الاثنين، 30 أغسطس 2010

شهر رمضان بنكهة السجائر والأراجيل!!

تنتشر بين الناس طقوس كثيرة مرتبطة بشهر رمضان منذ مئات السنين، فارتبطت أكلات ومشروبات معينة بالشهر الفضيل، وذلك تعبيراً عن فرحة الناس واحتفالهم بالشهر، وإن لم يكن لأغلب هذه الطقوس والعادات علاقة بالمعاني الدينية لشهر رمضان، إلا أنها بشكل أو آخر تعبر عن فرح المسلمين واحتفالهم بهذا الشهر العظيم.

إلا أن المشكلة تكون عندما يصبح الاحتفال هو الأساس وهو الأصل، وينسى الناس قيمة شهر رمضان الحقيقية، وفي ظل الثقافة الاستهلاكية السائدة في عالمنا الإسلامي، أصبح شهر رمضان مناسبة لتسويق أي شيء يباع ويشترى ويدفع ثمنه، فأصبحنا نجاري الغرب عندما حولنا المناسبات الدينية إلى مناسبات استهلاكية وتجارية، فنرى كافة أشكال الأعمال والشركات وهي تتنافس على استغلال رمضان والقيام بحملات رمضانية تجارية وتسويقية.


ابتداءً من المسلسلات الرمضانية ومروراً بالتسوق الرمضاني والأطعمة الرمضانية، وانتهاءً بالخيم الرمضانية التي تحرص على تقديم "الترفيه" للصائمين من وقت ما بعد الأفطار إلى ساعات الليل المتأخر، بما يضيع أجر صيامهم وأجر الطاعات التي مارسوها خلال نهار رمضان، وكل هذا لا يهم ما دام يدرّ دخلاً ويجلب الأموال.

وفي ظل الخواء الروحي والجهل الديني لدى قطاعات واسعة في مجتمعاتنا الإسلامية يسهل الانسياق وراء هذه الحملات الدعائية، متناسين ومتجاهلين حقيقة هذا الشهر ولماذا وجد هذا الشهر، فلو وجد المجتمع الذي يؤمن بأن رمضان هو شهر العبادات والطاعات لما استطاعت الماكنة الاستهلاكية من اقتحامه وتحويله إلى مجرد مناسبة احتفالية وكرنفالية، ولما كان مجرد فرصة للترويج للمنتجات والبضائع.

وعندما يتحول رمضان إلى مناسبة ترويجية واستهلاكية، وعندما يصبح مهرجاناً كرنفالياً، يصبح ترويج أي منتج فيه مباحاً، حتى لو تعارض هذا المنتج مع أسس الدين الإسلامي وبديهياته وأحكامه الشرعية، فنكون قد تجاوزنا مرحلة الاحتفال برمضان من خلال المباحات (الأكلات الرمضانية) إلى الاحتفال به من خلال الترويج للمحرمات، فنرى اعلانات البنوك التجارية الربوية التي تبشر بعروض مغرية للاقتراض "بمناسبة حلول الشهر الفضيل" كي لا تحرم الصائم من فرصة الشراء والانفاق خلال شهر "الانفاق والتبذير"؛ وهو ما تحول إليه شهر رمضان (بكل أسف) بفضل ماكنات الترويج الاستهلاكية.

لكن أكثر ما لفت انتباهي واستفزني هو اعلان تجاري لأحد ماركات السجائر، والتي تروج لمنتوج "سجائري" جديد، وتؤكد على أنه "صناعة وطنية"، وكأنه لا يكفي الترويج للحرام أصر أصحاب الشركة على وضع خلفية "رمضانية" للاعلان وعنوان "رمضان كريم" في الأعلى. بماذا اختلف هذا العمل عن شركات تصنيع الخمور الصهيونية التي تضع صور مسجد قبة الصخرة على زجاجات الخمور؟ أو شركات الأزياء الغربية التي تضع آيات قرآنية على ملابس فاضحة؟

ألا يعتبر هذا الصنيع إهانة لشهر رمضان؟ إلا يعتبر تدنيساً لحرمة الشهر؟ ألا تعتبر الخيام الرمضانية التي تعمل على اجتذاب الزبائن من خلال إغرائهم بالأراجيل الرمضانية فعلاً مستفزاً؟ إن أراد القوم مناسبة استهلاكية فليتركوا لنا شهر رمضان وليبحثوا لهم عن شهر آخر، لم نغضب من الغربيين إن أهانوا رموزنا الدينية ولا نغضب إن قام أبناء ديننا بإهانتها؟

يجب أن نعمل على استعادة شهر رمضان من الذين اختطفوه وحولوه لكرنفال استهلاكي يروج لكل ما كان حلالاً أو حراماً (لا يهم ما دام يدر الدخل على أصحابه)، لست ادعو لمحاربة الأكلات الرمضانية أو التسلية البريئة (وإن كانت تتناقض في بعض جوانبها مع رسالة شهر رمضان)، لكن ما يجري تجاوز كل الحدود المقبولة، فلا نقبل تفريغ شهر رمضان من معناه وتحويله إلى مجرد كرنفال تسوقي مثلما هو حال أعياد الميلاد في الغرب، فنحن أصحاب رسالة وعقيدة قبل أي شيء آخر.

ليست هناك تعليقات: