أولًا: تأتي عملية
مستوطنة جبعات زئيف الليلة الماضية، بعد عمليات مستوطنات بيت حورون وعتنائيل
وتقواع مؤشرًا على تغير في تكتيك عمليات الطعن، بحيث انتقلت هذه العمليات من
استهداف المستوطنين على مفترقات الطرق والجنود على الحواجز (وهي أهداف محروقة)،
إلى اقتحام المستوطنات واستهداف المستوطنين داخلها .
وهذا أدى لارتفاع في خسائر الاحتلال كبير
البشرية والمادية والنفسية، وهذا يؤكد على كلام سابق لي بأن المقاومة تتعلم من
أخطائها حتى لو كانت مقاومة فردية، هذا التغير في التكتيك أدى لانخفاض في كم
العمليات لأن اقتحام المستوطنات يحتاج لتخطيط وجهد أكبر، لكن قابله ارتفاع في نوعية
وكفاءة العمليات.
ثانيًا: منذ
تصريحات محمود عباس والتي دافع فيها عن ماجد فرج، وأكد على منع كافة أشكال
المقاومة المسلحة، واستمرار التنسيق الأمني، وجدنا أغلب عمليات المقاومة تركزت في منطقة
رام الله ومحيطها (رغم الأحوال الجوية)؛ عمليات إطلاق النار على المستوطنين في
حزما وقرب مستوطنة دوليف، وعمليتي الطعن في مستوطنتي بيت حورون وجبعات زئيف،
بالإضافة لعدة هجمات بالزجاجات الحارقة في منطقة رام الله.
وكأن تصريحات محمود عباس لا وجود لها بل
أكثر من ذلك فهي تؤكد على أنه رغم مجهود السلطة لمنع المقاومة ضد الاحتلال،
فالمقاومة مستمرة وفي عقر دار السلطة (أي رام الله).
ثالثًا: الأهداف
الأخيرة هي مستوطنات في مناطق العمق الفلسطيني بالضفة، وهي بشكل عام قليلة السكان
وهنالك خلاف حول الجدوى من الاحتفاظ بها بين عموم الصهاينة، ومثل هذه الهجمات
ستشجع المستوطنين على الهجرة منها، خاصة مع تدهور وضعها الاقتصادي.
هنالك انخفاض في السياحة إلى هذه
المستوطنات منذ انتفاضة القدس بنسبة 90%، كما أن منع العمال الفلسطينيين من دخولها
سيؤدي لانخفاض في انتاج المستوطنات الزراعية تحديدًا.
رابعًا: مستوطنتي
بيت حورون وجبعات زئيف تقعان على طريق رقم 443 (تكلمت عنه في مقال سابق بعنوان مهرجان الحجارة
الوجه الآخر لرام الله) وهو طريق استيطاني هام يربط بين القدس وتل أبيب،
وتزايد الهجمات عليه سواء الطعن أو الزجاجات الحارقة أو الحجارة، يشكل أزمة
للصهاينة بشكل عام.
خامسًا: نلحظ
دور أبناء حماس المتزايد في عمليات المقاومة، مثل الشهيد محمد نبيل حلبية الذي
استشهد في 24/1/2016م أثناء إلقاء عبوة ناسفة على معسكر الجبل، بالإضافة للشهيدين حسين أبو غوش وإبراهيم علان منفذا عملية الطعن
في مستوطنة بيت حورون.
وأخيرًا الأسير عبادة أبو راس منفذ عملية
الليلة الماضية وهو أيضًا ابن لقيادي في حماس ودكتور في جامعة القدس، وهذا رد آخر
على من يقولون أن قيادة حماس تضحي بأبناء الآخرين وأن أبناءهم يعيشون في نعيم بعيدًا
عن كل أذى.
سادسًا: الكثير
من الإخوة الإعلاميين يتكلمون عن تراجع انتفاضة القدس، مستدلين بتراجع عمليات
الطعن والمواجهات الجماهيرية، وهنا لا بد من توضيح عدة أمور حتى نكون دقيقين.
أشكال المقاومة في الانتفاضة:
1) عمليات إطلاق نار والخلايا المنظمة، وهذه
تسير على وتيرة منخفضة منذ بدء الانتفاضة، لكنها بارتفاع تدريجي، بطيئة لكن تتصاعد
بثبات.
2) عمليات الطعن والدهس بدأت قوية في شهر 10
ثم تراجعت إلى النصف في الشهرين التاليين، وهنالك تراجع في الشهر الرابع للانتفاضة، ورغم التراجع في عددها إلا أن هنالك تحسن في نوعيتها
والتخطيط لها.
3) المواجهات الجماهيرية وهي تراجعت
لأسباب عديدة، أهمها قمع السلطة لها.
4) عمليات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة
والعبوات الناسفة، وهي بتصاعد في الفترة الأخيرة (وخصوصًا آخر أسبوعين)، وهي أكثر
تأثيرًا في الاحتلال من حيث الخسائر المادية والبشرية والنفسية على المستوطنين من المواجهات
الجماهيرية وأقل خسائر بين المقاومين، وهذا أحد أسباب توجه المقاومين إلى هذا
النوع من المقاومة على حساب المواجهات الجماهيرية.
لكن هذا النوع من المقاومة لا توجد له ضجة
إعلامية مثل المظاهرات الجماهيرية، كونه يحصل بعيدًا عن كاميرات التلفزيونات، لذا
يجب الإشارة إليه حتى تكون الصورة واضحة ومكتملة.
إذن المقاومة والانتفاضة مستمرة رغم قمع
السلطة والحرب الإعلامية عليها التي يمارسها ناصر اللحام وأمثاله ورغم جهود محمود عباس وماجد فرج، لكن
تتغير أساليب وأشكال المقاومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق