الجمعة، 17 فبراير 2017

انتخابات حركة حماس وتأثيرها على سياستها المستقبلة


جاءت نتائج انتخابات حركة حماس في قطاع غزة وفوز يحيى السنوار رئيسًا للحركة في القطاع، في وقت حساس بالنسبة للقضية الفلسطينية واشتداد هجمة الصهاينة لتصفيتها والقضاء عليها.

مما دفع الكثيرين لمحاولة الربط بين القائد الجديد للحركة في غزة وبين سياستها المستقبلية، وشطح الإعلام الصهيوني بعيدًا في خياله بالكلام عن انتصار التيار العسكري في حماس.

لذلك لا يتوقع أي تغيرات جوهرية في سياسة حركة حماس بالمرحلة القادمة آخذين بعين الاعتبار الآتي:

أولًا: هنالك تداخل كبير بين السياسي والعسكري في حركة حماس، بوصفها حركة مقاومة هدفها تحرير فلسطين، وتبنت الكفاح المسلح منذ يومها الأول.

والكثير من قادة الحركة جمعوا بين السياسة والعسكر، مثل الشهيد إبراهيم المقادمة أو الأسير إبراهيم حامد.

ويحيى السنوار نفسه رغم وصفه بالخلفية الأمنية والعسكرية، إلا أنه ليس بعيدًا عن السياسة وأجنحتها غير العسكرية، ويكفي أن بدايته كانت مع الكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية.

فلا وجود لجناح عسكري "متعصب" يكره الصهاينة، وآخر سياسي مستعد للتعايش معهم، سوى في أوهام الإعلام العبري، وخاصة أن مصير السلطة ماثل أمام حماس ولا تغري أحدًا من قادتها لتكرار نفس التجربة الفاشلة.



ثانيًا: حماس هي تنظيم مؤسساتي لا تخضع لأهواء القيادات، وهنالك آلية معقدة لاتخاذ القرار، فرغم أن تغيير الشخص قد ينعكس بشكل أو بآخر على الحركة، لكن لا يمكن أن نرى تغيرات جوهرية وعميقة بناء على وجهة نظر شخص واحد فقط.

ثالثًا: حماس تنظيم غير مركزي، ومراكز اتخاذ القرار فيه عديدة: غزة والضفة والخارج، وداخل كل مركز هنالك نوع من اللامركزية بدرجة أو بأخرى، فلا يمكن لشخص أن يغير وجهة الحركة لوحده.

رابعًا: الكثير من مواقف حماس ناجمة عن الظروف القوية التي تفرض نفسها، وليست عن سياسة مقصودة وموجهة، وبالتالي ما لم تتغير هذه الظروف فلن تتغير المواقف مهما تغير الأشخاص.

مثل ضعف العمل العسكري للقسام في الضفة، أو الاهتمام الزائد في غزة بقضايا معيشية مثل الكهرباء والمعابر.

وبناء على ما سبق فلا أتوقع أي تغيرات جذرية في سياسة الحركة أو مواقفها، لكن مجرد التغيير والأتيان بشخص جديد إلى موقع شغله إسماعيل هنية لعشرة أعوام هو إنجاز، حتى لو انتخب هنية لخلافة مشعل (كما يتوقع البعض)، فلدينا نماذج مثل فتح يحتكر فيها القائد عشرات المناصب؛ محمود عباس رئيس السلطة، ورئيس فتح، ورئيس المنظمة، وغير ذلك.

فمجرد التغيير في قيادات الحركة اعتبره إنجاز لأن للإنسان طاقة محدودة على العطاء، فمن يجلس عشرة أعوام أو عشرين عامًا في ذات الموقع سيفقد أي قدرة على التجديد والتعامل مع التغيرات المستجدة.

والقضية الفلسطينية مقبلة على تغيرات مستجدة ناجمة عن طبيعة حكومة الاحتلال والطبقة الحاكمة في الكيان الصهيوني، ووجود ترمب في رئاسة أمريكا، فحل الدولتين (أو الدولة على أراضي الـ67)، لم يعد ممكنًا لا برؤية فتح (السلام الشامل)، ولا رؤية حماس (الهدنة طوية الأجل).

وهذا يتطلب حلولًا إبداعية لمحاربة المشروع الصهيوني، واستغلال موجة الانتقاد العالمي لحكومة الاحتلال اليمينية وحليفها ترمب، فهل ستكون قيادة حماس الجديدة قادرة على ابتكار هذه الحلول الإبداعية والخروج من التعامل النمطي مع الملفات الفلسطينية المختلفة؟

ليست هناك تعليقات: