السبت، 9 أبريل 2011

توضيحات بخصوص ما نشر عن وجود شيعي في غزة

قامت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) بنشر تقرير قبل أيام قليلة تتكلم فيه عن المتشيعين في قطاع غزة وحاول التقرير الإثبات بأن لهم تواجد متزايد وأن عددهم بالمئات وأنهم بصدد بناء حسينية وغير ذلك من الإيحاءات المختلفة والتي لها أهداف مكشوفة.

وهنا لا بد من وضع الأمور في نصابها، فلا وجود للطائفة الشيعية في فلسطين كلها ولا في غزة تحديداً، وكل مدار الحديث عن بضع عشرات من الأشخاص الذين تشيعوا في الثمانينات وهم موجودين في الضفة والقطاع (وهنا نتساءل لماذا لم يتطرق التقرير لهذه الفئة في الضفة الغربية)، وجميعهم تقريباً تشيعوا بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتأثرهم بالأفكار "الثورية" الإيرانية، وأغلبهم من مؤيدي تنظيم الجهاد الإسلامي.

وتشيعهم هو تشيع سياسي أكثر منه تشيع عقيدي (وإن كنت أرفض كلا الشكلين من أشكال التشيع). بل ونجد أشكال عجيبة غريبة للتشيع فنجد منهم من يجمع بين فكر التكفير والهجرة والتشيع، ومن يؤيد كل من حسن نصر الله وأسامة بن لادن بنفس الوقت.

إلا أن موجة التشيع هذه بدأت بالانحسار مع بداية التسعينات، والمجموعة الموجودة اليوم هي من بقايا تلك الفترة، وهنالك من ترك التشيع وخصوصاً بعد أن قررت حركة الجهاد الإسلامي في السنوات الأخيرة فصل الأعضاء المتشيعين من صفوفها ووقف هذه الظاهرة.

لذا فالكلام عن وجود طائفة شيعية في مثل هذا الوقت وبدون مقدمات لهو أمر مستغرب، وتباهي الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات بتشيعهم وبمشاريعهم "التبشرية" في قطاع غزة لهو مستهجن ويثير علامات التساؤل حولهم، وكانت ردة الفعل الأولى على هذا التقرير قيام جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة غزة بإغلاق جمعية ورد ذكرها في التقرير على أنها مركز للمتشيعين وأداة لعملهم ودعوتهم.

وهذا يدل على حرص حركة حماس أن لا تترك أحد يعبث بالوضع الداخلي الفلسطيني، فأهل قطاع غزة 99% منهم مسلمون من أهل السنة والجماعة، وهنالك أقل من 1% مسيحيين، ولا وجود لطائفة شيعية والأفراد المتشيعين الموجودين لن يقبل منهم أن يحاولوا إيجاد حالة طائفية في قطاع غزة.

وأتعجب من القائمين على الجمعية التي أغلقت واتهامهم لحكومة غزة بالطائفية، وقولهم بأن المهم هو الانتماء إلى الإسلام وليس إلى أهل السنة أو الشيعة وأن جمعيتهم هدفها الوحيد هو خدمة أهالي الشهداء والجرحى، وأرد عليهم ما دام الانتماء المذهبي غير مهم حسب ما تقولون فلماذا تركتم أهل السنة والجماعة وتشيعتم وتريدون شق المجتمع الغزي؟

فلتبقوا مسلمين من أهل السنة ولتحافظوا على وحدة المسلمين، أو على الأقل ليقتصر عمل جمعيتكم على العمل الخيري بدون عمل "تبشيري"، ما الحكمة من الاستعراض الإعلامي الذي قمتم به؟ لو كنتم طائفة شيعية موجودة منذ مئات الأعوام لقلنا أن لكم هوية دينية وتريدون الحفاظ عليها، لكن الفكر الذي تحملونه هو مستجد وما دام الإسلام وحده هو المهم كما تقولون فما هو الحق الذي تطالبون به؟

إذاً نحن نتكلم عن التقاء أجندتين: أجندة تريد تصوير غزة وكأنها قاعدة إيرانية في فلسطين، وهي أجندة تخدم الصهاينة واتباع الصهاينة، أجندة تقفز عن حقيقة أن حماس حركة مقاومة فلسطينية المنشأ والأهداف، وأن الصراع مع الكيان الصهيوني هو قضية العرب والمسلمين الأولى وليست معركة إيران مع أمريكا. وأجندة الأفراد المتشيعين الذين أرادوا كسب انتباه الإعلام بعدما فشلوا بإقناع المجتمع الفلسطيني بقبولهم أو تشرب معتقداتهم الغريبة عن المجتمع الفلسطيني.

فجاء رد فعل الحكومة ليقطع الطريق على كل الجانبين: ليقول لمن كانوا يراهنون على أن حماس تبيع أهل قطاع غزة لإيران مقابل الدعم الذي تحصل عليه، أنه خاب أملكم فحماس صاحبة مبادئ ومواقف، وليقول للمتشيعين ألزموا حدكم يوجد في غزة حرية معتقد لكن لن يسمح لكم بالعمل التبشيري أو إحداث حالة طائفية في القطاع.

ليست هناك تعليقات: