الاثنين، 26 ديسمبر 2011

هل يستطيع العراق تفادي السقوط في الهاوية




كشفت الأزمة الأخيرة في العراق أن الاحتلال الأمريكي لم يكن العائق الوحيد أمام بناء عراق جديد يخدم جميع أبنائه، وإن كان الاحتلال سبباً في ما وصلت إليه الأمور بالعراق اليوم، إلا أن رحيله لا يعني الحل التلقائي لكل مشاكل العراق.


البعض يظن أن الأمريكان يريدون امتصاص ثروات العراق ونفطه أو إقامة قواعد عسكرية يستغلوها، هذا كان طموحهم عند احتلال العراق قبل أكثر من ثمانية أعوام، لكنهم تخلو عن هذه الطموحات تحت ضربات المقاومة العراقية، وتحول العراق إلى عبء مالي وأمني على الولايات المتحدة، فقررت التخلص منه والانسحاب من العراق وإنهاء الاحتلال.



مع ذلك فيمكن القول بأن أهم هدف لاحتلال العراق، وهو هدف صهيوني قبل أن يكون هدف أمريكي، قد تحقق وتبدو الأمور حسب تطورات الأحداث كأنها تسير نحو تعزيز هذا الهدف، وهو إضعاف العراق وإشغاله بصراعات داخلية تنهكه وتستنزف موارده بحيث لا يستطيع أن يكون جزءاً من أي معادلة لمحاربة الكيان الصهيوني على مدى السنوات القادمة.


ونستطيع القول وبكل أسف أن أغلب أطراف المعادلة داخل العراق يلعبون دوراً كبيراً في تحقيق هذا الهدف، وذلك إما لقصر النظر أو رغبة كل طرف بأن يستأثر بحصته من الكعكة على حساب غيره من الأطراف.


فلو جئنا إلى طرف المقاومة العراقية والقوى السياسية التي تمثلهم مثل هيئة علماء المسلمين، فقد كان تركيزهم طوال السنوات الماضية على خروج الأمريكان، وحتى بعد فوز أوباما وتعهده بالخروج من العراق، استمروا بتعليق كل مشاكل العراق على شماعة الأمريكان. ورفضوا دخول العملية السياسية ورفضوا المشاركة بها لأنها "تحت الاحتلال"، ليجدوا أنفسهم لحظة انسحاب الأمريكان وقد تسلم حكم العراق قوى طائفية تريد أن تستأثر بالكعكة لوحدها.


أبرز وجوه ورموز تيار المقاومة العراقية لا يضع في حسبانه حمل السلاح في وجه الحكومة العراقية أو الأحزاب الحاكمة والمرتبطة بإيران، وهو محق في ذلك تماماً، لكن المقاومة العراقية لم تضع تصوراً لدورها في المرحلة القادمة، وقد ضعفت قوتها ومكانتها بسبب النزاعات الداخلية وخصوصاً مع تنظيم القاعدة وظهور الصحوات، مما أغرى القوى المتنفذة في الحكومة بتطبيق مخططاتها الطائفية.


في المقابل فشل النظام السياسي العراقي بإدارة البلد وعلى أكثر من صعيد، فمن جهة العراق هو رابع بلد في العالم على مستوى الفساد (أي لا يوجد سوى ثلاث بلدان في العالم أكثر فساداً منه)، وما زالت الكهرباء لحد اليوم غير منتظمة الوصول إلى منازل العراقيين في واحد من أغنى دول العالم بالنفط، بالرغم من مليارات الدولارات التي صرفت من أجل تحسين قطاع الكهرباء.


وعلى الصعيد السياسي نجد أن الحكومة العراقية تعيد انتاج نفس وسائل الاستبداد والإقصاء التي كان يتبعها صدام حسين، ومن الغريب أن يمارس ضحاياه نفس أساليبه في إقصاء منافسيهم ومحاربتهم.


إن إصرار الأحزاب المرتبطة بإيران على الاستئثار بالعراق وأخذه كغنيمة حرب، مغلبين المكاسب الطائفية الضيقة على المصلحة الوطنية العامة، يقود البلد نحو الهاوية لا محالة مما يعني ضياع كل شيء بما فيه مكاسبهم الآنية الضيقة.


مخطئ من يظن أنه يمكن أن يحكم العراق منفرداً، وما دام العراق تحت حكم أحزاب الطوائف (على غرار ملوك الطوائف بالأندلس)، فسيبقى عراقاً ضعيفاً ومشتتاً وقد تنهار الدولة بشكل نهائي إذا استمر التصعيد والإقصاء. لأنه لا يمكن إلغاء وجود الملايين من أهل السنة والجماعة عرباً وأكراداً أو الملايين من الشيعة، الكل كان وسيبقى في المستقبل.


وإذا أراد العراقيون أن يستنقذوا بلدهم من الهاوية يجب أن يتعلموا من الربيع العربي أن الاستفراد والاستئثار بالحكم هي من الكبائر التي يجب محاربتها، ووجود رئيس وزراء يسير على خطى صدام حسين في الإقصاء والاستبداد هو أكبر خطر يتهدد جميع العراقيين، وتخطئ الأحزاب الشيعية إن ظنت أن المالكي يحارب السنة فقط، قد يكون هذا هدفه المباشر لكن السماح بمبدأ الإقصاء والإلغاء يعني أنكم ستكونون الضحية التالية، فشهوة السلطة لا تُشبِع أبداً.


إذا أراد العراقيون الخروج من الأزمة الحالية والوصول إلى عراق جديد فهم بحاجة لإلغاء كل أشكال الإقصاء، سواء كان بحجة أن هذا تكفيري أو ذاك بعثي وغيرها من العناوين الكثيرة، فاجتثاث البعث كان يجب أن يكون اجتثاثاً لنهج البعث في الإقصاء والاستبداد لكن ما رأيناه هو اجتثاث الأشخاص والإبقاء على نفس النهج مع تغير الشخوص فقط لا غير.


ومن الضروري أن تسعى الجماعات السياسية المحسوبة على المقاومة العراقية من أجل الانضمام للعملية السياسية على مبدأ المغالبة والمزاحمة، لا مبدأ الاستجداء والتسول، فالحقوق تنتزع انتزاعاً، والأمريكان رحلوا والقرار اليوم لمن يشكل الحكومة ولمن يملك البرلمان، فلا تتركوها لجماعات وأحزاب أثبتت أنها غير أمنية على العراق.


الأمريكان تركوا العراق ضعيفاً مشتتاً بعد أن بذروا بذور الفتنة الطائفية والمذهبية وبعد أن رعوا الفساد وكانوا سبباً لازدهاره، والعلاج لن يكون إلا بالوعي السياسي لجميع أطراف المعادلة العراقية، أما ملاحقة المصالح الطائفية والحزبية الضيقة، فهذه وصفة لاستمرار الوضع القائم (في أحسن الأحوال) أو الإنزلاق نحو هاوية الحرب الأهلية (في أسوأ الأحوال).


قد يكون توصيف المشكلة واقتراح حلولها من أسهل الأمور، لكن تغيير ما في النفوس والعقول هي من أصعب المهمات عندما ننزل إلى ميدان التطبيق العملي.

هناك 7 تعليقات:

غير معرف يقول...

قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله وكذلك إذا صار لليهود دولة بـالعراق وغيره ، تكون الرافضة من أعظم أعوانهم ، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم ] . ((منهاج السنة النبوية

بالفعل ياسين كما اسلفت هدف الامريكان من احتلال العراق هو هدف صهيوني باعترافهم انفسهم ...فلا زلت الى اليوم اتذكر صواريخ العراق 39 صاروخ حين دكت معاقل العدو بتل ابيب في حرب الخليج من مسافة 1000كيلومتر
وتحدى الشهيد صدام ان يكملو الزعماء العرب الاربعين صاروخ فبعد الاحتلال العراق اغتالو الرافضة 13000عالم من العلماء الذين يعملون في مجال تصنيع الاسلحة واغتالو كل دكاترة الجامعات ..قد نختلف مع سياسة الشهيد صدام في حكم العراق من الداخل لكن نتفق معه بانه جعل العراق رابع قوة عسكرية بالعالم لكن بالنسبة لحربة مع المجوس الايرانييون ..فكنا نظن بان الطرفين مخطئين ..لكن بعد سقوط العراق ظهرت نوايا ايران الخبيثة اتجاه العراق وتعديها المتعمد اتجاه العراق فتبين بان ايران بحاجة الى شخص يرهبها ويوقفها عند حدها اتجاه العراق متل صدام
فبعد حرب العراق على ايران اصبحت العراق رابع قوة على العالم ولديه قدرات عسكرية مكنتها من اطلاق اول قمر صناعي ..ضع على جوجل صاروخ العابد فكن هدف الامريكان تدمير القدرات العسكرية للعراق

غير معرف يقول...

ماشاء الله يا أخ أو يا أخت غير معروف تحليل خال من أي مصداقية ويقطر عنصرية وطائفية وغير حيادي بل هم صاحبه إشعال نار الفتنة أعتقد لو كنت في الشبكة لمحو ردك أو جمدوك بأي حق تصف إيران بالمجوسية وهي قد تخلت عنها منذ أن أسلمت منذ أن قال سيد الخلف : سلمان منّا أل البيت وقال في معنى حديث قوم سينالون الثريا قيل من هم يا رسول الله قال سلمان وقومه: تحليلك يفتقد لأي موضوعية وليس معنى كلامي أنني مع كل ما يأتي من إيران لا فالسياسة نحكي فيها بمنطق السياسة لا بمنطق الطائفية ومن وصفته بالشهيد وقد حمل دماء خمسة آلاف شهيد من الأكراد قتلوا على يديه بسلاح كيماوي أنا لن أقول فيه أي شيئ فهو عند ربك وهو أعلم به منك هو من شن أعثى حرب على جارته إيران بلا مبرر قامت الجمهورية الإسلامية سنة 79 ليقوم هو بشن حربه عليها سنة 80 ومن يومها كان المقرب لأمريكا أمدته بكل شيئ يلزمه حتى يسقطها إقرء التاريخ حتى تعلم ما يحاك لأمتك وقد ساندته دولا تحسب على السنة وتحمي الحرمين وأعلنوها حربا مقدسة وتفننوا في أسماءها حتى خربت خزائنهم فجروه الأمريكان لحرب مع الكويت لأن حربه مع إيران خرج منها لا غالب ولا مغلوب يا أخي كانت أمريكا تخطط لصدام مساره فيوم أن رأته بترسانته قد يشكل خطرا على الصهاينة إختلقوا له حرب حتى يستنزف كل قواه فيها كان رمسفلد الصديق المقرب لصدام وبعد أن سقط في وحل الكويت ثار العالم بإسره عليه ليس حبا في الكويت -وهنا ليس تقليلا من شعب الكويت كلا لمن لماذا لم يثر العالم للأقصى؟ هل فلسطين أقل شئنا من الكويت ؟؟؟ لكن إلإهم الدرس جيدا..وكانت حربا مصنوعة من بدايتها حتى نهاياها و خوفا على النفط وحتى يجدون ذريعة كي يكسروا ترسانته ومن يومها بدء العد التنازلي لصدام وترسانته ماذا عمل إلا أنه شق الصف العربي بين مؤيد له ومعارص للأسف الإخوة الفلسطينين فرحوا بكم صاروخ الذي ضرب به صدام الصهاينة كان تأثيره إيجابي على الكيان في كل الأحوال فقد ولدن نساء الكيان قبل موعهن فقد يسر ولادتهن. فقط لماذا لم يرميهم بما رمى به إخوانه الأكراد والشيعة؟؟ ولم يكن يطمح صدام من فعله ذاك إلا لضرب الموقف العربي حيث البعض وصفه بالمجرم والآخر بالشهيد وقد دفع الإخوة الفلسطينيين أبهض الأثمان ورأينا كيف عاملهم الخليجيون بعد ذاك المهم بعد ذلك جاء مسلسل الحصار حتى علموا أن العراق ليس له أنياب فجاء الإحتلال ..الإحتلا كان همه إضعاف العراق وجعله مسرح للحروب الإقليمية يعني تريد أو توحي لي أن الشيعة فقط من لها أطماع أما الآخرون حمائم ويريدون السلامة للعراق كل من يحيط بالعراق همه أن يبقى على هذا الشكل عراق ممزق ضعيف مرمى لكل طماع كنت سأحلل المقال الرائع تحليل موضوعي لولا أنك أثرت الطائفية المقيتة أنا لست مع كل سياسة تنهجها إيران لكن العرب هم من أوصلوا العراق للهاوية إعطي حلولا ولا تسل سيف الطائفية فكل من السنة والسيعة وغيرهم من الطوائف هم نسيج العراق كيف نرجع هيبة العراق ؟ كيف نرجع الثقة بين أبناءه؟ أما ما حكيت عنه فحتى الشيعة نالهم حقهم من الإغتيالات ودمرت مساجدهم وقتل منهم الكثير أنا لست مع تشتيت العراق على السنة فيه والشيعة والأكراد وكل طوائفه أن تعلم أن الوطن لن يحميه غير وجودهم تحت مظلة الوحدة وأن يبنوا عراقا جديدا يعيش فيه كل العراقيين بسلام وكل حقوقهم محفوظة وإلا فأي بلد نادى بالطائفية كان مآله الزوال فاعتبروا يا إخوتي في العراق.. العراق للجميع لا تنطبق عليه قصة أكلت يوم أكل الثور الأبيض ..

غير معرف يقول...

طيب ياغير معرف الاخير ليش ايران لاتحتفل بمعركة القادسية لو اسلمت ليش ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
للعلم أن مش الغير معرف الاول !

ياسين عز الدين يقول...

مع احترامي لكما فأنا لم أكتب المقال من أجل نكأ جراح الماضي، ما حصل أيام صدام حسين انتهى، وصدام الآن عند ربه وحسابه عند ربه، ولسنا نحن المكلفين بحسابه.

لا نريد أن نبقى أسرى للماضي، لأن هذا الماضي هو الذي يكبلنا، يجب أن نطوي صفحته ونبدأ عهداً جديداً لعراق تعددي وعراق يملكه جميع أبنائه.

أما الأخ الذي استشهد بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية فهذه ليست فتوى وإنما وصف تاريخي لما كان يراه من تصرفات الشيعة لعصره، ولا نريد حمل صراعات الماضي إلى الحاضر والمستقبل.

أم كوثر يقول...

صحيح أخي الفاضل لا خير في إعادة سرد ما مضى لكن التجارب والعبر المستقاة منها مهمة لحتى ننتقل لرؤيا جديدة مستقبلا ..
العراق الآن يلمم جراحه وفي مرحلة حقا صعبة لكن لاشيئ مستحيل أي مأزق إلا وله حل الحل بإذن الله في الشعب نفسه فلو أراد العراقيون بناء عراق جديد يتسع للجميع فما عليهم إلا أن ينسوا جراحات الماضي وتجميع القوى ويكون الولاء لله أولا ثم لمصلحة الوطن لا نداء لأي طائفية وتفويت ماكان يريده المحتل من جر البلاد لحرب طائفية ..واجب دول الجوار أن يحموا إستقرار العراق فأي لعب بمصيره فلن يبقى الصراع محصورا فيه فقط بل سيتعداه ليصلهم فعراق مستقر معناة إستقرار كل جواره..

ياسين عز الدين يقول...

للأسف الدور الإيراني سلبي في العراق، مع أنه يمكن أن يلعبوا دوراً في بناء دولة حقيقية لجميع مواطنيها.

لكن يبدو أن الاعتبارات الطائفية الضيقة تغلبت على المصلحة العامة، وهذه نظرة ضيقة الأفق والمصالح القليلة التي سيحققونها ستتخر وتضيع.

أم كوثر يقول...

أنا أوافقك الرأي أخي ياسين في كون إيران لعبت دورا وكان بإمكانها نهج سياسة إيجابية لكن في المقابل ألم يكن الحزم المفرط لإيران له دوافعه الخاصة يعني ماذا لو خرجت أمريكا ونصّبت حاكما دكتاتوري على العراق فإيران ستدفع الثمن باهظ فهي إستقت الدروس جيدا مما سبق....وأنا هنا لا أدافع عن أي أحد ..شيئ آخر إيران أمام جوار يناصبها العداء وما سمعناه مؤخرا عن صفقة أسلحة مقدمة لبعض دول الخليج فهل هذا يعني تكدس هاته الأسلحة همها أن توجه للعدو الحقيقي المشترك أم لردع عدو مصطنع ووهمي ؟؟وهنا حتى وإيرات تلعب سياسة فعليها أن تلعبها بإخلاق حتى لا تكسب مواقف على الأرض وتخسر رأي عام شعبي يحترمها وأنّ ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا وأن نستعدّ لمواجهة عدو حقيقي واحد عاث في أرضنا ومقدساتنا الفساد ..اللهم أجمع كلمة أمتنا على الحق ولا تجعل بئسهم بينهم شديد..اللهم آمين