الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

حول الفيديو "المسرب" للتحقيق مع الطفل أحمد مناصرة




أولًا: مكان الفيديو في غرفة تحقيق لجهاز الشاباك الصهيوني (والبعض قال أنه تحقيق شرطة ويبدو أنه المرجح)، ويمكن تمييز المحققين من لباسهم المدني، وأتوقع أنه في المسكوبية.

ثانيًا: الأصل في القانون الصهيوني أن يتم تصوير التحقيق وعرضه في المحاكم للتأكد من أنه لم يتم تعذيب المعتقل، إلا أن الشاباك الصهيوني حصل على استثناء منذ عشرات السنوات بعدم عرض التصوير أمام المحاكم الصهيونية (بما يخص الأسرى والمقاومين الفلسطينيين)، والحجة الرسمية أن لا يتعرف الأسرى على أساليب التحقيق، ومؤخرًا تم تحويل هذا الاستثناء إلى قانون دائم.

ثالثًا: وعليه فتسريب الفيديو متعمد من جهاز الشاباك، فلو لم يكن متعتمدًا لكان هنالك رد فعل عنيف من دولة الاحتلال، ليس أقلها إغلاق مكاتب فضائية فلسطين اليوم (التي كانت أول من بثه) واعتقال العاملين فيها والتحقيق معهم حول مصدره.

ودليل إضافي على أنه تسريب متعمد هو قص مقاطع من الفيديو، إما لأنها تظهر أحاديث جانبية للمحققين أو لأن فيها كلمات نابية توجه للطفل أو تظهر ضربه أو غير ذلك من أمور لا يرغب الصهاينة أن يراها العالم.
(ملاحظة: بعد كتابة المقال تبين أن المحامي أخذ الشريط من النيابة الصهيونية بطريقة "قانونية" وهو من أعطاه للصحافة، وهذا تأكيد بأن الاحتلال تحكم بمحتوى الشريط).

رابعًا: الهدف الأول للاحتلال من نشر الفيديو هو التأكيد على أن الطفل نفذ العملية، حيث يظهر الفيديو بوضوح أن الطفل قد تعرف على نفسه في الفيديو وهو يقوم بالطعن، وهذا من أجل التصدي للحملة الإعلامية على الكيان الصهيوني بسبب فيديو إصابة الطفل.


ومن أجل التصدي للرواية التي نشرها قسم من الإعلام الفلسطيني بأن الطفل الأسير لم ينفذ أي عملية طعن، وللأسف إعلامنا قد ورط نفسه بهذه الرواية، وما زال يكرر نفس الخطأ وهو اختلاق روايات وتدعيمها بشهود عيان وهميين، أن الأبطال منفذي عمليات الطعن لم يكونوا يريدون تنفيذ عملية طعن، وأنهم كانوا إما بائعي راس عبد أو يقطفون الزيتون أو يتسكعون في الشارع.

لا ضرورة لكل تلك الروايات الكاذبة فأبطال السكاكين ليسوا بحاجة لتعاطفكم، وها هم الصهاينة قد استفادوا من كذبكم ليضربوا مصداقيتنا كفلسطينيين أمام العالم وأمام الغرب.

خامسًا: الهدف الثاني من نشر الفيديو هو كسر صورة البطل في عيون المجتمع الفلسطيني، فمنفذو عمليات الطعن هم أبطال، والأسرى هم أبطال، وها هم أبطالنا ينكسرون ويبكون في غرف التحقيق.

أحد شروط الارتقاء في العمل التنظيمي الفلسطيني هو عدد السنوات التي قضاها الشخص في سجون الاحتلال، فكيف ستكون نظرتنا لهذا القائد وقد رأيناه يبكي وينهار في التحقيق؟ صحيح سنعذره ونلتمس له ألف عذر وعذر، لكن ستبقى في ذاكرتنا لحظة ضعفه وانهياره!

سادسًا: الهدف الثالث هو إخافة من يفكرون بعمليات الطعن أو مقاومة الاحتلال، فرغم أنهم يعلمون احتمالية استشهادهم أو تعرضهم للتحقيق والإذلال من قبل الصهاينة، إلا أن السماع شيء والمعاينة والرؤية شيء آخر تمامًا.

 ولهذا يتعمد الاحتلال نشر صور الشهداء وهم بأوضاع غير لائقة، ونشر صور الأسرى وهم بأوضاع مهينة، والفيديو استمرار لهذه السياسة الواضحة، وللأسف إعلامنا يهمه حصد المعجبين والمتابعين، فينشر صور الشهداء والأسرى مهما كانت مهينة لهم ومهما كانت مؤذية لأهلهم والشماعة الموجودة دومًا "فضح الاحتلال".

سابعًا: الهدف الرابع مساومة المعتقلين لاحقًا، عبر تهديدهم بنشر فيديوهات التحقيق معهم والتي قد تظهرهم بأوضاع ضعف وبكاء ما لم يتعاونوا مع المحققين وما لم يصبحوا عملاء، وهذا يؤتي نتيجته مع الأسرى من المراهقين بالتحديد (أعمار 14 - 18 عامًا)، فمن ناحية قد يفتقدون للوعي الكافي وإدراك أنها تهديدات جوفاء، ومن الناحية الأخرى فحاجتهم للتأكيد على "رجولتهم" قد تدفعهم لفعل أي شيء حتى لا يظهروا بمظهر الطفل أو الفتاة الباكية.

وأعلم عن طفل أسير (كان عمره 16 عامًا) اعترف أمام محققة صهيونية، لأنها هددته بالضرب، واعتبر من الإهانة أن يضرب على يد إمرأة، فللتخلص من هذه الإهانة اعترف، طبعًا تصرفه غير منطقي لكن هذا ما يحصل وهكذا يفكر المراهقون! وهو مجرد مثال.

ثامنًا: من يظن أن الفيديو يدين الاحتلال في شيء فهو واهم، هو فقط يدينه في وعي المواطن العربي لأن العربي يكون قد قرر مسبقًا إدانة الاحتلال، مهما كان الفيديو ومهما كان محتواه.

لكن أمام المحاكم الدولية وأمام الرأي العام العالمي، فلا يقدم ولا يؤخر الفيديو في شيء، بل هنالك أمور لصالح الاحتلال، مثل الكلام عن السماح للطفل بالاتصال مع محاميه (وربما كان هذا المحامي ضابط مخابرات ينتحل صفة المحامي)، وهذا بالعادة ما لا يحصل مع الأسرى قبل انتهاء التحقيق، إلا أنه لغرض الدعاية سمحوا للطفل أحمد بالاتصال بمحامي فهذه من الأمور التي تهم الغرب.

أما إنكار الطفل وقوله "مش عارف" و"مش متذكر"، فهذه من الوسائل الدفاعية التي يستخدمها بعض المعتقلين لتفادي أسئلة المحققين، وهو تصرف حكيم من الطفل حتى لا يضطر للإجابة عن أسئلة مثل من أين جاءوا بالسكين ومن أين جاءوا بثمنه ومن حرضهم للقيام بذلك، وغير ذلك من أسئلة المحققين التي لا تنتهي.

وبالتالي فإنكار الطفل لا يدين الاحتلال ولا يساعد أمام أي لجنة تحقيق أو أي خبير في شؤون التحقيق والتعذيب وغير ذلك، إلا الخبراء العرب واللجان العربية لأنهم قد قرروا مسبقًا إدانة الاحتلال!

ليست هناك تعليقات: