لطالما اعتقد الكثيرون أن الاحتلال قد يلمع مروان البرغوثي ليكون خلفًا لعباس من أجل تمرير تسوية سلمية معينة تنهي القضية الفلسطينية باستغلال شعبية الرجل في الشارع الفلسطيني.
وكنت استبعد ذلك انطلاقًا من فهمي للعقلية الصهيونية، فالصهاينة يريدون قائدًا فلسطينية "قدوة" في الانطباح والتبعية، وبالتالي لن يتقبلوا أن يكون هنالك قائد بصورة مناضل ومقاوم حتى لو كان جوهره الانبطاح والتبعية، يجب أن يكون ظاهره وباطنه واحد وهو التبعية للاحتلال.
كما أن الصهاينة يؤمنون (وخاصة اليمين الحاكم) بأنهم ليسوا بحاجة لاسترضاء الفلسطينيين، الذين يجب أن يحمدوا الله على "نعمة الاحتلال الصهيوني"، واليمين الصهيوني ليس معنيًا من الأصل بأي تسوية سلمية.
وجاء الإضراب الأخير ليؤكد ذلك حيث حرص كل من الاحتلال ومحمود عباس على تهميش مروان البرغوثي وتدميره إعلاميًا وسياسيًا، لينسف نظرية التآمر لتوريثه رئاسة السلطة بدلًا من عباس.
وذلك بدءً من قيام الاحتلال بتسريب الفيديو الذي يزعمون أنه لمروان وهو غير ملتزم بالإضراب ويأكل الطعام خلسة، وانتهاءً باستبعاده من مفاوضات إنهاء الإضراب عن الطعام.
وفوق ذلك قام عباس بتعيين الأسير كريم يونس عضوًا للجنة المركزية (من خلال اجتماع المجلس الثوري لفتح)، وذلك لتحجيم البرغوثي لأن عباس يريد قطع الطريق أمامه كي لا يكون وريثًا محتملًا له.
كما أن لجنة متابعة مطالب الأسرى شكلت بقيادة الأسير كريم يونس وباستبعاد تام لمروان البرغوثي، وهذا ما انعكس في تصريحات زوجته وتأكيدها على أنه وضع شروطًا لتعليق الإضراب عن الطعام، مما يدل على أن الإعلان عن الاتفاق جاء بطريقة التفافية تجاوزت البرغوثي وجماعته.
هنالك رغبة مشتركة بين عباس والاحتلال في تهميش البرغوثي، لأنه يشكل ظاهرة غير مقبولة داخل حركة فتح، ولأن عباس يخشى أي منافس له ولا يريد أي وجود للرجل رقم 2 في فتح.
وتعامل السلطة والاحتلال مع البرغوثي في هذا الإضراب يظهر بشكل واضح وفج رغبتهم الجامحة بتهميشه وتحجيمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق