ما يميز الشهيد محمد الزواري (وهنالك المئات مثله) أنهم عملوا بصمت، بدون اعتبار لحدود سايكس بيكو، على عكس الاتهام الذي يوجه لحماس والإخوان أنهم يقدسون الدولة الوطنية وحدود سايكس بيكو.
يتفادون الكلام عن تعاون مئات العرب غير الفلسطينيين مع حماس من أجل القضية الفلسطينية، حتى لا يجلبوا لهم المشاكل، فهم أثبتوا أنهم لا يؤمنون بالحدود، لكن يعملون بكثير من الصمت وقليل من الجعجعة.
عكس غيرهم ممن ملأوا الدنيا جعجعة بجهادهم الذي لا يعترف بالحدود، وإذا بهم يزيدون الأمة تمزيقًا وصراعات من أجل أجنادتهم الحزبية الضيقة.
فالحدود تزول بالعمل وليس الشعارات، والوحدة يحققها الميدان وليس القهر ولا الغصب ولا المزايدات.
لماذا اغتال الصهاينة الشهيد الزواري؟
1) الثأر: فالصهاينة حقودون ولا ينسون من يعاديهم أو يحاربهم، والشهيد آذاهم عندما مكن القسام من امتلاك الطائرة بدون طيار.
2) الردع: فالردع عنصر أساسي من العقيدة الأمنية الصهيونية، فهم يقتلون شخصًا لكي يخيفوا ألفًا آخرين، وهم يريدون أن يوهمونا بأنهم يستطيعون الوصول لأي شخص وفي أي مكان يريدونه.
3) عرقلة جهود حماس: فرغم أن الشهيد درب الكثير من عناصر القسام على تصنيع وتطويرات الطائرات، لكن خبرته واندماجه بالعمل، يجعل من تصفيته ضربة لصناعات القسام.
ليست ضربة قاصمة لكنها تعرقل جهود حماس العسكرية، وليس من السهل تقييم حجم الضربة إن كانت كبيرة او صغيرة.
والصهاينة يحرصون على الاستفادة من الحادث لأقصى درجة من أجل تحقيق هدف الردع، وذلك عبر خلق وهم أنهم يعرفون كل شيء ويعرفون ما توسوس به الأنفس وما يخفى عن الأعين.
هنالك الآلاف من العرب يعملون مع حماس سواء في مجال التمويل أو التنظيمي أو العسكري، ووصول الموساد إلى شخص واحد ليس بالإنجاز، وعلى الأغلب أنهم وصلوا لطرف خيط بسبب ثغرة امنية حصلت في مكان ما.
لو كانوا يحيطون علمًا بكل منظومة حماس الأمنية والعسكرية لسمعنا كل شهر أو أسبوعين عن عملية اغتيال وتصفية، ومن يعرف حجم الجهد المبذول لملاحقة المقاومة والأموال التي تصرف على ذلك، والحجم الهائل لتعاون أجهزة أمنية عربية مع الاحتلال، سيعلم أن الوصول للزواري رغم أنه مؤلم لكنه لا يعبر عن نجاح هائل للاحتلال.
وهذا لا يغني طبعًا عن أخذ الدروس الأمنية والاستفادة منها.
الشهيد محمد الزواري من زاوية أخرى
الكل يتكلم عن المجاهد محمد الزواري لكن ماذا عن العالم محمد الزواري؟
العالم محمد الزواري عمل بإمكانيات بسيطة، لم يخرج لنا بلقاءات صحفية تطالب باحتضان مواهبه العلمية.
العالم محمد الزواري تنقل بين بلدان متخلفة من ناحية الإبداع العلمي والتطور التكنولوجي وأبحاث الطيران (تونس، ليبيا، السودان، سوريا) لكن لم يمنعه ذلك من تطوير طائرة القسام بدون الطيار.
العالم محمد الزواري كان بإمكانه أن يلحتق بشركات عالمية لصناعة الطائرات، وأن تتوفر له إمكانيات علمية ومادية وتقنية أكثر بكثير مما وفره القسام، وربما قدم اختراعات تذهل العالم، لكنه فهم المعادلة بشكلها الصحيح فأن يخدم أمته ببرغي ومفك أفضل من أن يخدم الغرب باختراعات مذهلة.
الكثير من المتفوقين علميًا في بلداننا يتوجهون لطلب العلم في الغرب، وعندما يعودون إلى البلاد يتذمرون من عدم الاهتمام بمواهبهم وذكائهم، وعدم توفير الإمكانيات لهم، وهو كلام في الغالب صحيح.
لكن ما ضرهم أن يكونوا مثل الشهيد محمد الزواري؟ يخدموا أمتهم بما هو متوفر، وأن يكونوا مبادرين لا منتظرين؟
ليس شرطًا أن يكونوا قساميين، فطبيب يداوي المرضى في التجمعات البدوية أو القرى النائية بإمكانيات بسيطة خير من طبيب عالمي في أكبر وأهم المستشفيات الغربية، فخير الأول لنا وخير الثاني لغيرنا.
كن مثل الشهيد محمد الزواري وفكر بأمتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق