الأحد، 7 فبراير 2010

ما لم يتداوله الإعلام بخصوص رد الحكومة في غزة على تقرير غولدستون

تناقلت وسائل الإعلام خبر اعتذار حركة حماس عن مقتل صهاينة في حرب غزة العام الماضي، مستدلة بعبارات وردت في رد حكومة غزة على تقرير غولدستون، متجاهلة أكثر من 81 صفحة مليئة بالأدلة التي تدين الكيان الصهيوني وتوثق جرائمه، وبدلاً من استغلال هذه الفرصة لفضح الكيان الصهيوني والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني، فضلت بعض الأطراف تصفية الحسابات مع حركة حماس، وتصيد جمل وردت في التقرير بدلاً من تصفية الحسابات مع العدو الحقيقي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وحتى نكون على بينة وإطلاع فيما يخص هذه المزاعم (والتي تضر حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وليست مجرد نقاط سياسية يسجلها خصوم حماس عليها) قمت بمراجعة الوثيقة والتي نشرتها صحيفة الرسالة، وهي مكونة من 81 صفحة، منها صفحتين فقط اختصت بالجزء الخاص بتفنيد الاتهامات التي وجهها تقرير جولدستون بحق المقاومة وفيه وردت الجمل المثيرة للجدل، نعرض فيما يلي هذا الجزء لنعلق عليه لاحقاً:


رابعاً: توضيحات من الحكومة الفلسطينية تتعلق بالادعاءات المحددة عن هجمات من داخل قطاع غزة موجهة ضد مدنيين وأهداف مدنية:

1. إننا في الحكومة الفلسطينية في غزة نؤكد موقفنا الثابت بضرورة تجنب المدنيين والمؤسسات المدنية أعمال المقاومة، وإننا نوضح موقفنا الثابت هذا والمستمد من الشريعة الإسلامية. إضافة إلى احترامنا للقانون الدولي وقواعده التي تحمي المدنيين في زمن الحروب وفي ظل الاحتلال، إننا نوضح ونؤكد موقفنا هذا دائماً لفصائل المقاومة الفلسطينية.

2. إن فصائل المقاومة عادة ما تلتزم بمبدأ حماية المدنيين وعدم استهدافهم. وقد قدم الشيخ أحمد ياسين، وغيره من القادة بعده، مقترحات معلنة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي لحماية المدنيين وتجنيبهم الأعمال القتالية، غير أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تلتزم (بمبدأ حماية المدنيين) ولم ترد بالإيجاب على مقترحات قادة المقاومة. والعدوان الأخير على غزة في ديسمبر ويناير 2008-2009 خير شاهد على استهداف المدنيين وتعمد فتلهم، والإحصاءات ذات الدلالة مذكورة في تقرير جولدستون.

3. إننا في الحكومة الفلسطينية في غزة نؤكد على تمسكنا بمبادئ القانون الدولي في موضوع حماية المدنيين ونطالب المؤسسات الدولية بإلزام (إسرائيل) بالاحترام والالتزام نفسه.

4. إنه في إطار ممارسة فصائل المقاومة لحقها المشروع في مقاومة المحتل للأرض والمقدسات، وفق قواعد القانون الدولي، فإنها تلتزم بالقانون الإنساني الدولي والأخلاق في أعمال المقاومة، كما أنها تجتهد ما وسعها الاجتهاد لعدم تعريض المدنيين للخطر. ولكن ليكن معلوماً أن المقاومة الفلسطينية برغم من أنها منظمة مقاومة، فهي ليست جيشاً منظماً يملك أسلحة متطورة تقنية؛ فقد تستهدف المقاومة موقعاً عسكرياً أو مربض مدفعية، فتنحرف النار قليلاً أو كثيراً وتقع بالقرب من موقع مدني رغم الاجتهاد الكبير لعدم وقوع إصابات في المدنيين، ونؤكد أن المقاومة لا تستهدف المواقع المدنية عن عمد وقصد، وأنها تعالج ما يقع بطريق الخطأ.

5. أن المدنيين على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لهم حرمة، وهم أولى الفئات المحمية تاريخياً في القانون الإنساني الدولي. غير أن ما أصاب المدنيين في (إسرائيل) ليس مقصوداً من جانب المقاومة لأن استمرار إطلاق الصواريخ كان تحدياً سياسياً للعدوان الإسرائيلي الذي زعم أنه يهدف إلى وقف إطلاق الصواريخ. من ناحية أخرى فإن الحالة المتواضعة لصواريخ المقاومة الفلسطينية تجعل الفرق واضحاً وحاسماً بين مبدأ إطلاقها كمقاومة كما تفعل كل الأطراف الضعيفة كرد فعل تلقائي على المعتدي الباطش، وبين التحكم في نتائج إطلاقها نظراً لافتقارها الكامل إلى القدرات الفنية، ولذلك فإننا نأسف لما قد يكون قد أصاب أي مدني إسرائيلي ونأمل أن يتفهم المدنيون الإسرائيليون أن الاستهداف المستمر لنا من جانب حكومتهم هو الأساس ونقطة البداية وليس إطلاق الصواريخ إلا رد فعل محدود ومتواضع، ولكنه يحمل رسالة صارمة بأنه رغم ضعفنا المادي فإننا مصممون على إزالة الاحتلال والدفاع ضد العدوان بكل ما نملك وهو أمر مشروع تماماً في القانون الدولي.

6. نؤكد على ضرورة توجيه الجهد الدولي إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفتح المعابر وفك الحصار، لأن إغلاق المعابر يعني استمرار نية الإبادة وتعطيل قرارات المجتمع الدولي بإعادة أعمار غزة، ونؤكد على ضرورة الضغط على الجانبين الإسرائيلي والمصري لهذا الغرض، ولا يجوز مطلقاً التذرع بذرائع سياسية للاستمرار في إبادة السكان فنحن نضع هذه المسئولية في عنق مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

7. نؤكد على أن (إسرائيل) المدججة بكل أنواع الأسلحة والتي تعمل منذ قيامها على إبادة الشعب الفلسطيني، تستفز المجتمع الدولي إلى الوقوف ضدها وحماية الشعب الفلسطيني الأعزل من البطش الإسرائيلي وأن تجويع القطاع وإبادته منذ حوالي أربع سنوات يتم دون تحرك جدي من جانب المجتمع الدولي الذي يبدو أنه ينتصر للقوي ويغفل عن الضعيف. ولذلك فإننا مرة أخرى نضع هذه المسؤولية أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

نحاول فيما يلي إجمال أهم الملاحظات على ما أورده هذا الجزء من التقرير:

أولاً: بعيداً عن تصيد الكلمات والتنقيب عن كلمة هنا أو كلمة هناك، كل ما ذكر كان في معرض الدفاع عن المقاومة، والدفاع عن أعمالها، ولا يوجد أي كلمة واحدة تتكلم عن تغيير مستقبلي في أعمال المقاومة (وهو ما يهمنا) أن تستمر المقاومة بسياستها بدون تغيير. بل وأكثر من ذلك قال أحد مسؤولي الحركة تعقيباً على مزاعم الاعتذار في تصريح لوكالة رويترز: "لا يوجد تغيير في سياسة الحركة وهذا يتضمن موقفنا من العمليات الاستشهادية."

ثانياً: في البند الثاني هنالك إشارة إلى عرض الشيخ أحمد ياسين في الانتفاضة الأولى بتجنيب المدنيين من الجانبين العمليات وأن تكون فقط رجال المقاومة في مواجهة جيش الاحتلال. والتقرير أكد على أن الذي رفض هو الاحتلال. يومها رد رئيس الوزراء الصهيوني اسحق رابين على ذلك العرض في أيامها بقوله: (لا نقبل عرضاً يتضمن المساس بجنود جيش الدفاع).

ثالثاً: بالرغم من أن هذا الجزء مكرس للدفاع عن المقاومة وتبرير أعمالها، إلا أننا نلاحظ أن الفقرات رقم 3 و6 و7 مكرسة لإدانة الاحتلال ولا تتكلم عن المقاومة بشيء.

رابعاً: الفقرة الرابعة واضحة الدلالات - صواريخ المقاومة غير متطورة والمقاومة ليست جيشاً نظامياً، وبالتالي يفهم منها أن استهداف ما يسمى بالمدنيين الصهاينة لن يتوقف إلا بعد أن تمتلك المقاومة صواريخ متطورة وجيشاً نظامياً متطوراً. وإذا وصلنا لهذه المرحلة من تطور الوسائل القتالية للمقاومة فهذا معناه أن أيام الكيان الصهيوني ستكون معدودة.

خامساً: الفقرة الخامسة، وهي التي تم تناولها بشكل مبتسر ومبتذل عندما فسرت كلمة الأسف بأنها اعتذار من حماس على طريقة (ولا تقربوا الصلاة)، لنكمل قراءة الفقرة حتى النهاية لنجد أن الفقرة الخامسة:

أ‌- تحمل الاحتلال مسؤولية ما وقع للمستوطنين الصهاينة، مما يعني أنه لا تبعات على المقاومة: ونأمل أن يتفهم المدنيون الإسرائيليون أن الاستهداف المستمر لنا من جانب حكومتهم هو الأساس ونقطة البداية وليس إطلاق الصواريخ إلا رد فعل محدود ومتواضع.

ب‌- حوت جملة مهمة للغاية لم يتناولها أحد في الصحافة بالشكل الكافي بالرغم من أنها تنسف ادعاء اعتذار حماس بشكل كامل، فهي تؤكد على شرعية إطلاق الصواريخ: "ولكنه يحمل رسالة صارمة بأنه رغم ضعفنا المادي فإننا مصممون على إزالة الاحتلال والدفاع ضد العدوان بكل ما نملك وهو أمر مشروع تماماً في القانون الدولي".

إطلاق الصواريخ هو رسالة صارمة في وجه الاحتلال، وتأكيد على صد العدوان بكل ما نملك، وهو أمر مشروع.

تقرير جولدستون ورد حكومة غزة عليه مليئان بالأدلة التي تدين الاحتلال، وهي فرصة يجب استغلالها لفضح المحتلين أمام العالم، ومطاردة قادة الاحتلال في المحافل الدولية، بدلاً من الغرق في مناكفات بين حماس وفتح، ومزايدات لا طائل منها، فعدونا في نهاية المطاف هو الاحتلال الصهيوني، ويجب أن تتكاتف جهودنا لمحاصرته.

ليست هناك تعليقات: