أنهى الأسير الأردني عبد الله أبو جابر
يوم الثلاثاء (26/1/2016م) إضرابه عن الطعام والذي استمر لمدة 75 يومًا محققًا أحد
مطالبه وهو السماح لأهله بزيارته، حيث لم يزوروه سوى مرتين منذ اعتقاله قبل 15
عامًا (آخرهما كان عام 2008م) بالإضافة لوعود ببحث باقي مطالبه.
ما لفتني في قصة الأسير هو طريق المقاومة
الذي سلكه، فالأسير من مخيم البقعة في الأردن لأسرة فلسطينية لجأت إلى الأردن بعد
نكبة عام 1948م.
فبعد اتفاقية العقبة عام 1994م أتاح
الصهاينة المجال للأردنيين لزيارة فلسطين عبر تأشيرات زيارة سياحية، أملًا في أن
يكونوا جسرًا لتطبيع العلاقات بين الكيان ومحيطه العربي، ورغم أن القيادات
السياسية الوطنية الأردنية رفضت التعاطي معها، إلا أن الآلاف من الأردنيين الفلسطينيين
فكروا بطريقة أكثر براغماتية.
فقد استغلوا هذه التأشيرات للقدوم إلى
فلسطين (الغالبية إلى الضفة وقلة إلى غزة) والبقاء فيها من أجل العمل بشكل
"غير قانوني" وبعض النساء قدمن للزواج من أقاربهن وأقمن أيضًا بطريقة "غير
قانونية"، وقد أصبحوا لاحقًا مشكلة ديموغرافية بالنسبة للاحتلال الصهيوني فألغى
هذه التسهيلات بعد انتفاضة الأقصى.
الأسير عبد الله أبو جابر كان من بين
أولئك القادمين إلى فلسطين من أجل العمل (وربما كان دافعه الأول مقاومة الاحتلال)،
واستغل بشرته السمراء ليقيم في جنوب تل أبيب حيث توجد أعداد كبيرة من اللاجئين والعمال
الأفارقة.
بعد اندلاع انتفاضة الأقصى بقليل ومن خلال
تواصله ببعض عناصر كتائب شهداء الأقصى في رام الله، أتفق معهم على تزويده بعبوة
ناسفة مؤقتة قام بزرعها في حافلة مستوطنين بتل أبيب وأنفجرت وأصيب بها عشرة
مستوطنين بعضهم بجراح خطيرة.
ما زلت أذكر ذلك اليوم الذي أعلن فيه عن
العملية، كونها من أولى العمليات في الانتفاضة وكونها تفجير بدون استخدام استشهادي
وهو ما لم يكن مألوفًا، وأذكر خبر اعتقاله وكيف تمكن من مراوغة الاحتلال، كما لفت
انتباهي وقتها أنه قادم من خارج فلسطين.
وقد حكم عليه بالسجن لمدة عشرين عامًا بقي
منها خمسة أعوام، وكان أحد مطالبه في إضرابه أن يمضي باقي حكمه في سجون أردنية حتى
يبقى قريبًا من أهله، لكن لا الحكومة الأردنية تعاونت معه، ولا المعارضة الأردنية
اهتمت بقضيته، فكيف تهتم وجناحي الإخوان المسلمين منشغلين بصراع حول من ينال رضا
النظام ويأخذ مسمى التنظيم الشرعي؟
وأكثر من ذلك فلنتضرع إلى الله أن لا
يتكرر معه يوم إفراجه ما حصل مع الأسير الأردني أكرم زهرة، الذي أنهى محكومية سجن
لمدة 14 عامًا في سجون الاحتلال قبل أسبوعين، إلا أن النظام الأردني رفض استقباله،
وبما أنه لا يملك هوية فلسطينية أعاده الاحتلال الصهيوني إلى السجن حتى يجد بلدًا
ما يقبل به!!
لا أعتب على نظام سخر نفسه لخدمة الكيان
الصهيوني، لكن أعتب على القيادات والنخب الوطنية العربية (في الأردن وخارجه) والتي
أعتبرت أن جل ما يمكن تقديمه لفلسطين هو "المقاطعة" ورفض زيارة فلسطين.
لقد فكر الأسير عبد الله أبو جابر خارج
الصندوق وزار فلسطين وأقام فيها ونفذ عملية ضد الاحتلال الصهيوني، فكان أثره أقوى
من كل أولئك الذين يكتفون بمواقف المقاطعة ولا يفكرون بأكثر من ذلك.
ولا يعني أني استهين بمقاطعة الاحتلال،
لكن ليس بالمقاطعة وحدها يتحرر الإنسان، المقاطعة هي فعل داعم للمقاومة وهي أضعف
الإيمان لكن ما سيحرر فلسطين هي المقاومة الفاعلة.
ماذا لو فكر بعض العرب والمسلمين ممن
يحملون جنسيات غربية بزيارة فلسطين، والرباط في المسجد الأقصى والتصدي لاقتحامات
المستوطنين (على سبيل المثال)؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق