الخميس، 28 أبريل 2011

إلى قوى المقاومة في فلسطين وسوريا ولبنان: أنقذوا مشروعكم في سوريا


كلنا يدرك الأهمية التاريخية والجغرافية لسوريا كبلد وشعب بالنسبة لصراعنا مع الكيان الصهيوني، ودورها في التصدي لقوى الاستعمار الغربي، ومن المحزن أن تصل الأمور في سوريا إلى مرحلة الصدام بين النظام والشعب، حيث كان الأصل في النظام أن يتعلم من أخطاء غيره، وكان أمامه الفرصة ومهلة زمنية جيدة، لكن لم يستغلها.

وقع النظام بوهم أن الثورات فقط تمس عملاء أمريكا، وقد سبق وأن حذرت من هكذا أوهام، فالثورات هي ثورات ضد الظلم في وطننا العربي سواء كان ظلماً سياسياً أو اقتصادياً، وسواء أكان فساداً داخلياً أو خارجياً، والناس اليوم في وطننا العربي تغيرت ولم تعد تقبل بالمقايضات (الأمن أو الحرية، المقاومة أو الحرية)، هذه مقايضات أصبحت من الماضي.

اليوم الناس تريد كل شيء (وهذا أمر ممكن وضروري ولازم) تريد الحرية وتريد المقاومة وتريد محاربة الفساد وتريد محاربة الرشى وتريد وتريد، هذا طوفان ومن يقف أمامه سيجرفه، ولا مجال للهروب أو دفن الرؤوس في الرمال والزعم بأن هذه مؤامرة أمريكية للإطاحة بالنظام
المقاوم في سوريا.

إذا كنا نريد إفشال المؤامرات الأمريكية فلماذا نترك المجال لها كي تتآمر؟ لماذا يقمع الشعب السوري؟ لماذا لا يحارب الفساد والإفساد؟ لماذا الاعتقال السياسي؟ هذه كلها أوزار يتحملها النظام وبالتالي كان الأجدر به التخلص منها حتى لا يترك مجالاً للمؤامرة لا أن يطلب من الجميع السكوت عن أخطائه.

أمريكا لا تشعل الثورات ولا تستطيع ذلك، لكنها تركب الموجة وتحاول الاستفادة، وقد رأينا كيف تخلت عن حليفها الوثيق مبارك عندما أدركت أنه لا تستطيع الاحتفاظ به، فإذا كانت أمريكا بجبروتها وقوتها لا تستطيع الوقوف أمام زحف الجماهير فهل سيستطيع هذا النظام أو ذاك الوقوف أمامها؟

صحيح أنه كان للنظام السوري مواقف مشهود لها بدعم المقاومة في فلسطين ولبنان، وفتح الأبواب والامكانيات على مصراعيها أمام فصائل المقاومة، في أكثر الأوقات حرجاً عندما تكالب الجميع عليها وخصوصاً بعد احتلال العراق، لكن هذا لا يبرر له اضطهاد أبناء شعبه ولا قتلهم ولا سجنهم ولا إساءة معاملتهم، ما ينفع أن يكون الرجل كريماً مع الغرباء لئيماً مع أهل بيته؟
وإن كان الوفاء مطلوباً لمن احتضنك وأحسن إليك إلا أن هذا لا يجب أن يكون على حساب الحق من ناحية، ويجب أن يكون وفاءً بالاتجاه الصحيح من الناحية الأخرى، والنظام السوري بحاجة لمن يأخذ بيده إلى الطريق الصحيح لأن ما يقوم به هو تخبط وحرب عبثية يخوضها ضد شعبه.

من أراد أن يرد الجميل إلى النظام السوري فيجب عليه أن يعمل على اقناعه بالتوقف عن قمع شعبه، فهذا أفضل للشعب السوري وأفضل للنظام وأفضل لمشروع المقاومة، أما استمرار الوضع الحالي فيعني استنزاف مقدرات سوريا وإضعافها وفتح المجال للتدخل الأمريكي والصهيوني لا سمح الله.

ولا يمكن الطلب من الشعب أن يسكت على الظلم حتى لا تتدخل أمريكا، لأن مطالبهم حق وواجب، ولأنه لا يوجد شيء في الدنيا يمكن وقف الطوفان القادم، ومن العبث ما نراه من بعض الكتاب ووسائل الإعلام التابعة لحزب الله وعلى رأسها قناة المنار تصوير الأمر وكأنه مؤامرة على المقاومة وخيار المقاومة، نتفهم خوفكم على خيار المقاومة وعلى مستقبل المقاومة، لكن ليس هذا الحل.

يجب أن تساعدوا النظام السوري على فهم الدرس جيداً، لا أن تكونوا عامل تضليل واسهام في جرائم النظام، معركة النظام السوري ضد شعبه ليست معركة المقاومة ولا يجب أن تكون، وحزب الله تحديداً أعلم بطبيعة النظام السوري الدموية فقد قتل عشرات من أنصاره وأعضائه على يد الجيش السوري في الضاحية الجنوبية عام 1986م، فهل كان الحزب وقتها جزءاً من مؤامرة أمريكية؟

وأذكر المناضل الكبير أحمد جبريل بما قاله عن أحداث أيلول في الأردن، عندما وصف ما حصل بأنه كان انجراراً وراء مغامرات جورج حبش ونايف حواتمة أدى لأن يبكي الفلسطينيون دماً ثمناً لهذه الحماقات، وأقول له لا تسمح للنظام السوري بجركم وراء مغامرته الخاسرة. لا تجعل بطولاتك في معركة الكرامة وعمليات تبادل الأسرى وعملية الطائرة الشراعية تضيع هباءً منثوراً نتيجة الموقف الخطأ وفي المكان والزمان الخطأ.

إن كان هنالك خوف من بطش النظام السوري فعلى الأقل لتصمتوا، ليعلم النظام ومؤيدوه أن ما يقوم به ليس بالأمر المرحب به، أما ما رأيته في الاعلام فهو يندى له الجبين، ورأينا ملكيين أكثر من الملك مثل الكاتب ناصر قنديل الذي وصف الثورات العربية بأنها مؤامرة بين الأمريكان والإخوان المسلمين، بحيث يتسلم الإخوان الحكم مقابل الاعتراف بالكيان الصهيوني! هذا تسطيح مخجل واستخفاف بعقول الناس ويسيء لتيار المقاومة وجبهة الممانعة.

يجب الفصل بين مشروع المقاومة وما يحصل في سوريا، وهنا أتوجه إلى الشرفاء داخل النظام السوري، لأنه واضح أن هنالك تجاذب تحت السطح يحصل، وأن هنالك خليط من ضيقي الأفق الذين ما زالوا يحملون عقليات الستينات والسبعينات وأصحاب المصالح من الانتهازيين لا يريدون الاستماع لصوت العقل ويقودون النظام السوري في الطريق الخاطئ، يجب أن يكون للشرفاء والمخلصين موقف واضح.

من كان حريصاً على مشروع المقاومة يجب أن يقول رأيه وبصراحة، ونذكركم بما قام به عبد الفتاح يونس ومصطفى عبد الجليل عندما تركوا في لحظة الحقيقة نظام القذافي وانضموا للثورة، أو على الأقل ليصمت إن كان يخشى بطشاً أو ظلماً وأن لا يكون عوناً للظلم أو للظالم.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

من الواضح ان مقالك ديبلوماسي اكثر من عرض للواقع

انت تعلم اكثر من غيرك ان هذا النظام لا يمكن اصلاحه

من المعلوم ان نظام البعث يمتطي المقاومة لاستعباد شعبه
من الواضح ان تحالف حزب الله وتأييده له الان ما هو الا تأييد طائفي ولا علاقة له بالمقاومة
من المفترض وبعد مضي شهرين على كتابتك للنقال اخ ياسين ان تنادي بحماس لتجهز نتفسها و ان تستعد لوضع سيء وان سوريا لن تكون جاضنة لها بأمان وركز على بأمان ليس لأن الثورة ستطردهم لكن لعدم الاستقرار القادم على سوريا