في مثل
هذه الأيام قبل سبعة أعوام، كان نظام زين العابدين بن علي يترنح في تونس، لتكون
شرارة الثورات العربية، ومنذ ذلك الوقت مرت هذه الثورات بمراحل مد وجزر، فإلى أين
تسير منطقتنا العربية في العام 2018م؟
مرت
الثورات العربية بعدة مراحل:
مرحلة
تمدد الثورات العربية:
وبدأت في
عام 2011م مع سقوط بن علي ثم حسني مبارك، وبدا كأن الأنظمة العربية ستسقط تباعًا
كأحجار الدومينوز.
إلا أن
تحول الثورة السورية نحو العسكرة أدى لتباطؤ زخم الثورات العربية، لأن استخدام
النظام للقوة الغاشمة رفع كلفة الثورات، وجعل الكثيرين يراجعون حساباتهم.
كما أن
اليساريين والقوميين تراجعوا عن حماستهم للثورات، واختاروا التحالف مع الثورات
المضادة، فلم تعد الثورات موضع اجماع عربي منذ عام 2012م.
مرحلة
الثورات المضادة:
وبدأت
عام 2013م مع الانقلاب على محمد مرسي في مصر، ثم تراجع الحراك الثوري في دول مثل
الكويت والأردن.
وفي غزة
أصبح الحصار أشد والأوضاع أصعب مع قدوم السيسي للحكم في مصر.
وفي
سوريا والعراق قفزت داعش على الثورة، وجرت الثوار إلى معارك عبثية مدمرة، وأرهقت
الثورة في كلا البلدين.
وحاولت
الثورات المضادة الإطاحة بالثورة التونسية، ودعمت حفتر في ليبيا.
بلغت
الثورات المضادة ذروتها مع محاولة الانقلاب على أردوغان في 15/7/2016م، وفي تقديري
لو نجح الانقلاب لأسدلت الستارة نهائيًا على الثورات العربية.
إلا أن
فشل الانقلاب أدى لتباطؤ زخم الثورات المضادة.
مرحلة
المراوحة في المكان:
بدأت منذ
فرض الحصار على قطر منتصف عام 2017م، فكان فشل الحصار مؤشرًا على تراجع زخم
الثورات المضادة، التي بدأت تتخبط في قرارات ومواقف بدا فيها العجز الواضح عن حسم
أي من معاركها مع الثورات العربية.
وارتكبت
أنظمة الثورات المضادة وبالأخص النظام السعودي، أخطاءًا قاتلة، كشفها وتركها بدون
غطاء أخلاقي أو شعبي.
والآن مع
دخولنا عام 2018 نتساءل إلى أين تسير الثورات العربية؟
إن
الأخطاء الكثيرة التي ارتكبتها الثورات المضادة في العام الأخيرة، هي هدية سماوية
يجب استغلالها، من أجل شن هجوم مضاد لضرب الثورات المضادة، ولتكسب الثورات العربية
زخمها من جديد.
وأول
خطوة يجب اتخاذها هو أن يستعيد أنصار الثورات العربية ثقتهم بمشروعهم الثوري،
القائم على الإطاحة بأنظمة الاستبداد وتسليم الحكم للشعوب العربية.
وهذا
يتطلب جرأة في اتخاذ القرار والمبادرة وعدم الانتظار كثيرًا، فأنظمة الثورات
المضادة تقف على أرضية رخوة ومهلهلة لكنها لن تسقط من تلقاء نفسها.
بتقديري
أن عام 2018م سيكون امتدادًا لمرحلة المراوحة في المكان، وذلك إلى أن تستعيد القوى
التي تشكل الثورات العربية ثقتها بنفسها وتبدأ الهجوم المضاد، ربما يحصل هذا في
عام 2019م أو 2020م، ووقتها لن تسقط أنظمة الثورات المضادة بسرعة بل ستقاوم
بشراسة، لكن على الأقل ستكون بداية النهاية بالنسبة لها.
هناك تعليق واحد:
الثورة المضادة والتجربة الأولية للمجازر بدأت في البحرين، واستعادة الثورة لقواها يبدأ من هناك، بمعنى الاختيار الواضح بين الثورة والاستبداد. إذ لن تنجح أي ثورة ضد الاستبداد وهي تقف مع أي مستبد ولو بالكلام، أو تطلب منه العون، فضلا عن أن توافق على مبادرة المستبدين العرب والمسلمين لبيع فلسطين رغما عن أهلها والموافقة على مطلب الحركة الصهيونية بإقامة دولة لليهود في فلسطين، فضلا عن أن تحافظ على أي علاقة مع الصهاينة وحلفائهم وداعميهم.
طريق الانتصار هو الوضوح، أما التلاعب بالمبادئ والركون إلى بعض الظالمين ومدح بعض المطبعين فهي طرق تحول الثوار إلى مستبدين وحماة للمستبدين وقامعين لرفاقهم السابقين، وهو المعنى الذي أفهمه من (ضرب الله قلوب بعضهم ببعض) في حديث من ينكر المنكر بلسانه ثم يجالس صاحب المنكر ويؤاكله ويشاربه، حتى دون أن يمدحه ويشكره.
إرسال تعليق