بقي حوالي شهر لما يسمى استحقاق أيلول، حيث ينوي محمود عباس التوجه إلى الأمم المتحدة من أجل الإعلان عن الدولة الفلسطينية والحصول على الاعتراف الدولي بها ضمن حدود الرابع من حزيران، والحدث ظاهريا هو حدث مهم وخطير، وربما (وأؤكد على ربما) تكون له تداعيات وتطورات على أرض الواقع، ولذا نرى تجند أمريكا والكيان الصهيوني من أجل اجهاض الخطوة، وذلك بالرغم من أن للكيان سوابق كثيرة بتجاهل قرارات الأمم المتحدة.
عند هذه المحطة يفترض أن يكون لحركة حماس موقفٌ واضحٌ ومحددّ من الاستحقاق، ومن الدولة الفلسطينية التي قد يتم الاعلان عنها، فهل ستعترف بها الحركة؟ وهل ستقبل بالالتزامات الجديدة التي سيأتي بها محمود عباس؟ وكيف ستتعامل مع كافة الاحتمالات الممكنة؟ سواء كان الحديث عن الوصول إلى الدولة أو اندلاع مواجهات وانتفاضة شعبية في الضفة الغربية أو صفقة من تحت الطاولة بين السلطة والكيان الصهيوني.
لحد الآن كل ما سمعناه من مسؤولي وقيادي حركة حماس هو التشكيك بجدوى خطوة الذهاب إلى الأمم المتحدة (وبدرجات متفاوتة) والكل تقريباً مجمع على أنها مناورة فاشلة من محمود عباس في وجه الكيان الصهيوني، وهي نتيجة قد يتفق معها الكثيرون، لكنها لا تكفي فقيادات حركة حماس ليسوا محللين سياسيين لنكتفي برأيهم إن كانت الخطوة ستنجح أو لا.
قيادات حماس يفترض أنهم يمثلون حركة حازت على أغلبية الأصوات في انتخابات عام 2006م، وهي قطب أساسي على الساحة الفلسطينية في الضفة والقطاع والخارج، وقرارها سيكون له انعكاس على الأرض، وهذا يقتضي بالتالي أن يكون لها موقف واضح ومحدد.
في المواجهة بين السلطة من جهة، والكيان الصهيوني وأمريكا من جهة أخرى، لا يقبل من حماس أن تترك السلطة لوحدها (بالرغم من التحفظات والمآخذ الأخرى)، عندما تكون هنالك مواجهة بين فلسطيني وصهيوني يجب أن نقف بجانب الفلسطيني، مثلما وقفت حماس بجانب عرفات عندما حاصره الصهاينة، بالرغم من كل تاريخه وكل مآخذها عليه. فهل حماس تدعم موقف السلطة في مواجهة المحتل الصهيوني؟ ماذا سيفهم العالم من حماس عندما تكرر السخرية من ذهاب السلطة إلى الأمم المتحدة في لحظة يفعل الصهاينة كل جهدهم لإجهاض الخطوة؟
هل حماس تؤيد قيام دولة فلسطينية والإعلان عنها؟ من المفترض أن مشكلة حماس هو مع الثمن المدفوع وليس مع تحصيل أي من حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه يجب أن تعلنها حماس وبشكل واضح وجلي، أما أن تصدر إشارات غير واضحة قد تفهم أنها ضد إعلان الدولة الفلسطينية ستوقع الحركة بمشاكل مستقبلية، سواء إن كان فيما يتعلق بتعامل حماس مع الدولة مستقبلاً (وتكرار نفس خطأ تعاملها مع السلطة الفلسطينية)، أو تكرار ما حصل مع تقرير غولدستون عندما شكك بعض قادة الحركة بجدوى التحقيق في بدايته، ثم ثارت ثائرة حماس عندما أجلت السلطة التصويت عليه في مجلس حقوق الإنسان.
عندما توجهت السلطة إلى مفاوضات كامب ديفيد عام 2000م كان هنالك توجه لدى حماس لاتخاذ موقف من الدولة الفلسطينية يقوم على الاعتراف بها ضمن شروط، وهي: أن تكون دولة ذات سيادة حقيقية، وأن تكون على كامل الأراضي المحتلة عام 1967م، وأن لا يعني ذلك التخلي عن باقي حقوق الشعب الفلسطيني.
ومثل ذلك ألا يمكن أن يكون للحركة موقفاً مماثلاً من استحقاق أيلول؟ سنعترف بالدولة بشرط أن تكون دولة ذات سيادة حقيقية وبدون التخلي عن حقوق الشعب الفلسطيني وأولها حق عودة اللاجئين. هذا موقف واضح وجلي ويأخذ بالحسبان أغلب الاحتمالات.
فلو وافقت الأمم المتحدة على الدولة وأصبحت واقعاً (وهو أمر مستبعد للغاية) فيمكن لحماس أن تشارك بها وفق برنامج تحرير ما تبقى من فلسطين، ولو تمت تسوية تحت الطاولة لتأجيل القرار بين السلطة والكيان فيمكن لحماس وبكل قوة أن تعترض وستعتبر خيانة من السلطة لمن مد لها يد العون في مواجهة الصهاينة، ولو كانت دولة كرتونية هزيلة فسترفضها حماس لأنها لا تفي بالشروط التي وضعتها.
وموقف الحركة لا يجب أن يبقى عند نقطة ردة الفعل، بل يجب الانتقال للمبادرة وخصوصاً في ظل ترجيح فشل مساعي السلطة؛ سواء كان من خلال صفقة تحت الطاولة أو تفريغ القرار من مضمونه أو العراقيل التي سيضعها الصهاينة والأمريكان، أو بكل بساطة رفض الكيان الصهيوني لتنفيذ القرار.
كل هذه احتمالات لها معاني وتداعيات هامة، يجب أن تستغلها حماس وأن لا تترك الفرصة لتعود بعدها سلطة محمود عباس إلى المفاوضات العبثية مع الكيان الصهيوني. فعند فشل مسعى إعلان الدولة (مهما كان شكل هذا الفشل)، فهذا يعني فشل خيار التسوية، وانتهاء الفرصة التي منحت لمحمود عباس، وتعني أيضاً الوقت لاستحقاق آخر وعد به محمود عباس وهو الثورة الشعبية السلمية (مع التشكيك بجدية طرحه هذا).
هل أعدت حماس العدة لما بعد فشل استحقاق أيلول؟ ألا يعتبر الفشل فرصة لإشعال المقاومة الشعبية في الضفة الغربية؟ هل ستقود حماس هذه المقاومة؟ هل ستشارك فتح في المسيرات والمواجهات أن قررت الأخيرة التصعيد؟ هل ستنهي حماس تفويضها لمحمود عباس بالتفاوض باسم الشعب الفلسطيني؟ كلها أسئلة يجب أن تكون واضحة من اليوم.
هناك تعليقان (2):
اسرائيل و امريكا كا ظنوا انهم روضوا ابو مازن وانه لن يخرج عن طوعه فلذاك جن جنون اسرائيل من خطوته (التي اعتبرها محاولة يائسة لإثبات جدوى العمل التفاوضي لإنتزاع الحقوق المسلوبة بالقوة المسلحة)
حماس مفترض انها تمثل الشعب لكنتها ليست شريكا للسلطة بالحكم لأن ابو مازن حاول انتزاع غزة منها وها هو الان ينزع عنها الشرعية ن الاساس بالضفة لذالك هي غير ملزمة ببيان الموقف بلهجة المسئولية القيادية لان الحكم سلب منها لكنها ملزمة بتحمل المسئولية الوطنية من خلال منع المشاريع الاستسلامية وفعل ما يمكن لصالح قضيتها
أرى ان موقف حماس جيد لأنها لو تكلمت سيكون بمثابة الموافقة على نهج أبو مازن الخالي من المقاومة وان رفضت فهي كمن يتجند لصالح اسرائيل (حيث اني اعترف ان مشروع السلطة سيجلب الضرر ولو القليل لاسرائيل )
الموضوع ليس كعام 2000 لانه لن يكون الا استيطان زيادة (قريبا سنرى ذالك للأسف)
الموضوع بين السلطة واسرائيل ما هو الا خلاف عائلي طاريء في ظل قيادة السلطة الحالية وليس حرب فرقان (هل تظنها حرب بين من شرع عدوان غزة وبين المعتدي )
أخي ياسين ألا ترى تناقد بين ان على حماس الا تترك ابو مازن وحده ( وكأنه انسان وطني ) وبين ( لتمنع عباس من العودة للمفاوضات)
حماس كما فتح في وضع حرج حماس وضعها بالضفة لا يسمح لها الحديث كثيرا حتى لا تتشبه بالحركات الفلسطينية التي تستهلك الافراد كبطالة مقنعة مع احترامي لتريخها النضالي
حماس لا تسطيع لوحدها اشعال مقاومة شاملة لانه يوجد سلطة بالضفة تفاضل سلامة الصهيوني على سلامة الفلسطيني واجهزة امنية تستعنمل لتامين الرحلات السياحية للصهاينة لقبر يوسف عليه السلام واريحا بعدين يا خي خليك واقعي انتم حتى اللحظة اقصى مبادراتكم رفض الاستدعاء فكيف ستقفزوا للانتفاضة (طبعا اعلم كيف كان وضع حماس ابان انتفاضة الاقصى لكن تذكر ان ابو عمار لم يعطي اسرائيل أكبر قدس والباقي عندك )
أخوك (ثورة سوريا) عضو فلسطين للحوار
أخي الفاضل.
بداية محمود عباس ليس وحده بل يجر وراءه حركة فتح التي لها تواجد كبير بالشارع الفلسطيني.
ولديك أحد خيارين إما مساعدتهم على الخروج من مستنقع التبعية للكيان أو تركهم يغرقون فيه. أنا مع الخيار الأول.
موسى ابو مرزوق كان له تصريح قبل يومين بان على عباس استدراك طلب اعلان الدولة بالتاكيد على حق اللاجئين بالعودة، وهذا ما نريده.
يجب وضع الأمور في سياقها، فمشكلتنا ليس مع طلب العون من الأمم المتحدة (حتى لو كان الأمل معدوم) بل من الأثمان السياسية التي تدفعها السلطة.
حياك الله.
وبالمناسبة تم رفع التجميد عن عضويتك من يومين.
إرسال تعليق