يعتبر العمل التطوعي من أهم ركائز نهضة الأمم والشعوب؛ كونه يعلم الناس العطاء
دون انتظار مقابل مادي مباشر، وعندما أتطوع أنا ويتطوع صديقي وقريبي وجاري، فالمستفيد
هو المجتمع كله فينهض المجتمع بأكمله معًا.
ومن الجدير ذكره أنَّ من بين أسباب
كثيرة لنجاح التجربة التركية هو الدور الذي تقوم به المئات من الجمعيات التطوعية، بتقديم
خدمات متنوعة للمواطنين الأتراك، والعمل التطوعي قد يأخذ أشكالًا عدة: النشاط السياسي
من أجل قضية معينة (بما فيه مقاومة الاحتلال) أو العمل الخيري والإغاثي أو التوعية
بقضايا اجتماعية أو بيئية أو العمل من أجل منفعة المجتمع ككل (مثل حملة لتنظيف الشوارع)،
فهو مجال واسع جدًا لا يمكن حصره بقضايا معينة.
وسنتكلم في هذه الدورة عن الجانب
الإداري في العمل التطوعي بشكله العام دون تخصيص لأي شكل من أشكاله، وفي البداية سنتكلم
عن الإدارة بشكل عام قبل أن نخصص كلامنا عن إدارة العمل التطوعي.
* العملية
الإدارية:
لإدارة أي مؤسسة أو نشاط هنالك عناصر عامة تشترك بها جميعًا سواء كانت مؤسسة
تجارية أو حكومية أو أهلية (تطوعية)، وعناصر العملية الإدارية الرئيسية الأربعة هي:
أولًا/ التخطيط: وهي أول مرحلة من مراحل
العمل الإداري، حيث يجب أن يقوم المسؤولون عن العمل بتحديد الأهداف العامة، وتوضع لمرة
واحدة وقد تتم مراجعتها بين الحين والآخر، ثم هنالك وضع أهداف مرحلية يراد تحقيقها
من خلال خطة العمل.
الأهداف المرحلية يجب أن تكون واضحة ومحددة وقابلة للقياس؛ مثلًا: توزيع ألف
مصحف على المنطقة الفلانية خلال شهر واحد، أو إطعام مئة فقير خلال مدة الحملة، أو تنظيم
4 مهرجانات للكتلة الإسلامية خلال العام الدراسي.
وهذه أمثلة على أهداف مرحلية غير واضحة وغير قابلة للقياس (يجب تجنبها): زيادة
المستوى الإيماني في المجتمع، تقليل نسبة الفقر في المدينة، تعزيز الروابط بين التنظيمات
الوطنية.
كما يتم خلال مرحلة التخطيط دراسة
الموارد المالية والبشرية الموجودة، ويجب الإجابة عن السؤال التالي: هل الموارد التي
نملكها قادرة على تحقيق الأهداف التي نريد؟ وذلك حتى تكون الأهداف المطروحة واقعية
وقابلة للتنفيذ.
وقد تكون الخطط سنوية أو شهرية أو
يومية حسب طبيعة المؤسسة أو النشاط، والخطة الجيدة يجب أن تحتوي على جدول زمني للتنفيذ،
تتضمن: الإجراء الذي يجب أن يتم، الجهة (أو الشخص) المنفذ، تواريخ البدء والانتهاء
والموارد المطلوبة لإنجازها.
ثانيًا / التنظيم: لكي تترجم الخطة إلى
فعل وإنجاز يجب أن ينظم المسؤول (أو الإداري) العمل، وذلك من خلال تقسيم المهمات بين
العاملين، ويحمل كل عامل أو متطوع مسؤولية إنجاز مهمات محددة وواضحة.
وفي حال كانت المؤسسة أو النشاط كبيرة
الحجم، فتقوم الإدارة العليا بتقسيم المهمات على الأقسام، بحيث يأخذ كل قسم مجموعة
من هذه المهمات، وداخل القسم يقوم مدير القسم بتوزيع مهمات قسمه على العاملين داخله.
ويختلف عدد نطاق الإشراف بحسب طبيعة
المؤسسة ونشاطها والمهمات الموكلة إليها، لكن في غالب الأحيان يتراوح نطاق الإشراف
بين 5 و10 عاملين، فإن زاد العاملون عن هذا العدد وجب توكيل مسؤول جديد لمتابعة العاملين
الزيادة.
كما تتضمن مهمة التنظيم توزيع الأفراد العاملين على الأماكن والمواقع المختلفة،
وتوزيع الموارد المالية والمادية المتوفرة، وذلك بما يخدم الخطة التي تم وضعها في المرحلة
الأولى.
ثالثًا / التوجيه: لأن التطبيق العملي
ليس مثل التخطيط النظري، فإن من أهم أدوار الإدارة هي عملية التوجيه، وذلك للتأكد من
أن العاملين يلتزمون بما تم التخطيط له والأدوار التي وزعت عليهم.
كما يندرج تحت التوجيه معالجة المشاكل
والحالات الطارئة واقتراح حلول للعاملين وتوفير بدائل، والتنسيق بين الأقسام والوحدات
المختلفة، وأيضًا يشمل رفع معنويات العاملين وتشجيعهم معنويًا.
رابعًا / التقييم والتقويم: من الضروري في نهاية
كل عمل أن تتم عملية تقييم له؛ من أجل معرفة كم أنجزنا من الأهداف المرسومة بالخطة،
أوجه التقصير التي حصلت وعناصر القوة والضعف.
وبناءً على ما سبق يتم تزويد العاملين بتوجيهات؛ من أجل تحسين الأداء، وقد
يشمل ذلك تغيير في الخطة الموضوعة أو تغيير في تنظيم العمل، وتسمى هذه العملية
"بالتغذية الراجعة".
نشاط للحلقة الأولى: ضع خطة لنشاط تطوعي
تنوي القيام به هذا الصيف.
انتظروني في الحلقة الثانية لنتكلم عن خصوصيات العمل التطوعي وإدارته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق