في ظل
حكام عرب مثل السيسي وابن زايد وابن سلمان، وتقاربهم الفج مع الكيان الصهيوني، بدت
الأمور وكأن الصهاينة قد أحكموا قبضتهم على العالم العربي.
ورغم
أنهم بمساعدة أمريكا يتحكمون فعلًا بالكثير من الأنظمة العربية، لكن ما حصل بالأمس
عندما ألقى مرزوق الغانم (وهو اسم على مسمى) كلمته النارية، واستطاع تجييش الوفود
البرلمانية العالمية ضد الكيان الصهيوني كشف لنا مدى هشاشة هذا الكيان.
وبالمناسبة
لم تكن كلمة الغانم وحده بل كانت كلمات نواب من تونس والأردن قوية وساهمت في إجبار
وفد الكيان الصهيوني على مغادرة المؤتمر.
وهذا ليس
أول موقف مشرف للغانم بل ألقى كلمة أثناء أحداث المسجد الأقصى قبل ثلاثة شهور، ومن
الواضح أن لديه هدف منذ انتخابه عضوًا في مجلس الأمة الكويتي ثم انتخابه رئيسًا
له، وهو تسخير موقعه في خدمة القضية الفلسطينية وإعادة الأمور إلى نصابها بعد أن
عبثت بها أنظمة الثورات المضادة.
إذا
قارنا ما حققه الرجل بإمكانياته فهو الشيء الكثير، فالرجل مستقل غير مدعوم من
أحزاب تسنده، ومجلس الأمة الكويتي صلاحياته محدودة، وخاصة فيما يتعلق بالسياسة
الخارجية، لكن استطاع أن يشق طريقًا رغم كل ذلك لنصرة القضية الفلسطينية.
وإذا
أضفنا إلى ذلك فشل الصهاينة في دعم انفصال كردستان عن العراق، رغم الوعود والتشجيع
والرهانات، ندرك أن الكيان الصهيوني انتفش في الفترة الأخيرة وأخذ أكبر من حجمه
الحقيقي (والإعلام الصهيوني حريص على النفخ في قدرات دولته).
ما ساهم
في هذا الانتفاش غير الطبيعي هو هجوم الثورات المضادة المستمر منذ عام 2013م، وهو
هجوم انتحاري على مبدأ إما كل شيء أو لا شيء، وأنظمة الثورات المضادة حرقت سفنها
وجاهرت بعلاقتها مع الكيان الصهيوني، فأعطت الوهم بأنه اخترق المنطقة، رغم أن
علاقاته غير المعلنة معها قديم وقديم جدًا.
فالكيان
الصهيوني لم يحقق اختراقات حقيقية جديدة، بل هي اختراقات قديمة جدًا، والجديد فقط
هو الاختراقات الإعلامية والحرب النفسية.
وهذا ليس
بالضرورة أمرًا جيدًا للصهاينة، لأنهم ربطوا أنفسهم بأنظمة فاشلة ومكروهة، وأنظمة
دخلت حربًا شرسة ضد إرادة شعوب المنطقة، قد تخرج منها منتصرة، وقد تخرج مهزومة،
وثمن هزيمتها سيكون كبيرًا وسيدفع الصهاينة جزءًا كبيرًا من هذا الثمن.
ما قام
به مرزوق الغانم أنه كشف لنا هشاشة هذا الكيان الصهيوني، الذي ما زال العالم ينظر
له على أنه دولة مارقة وخارجة عن القانون، ومجموعة عصابات إرهابية تمارس الإرهاب
المنظم.
نحتاج
رجالًا بجرأة الغانم، يدركون الطبيعة الجديدة للصراع مع الصهاينة وحلفائهم من
أنظمة الثورات المضادة، هذه الطبيعة التي لا تحتمل المداهنة أو الحلول الوسط أو
التدرج في التغيير، بل تحتاج لجرأة وإقدام وتحدٍ وعدم تردد.
هناك تعليق واحد:
كنت سأقول أن هذا الموقف هو لا شيء. وهو لا شيء فعلا، إذا بقي وحده هكذا في خضم التنازلات والتطبيع العلني والسري، وإذا قورن بأبسط عمل فلسطيني مقاوم للاحتلال. لكن يمكن القول الآن أنه نقطة بداية للمطر القادم بإذن الله بمؤتمر مقاطعة التطبيع في الخليج العربي المزمع عقده في 17/11، حيث نتمنى أن توضع الحقائق أمام الجميع، وتعلن المواقف الواضحة من استضافة صهاينة في الدول والقنوات، ومن زيارة فلسطين بطلب إذن الاحتلال، وكيفية التعامل مع المطبعين صغيرهم وكبيرهم، ومؤسساتهم وأفرادهم، ومن الشركات الداعمة للاحتلال خاصة الموضوعة في القائمة السوداء التي قد تصدرها الأمم المتحدة، ومن تصريح بلفور العرب الذي وافقت عليه حكومات الجامعة العربية وأغلب حكومات منظمة التعاون الإسلامية تحت مسمى مبادرة السلام.
إرسال تعليق