الاثنين، 5 يوليو 2010

رداً على "المحرر السياسي": الكيان الصهيوني هو العدو وليس حركة حماس

لم يدر في خلدي عندما كتبت مقالتي الأخيرة "النظام الأردني وأكذوبة رفض الوطن البديل" أن تثور ثائرة بعض الجهات الرسمية والتي حرصت على الرد علي من خلال مقال هجومي وتصعيدي نشر في أكثر من موقع أردني باسم "المحرر السياسي"، ولا أدري ما هو هذا المحرر السياسي الذي يعمل بعشرات المواقع، على أي حال أرى أنه من حقي الرد على عدد من المغالطات وتحريف الحقائق التي أوردها المحلل السياسي هذا، والذي يبدو أنه كان مستفزاً لأني مقالي مس بخطوط حمراء لدى النظام الأردني.

حرص المحرر السياسي على استخدام لغة التهديد المبطن في مقاله، وبدلاً من مناقشة القضايا التي طرحتها هرب إلى أسلوب التهويش والتحريض ضد حركة حماس والتستر وراء الشعب الأردني، حيث وجدنا مقاله مليء بجمل مثل "نشعر بالقلق كأردنيين لمواصلة التعنت والانقلاب ..."، ولا أدري من خوله الحديث باسم الشعب الأردني، إلا أنه من سياق كلامه يفهم أنه يقصد النظام، فمثل أغلب الأنظمة المستبدة يختزل الشعب بشخص النظام. فلا يوجد سبب للزج باسم الشعب الأردني في مقاله إلا تمادياً في إثارة النعرات الفلسطينية الأردنية، وخاصة أني لم أكن في يوم من الأيام من الذين ينكرون جهاد وبطولة وشهامة الشعب الأردني ولا تضحياته، بل واعتبر أننا والشعب الأردني في خندق واحد ومعركة مصيرية واحدة ضد الكيان الصهيوني.

ومقالي أصلاً لم يكن فيه تهجم لا صريح ولا مخفي على الشعب الأردني، كان اتهامي للنظام الأردني بتهم محددة، ومن أراد الدفاع عن النظام فليدافع عنه، لكن عندما يتستر وراء مسمى الشعب والبلد محاولاً خلط الأمور فهذا دلالة على ضعف الحجة والبرهان والافلاس الفكري والسياسي. وربما كان أحرى به وبالنظام الأردني أن يحترموا رأي الشعب الأردني المعارض لوجود السفارة الصهيونية والرافض لاتفاقية وادي عربة.

يتكلم المحرر السياسي عن حماس الانقلابية التي تتدخل في الشأن الأردني، متناسياً أنه يدافع عن تدخل النظام الأردني في الشأن الفلسطيني الداخلي، ويدافع عن تكريس النظام الأردني للانقسام الفلسطيني عبر الدعم غير المحدود لحكومة فياض الانقلابية، ومتناسياً أن قوات الأمن التابعة لفياض تتدرب في الأردن على قمع الشعب الفلسطيني وعلى قمع المقاومة.

هل يستطيع أحد انكار أن من يقدم هذا الدعم لسلطة قبلت بالتفريط بحق العودة، ورضيت بدور الحارس لأمن الصهاينة وتمنع أي شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال، سواء كانت سلمية أو مسلحة، هو طرف في عملية تصفية القضية الفلسطينية وفي اسقاط حق العودة؟ هل لدى السلطة فلسطينية خطة أو تصور لتحرير فلسطين أو عودة اللاجئين حتى نفهم هذا الدعم غير المحدود للسلطة؟

وحتى يقزم الاتهام الموجه لنظامه هرب المحرر السياسي إلى اتهام حماس والكلام عن الانقلابيين وخلخلة الأمن الداخلي في الأردن وسيل من الاتهامات التي لا علاقة لها بما كتبته، فأنا لم أطلب من النظام الأردني أن يدعم حماس ولا أن يحبها، فقط أريد منه أن يحترم رغبة الشعب الأردني بإغلاق السفارة وانهاء اتفاقية وادي عربة، وإذا كان يزعم أن الشعب يؤيد هذه الاتفاقية فأتحداه أن يطرحها على الاستفتاء الشعبي، ليحترم رغبة شعبه ويعطيه العافية.

وعداء النظام الأردني لحماس لا علاقة له بدور حماس في الساحة الأردنية فليست حماس من حمل السلاح بوجه الشعب الأردني ولا من خاض صراعاً دموياً في أحداث أيلول الأسود، والذين أثاروا فتنة أيلول الأسود يسمح لهم بدخول الأردن والخروج منه بكل أريحية، أما مؤيدو حماس (فضلاً عن قادتها) فيمنعون من دخول الأردن ولو للزيارة، وأسألوا أي فلسطيني من الضفة مقرب من حماس ولديه ملف لدى المخابرات الصهيونية كيف يجد ملفه سبقه إلى المخابرات الأردنية التي تعيده لدى محاولته زيارة الأردن، وتبدأ بسرد نفس البنود الموجودة في ملفه الأمني.

كما أن العداء ليس وليد الانقلاب المزعوم ولا وجود حماس في المجلس التشريعي، بل هو تعبير عن انقلاب في السياسة الأردنية بعد وفاة المرحوم الملك حسين، والذي حرص على إدارة سياسة أردنية متوازنة، وإن كنت اختلف مع الكثير من قراراتها، لكنه وللحق كان شخصية متوازنة وحريصة على إدارة العلاقات الأردنية بطريقة عقلانية ومسؤولة، فكانت أول خطوات التصعيد والعداء هي طرد قادة حماس من الأردن عام 1999م.

ولا أدري ما سبب كل هذه الحساسية من فكرة العمل المقاوم في غور الأردن ضد العدو الصهيوني، وكأنها كبيرة من الكبائر، وهل يجب أن ندفع ثمن أخطاء المنظمة والتي أرتكبتها في أحداث ايلول الأسود؟ وهي أخطاء لا علاقة لها بالعمل المقاوم، بل كانت وبشهادة الجميع نتيجة للانحراف عن خط المقاومة والالتهاء بالصراعات الداخلية.

أتفهم أي نقاش حول جدوى العمل المسلح، وتحفظ البعض من أن يتم جر الأردن إلى معركة غير متكافئة مع الكيان الصهيوني، ففي نهاية المطاف نحن نريد عملاً مقاوماً يتسبب بالأذى والاحراج للعدو الصهيوني، وأي نقاش للعمل المقاوم يجب أن يدور في هذا الفلك، لكن أن يصبح مجرد التفكير بالعمل المقاوم المسلح ضد الاحتلال الصهيوني جريمة وكبيرة من الكبائر فهذا أمر لا أفهمه ولا أتفهمه، ولا أدري في هذا الأمر بماذا اختلف النظام الأردني عن سلطة فياض دايتون.

واعتقد (دون جزم) أن الذي استفز "المحرر السياسي" ومن يقف وراءه هو دعوتي لاستئناف العمل المقاوم المسلح، نظراً لأنه يحرج النظام الأردني مع الكيان الصهيوني (حليفه الاستراتيجي)، ولمسنا التهديد المبطن بقوله "كأردنيين ننظر بقلق لسلوك حماس ، كإمتداد لحركة الإخوان المسلمين"، ليوصل رسالة تهديد لكل الغيورين من أبناء الأردن ومن أبناء الإخوان المسلمين بأنه إياكم والتفكير بنهج المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني، ولعل هذا الهدف من وراء كل مقالته .

وحتى أوضح فكرتي من وراء الدعوة للعمل المقاوم المسلح عبر نهر الأردن، فأنا لا ادعو لتشكيل مجموعات ومليشيات تعيث فساداً في الأردن، كما يحاول البعض تخويف الناس من هذه الفكرة، بل كل شخص لديه القدرة لاجتياز نهر الأردن وتنفيذ عملية ضد الاحتلال أن يبادر وأن لا ينتظر إذناً من أحد، ولنا في الأسير المحرر ابن الأردن الأصيل سلطان العجلوني مثالاً يقتدى به، فهو قام بعمل فردي باجتياز نهر الأردن وقتل وأصاب ضباطاً صهاينة قبل أن يقع في الأسر.

قد نختلف وقد نتفق لكن يجب أن ندرك أن عدونا المشترك وعدونا اللدود هو الكيان الصهيوني وليس حركة حماس، وهذه ليست بدعة اخترعها المحرر السياسي، لكن سبقته سلطة دايتون التي تعمل ليل نهار على غسل عقول أبناء حركة فتح وإيهامهم بأن العدو هو حماس، ويتناسون العدو الحقيقي العدو الصهيوني. وفي النهاية كل من يتناسى الخطر الصهيوني ويتغاضى عن اعطاء الأولوية لمحاربته هو مشترك بجريمة الوطن البديل سواء كان يدرك ذلك أم لا، لأن استمرار وجود الكيان الصهيوني يعني تحقيق الوطن البديل وإن لم يسمى بهذا المسمى.

ليست هناك تعليقات: