هنالك خطأ بين، فالقضايا الجوهرية تنتظرنا وهي بلا حل منذ عقود.

ليست هناك تعليقات: