تمثل تصريحات الغنوشي بخصوص الشهيد زواري والحرص على "إبراز سلمية" النهضة، مثالًا للخطاب الإعلامي للإخوان ومن دار في فلكهم بالسنوات الأخيرة.
من حيث الحرص على عدم تبني "العنف" من أجل تفادي الاستهداف الأمني وعدم استفزاز الغرب.
ومما زاد الطين بلة مغامرات القاعدة وداعش الفاشلة والخوف المزمن من الوقوع بذات الأخطاء.
فخرج علينا خطاب يتبرأ عمليًا من الجهاد، رغم أنه فرض ديني وضرورة دنيوية في عصرنا هذا، وذلك من خلال وضع شروط شبه تعجيزية.
وإن كان هذا الخطاب يحقق بعض النتائج الإيجابية في مخاطبة الأنظمة والغرب، إلا أن مردوداته الداخلية خطيرة جدًا، حيث نشهد تناميًا لنوعين من ردود الأفعال: الهرب باتجاه جماعات تتبنى الجهاد المسلح وأكثرها يقودها مغامرون، أو الانتكاس ورفض الجهاد بكافة أشكاله وإيثار السلامة والمسالمة.
مع الإشارة إلى أن الغرب لن يبلع الطعم بسهولة، ولن تقنعه كثيرًا كلمات السلمية ونبذ الإرهاب، ومن متابعتي فالغرب والصهاينة يخشون القوة الناعمة للإخوان أكثر من خشيتهم لبندقية القاعدة، لذا فخطاب التقية لدى الغنوشي أو غيره لا يفيد إلا على نطاق ضيق.
المطلوب تصحيح البوصلة:
أولًا: ما تخاطب به الغرب لا يجوز أن يكون أساسًا لما تخاطب به جمهورك، وإن كنت تخشى من تسجيل النقاط عليك، فأمامك خيار الصمت.
ثانيًا: يجب تأصيل العمل الجهادي شرعيًا وميدانيًا بحيث تكون الأمور واضحة أمام أبناء التيار الإسلامي، متى يحملون السلاح ومتى يحملون السلمية، وكيف يحملون السلاح وما ضوابط ذلك، وما هي الأهداف المشروعة، وغير ذلك.
وذلك بدلًا من جنون التكفير والقتل المجاني الذي توفره القاعدة وداعش، أو رفض فكرة الجهاد طول الوقت بحجة أنه لم يحن الوقت، أو بذريعة "أن الأمور غير واضحة والفتنة قائمة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق