كان الناس فيما سبق يحذرون من هدم الأقصى ويهددون ويتوعدون من أنه إذا هدم فسيحرقون الأخضر واليابس، وقد حذرت قبل فترة في مقال لي بعنوان "الصهاينة لا ينوون هدم المسجد الأقصى" أن الاحتلال لا يريد هدم الأقصى، بل الاستيلاء عليه تدريجيًا وترويضنا على القبول بذلك.
حسنًا لقد حقق الاحتلال غرضه وأخيرًا وبدأ المرحلة الأخيرة للاستيلاء على
الأقصى، ففي الأيام الماضية كان يمنع المسلمين من دخول الأقصى من أجل السماح
لليهود بالدخول إليه "دون إزعاج" بمناسبة الأعياد اليهودية.
وهذه تطبيق لخطوة تقاسم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين (التقاسم
الزمني)، وستليها قريبًا بناء كنيس يهودي داخل ساحات الأقصى (التقاسم المكاني)، ثم
الخطوة التي تليها هي الاستيلاء على قبة الصخرة حيث يزعم اليهود أنها مكان وجود
الهيكل.
نعم صحيح فاليهود يعتقدون أن مكان الهيكل هو قبة الصخرة، وذلك على عكس ما
يردد الكثير من أصحاب نظرية التآمر من "أن الصهاينة يريدون إيهامنا بأن قبة
الصخرة هي المسجد الأقصى، ليستولوا على المسجد نفسه (ويقصدون المصلى
القبلي)".
فبينما نحن في معركة وهمية حول الفرق بين قبة الصخرة والمسجد الأقصى،
ومعارك حول منع سويسرا لبناء المآذن أو حرق المصحف في أمريكا أو فيلم مسيء للرسول
عليه أفضل الصلاة والتسليم، تركنا المسجد الأقصى فريسة للصهاينة بكل قدسيته
وتاريخه، ويأتيك الجواب جاهزًا معلبًا: دماء المسلمين أهم من الحجر، وسنعيد بناء
الأقصى لكن المهم أن ننقذ المسلمين.
وفي الميدان لا تجدهم يتحركون لا من أجل مسلمي فلسطين أو أي مسلم في بقاع
الأرض، وأكثر من ذلك يتكلمون وكأن مأساة فلسطين لا تستنزف دماء وحياة الفلسطينيين
منذ 67 عامًا بشكلٍ دائمٍ ومستمر.
نكبة فلسطين مستمرة ولم تكن نكبة ليوم أو شهر أو سنة بل هي نكبة متواصلة،
بشكل يومي يهجر الفلسطينيون من منازلهم في الأغوار والنقب والقدس المحتلة، وتهدم
ويشردون ويعاد بث مسلسل النكبة بشكل يومي.
فلا دماء المسلمين حركتهم ولا حقوقهم ولا مسرى الحبيب محمد استفزهم، فقط
يبحثون عن أعذار لكي لا يفعلوا شيئًا.
إن كنتم تنتظرون هدم الأقصى لكي تتحركوا فأبشروا فلن يهدم، سيأخذه اليهود
مثلما هو ويبنون الهيكل، وبهذا يكونوا قد وفروا لكم العذر كي تجلسوا، فالمهم أن
تكون ضمائركم مرتاحة، أما فلسطين والأقصى وأهل فلسطين فلا بواكي لهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق