أحد التداعيات السلبية لموجات الغضب
العاطفية على الرسوم المسيئة الدنماركية وما تبعها من تكرار لنفس القصة مع كل رسمة
أوصورة مسيئة، أننا أضعنا البوصلة ولم يعد هنالك مكان للعقل أو حل مشاكلنا
بالطريقة الصحيحة.
الضجة الأخيرة حول كاريكاتير الفنان محمد
سباعنة في صحيفة الحياة الجديدة مثال على المنحدر الذي وصلنا إليه، بحيث يعالج كل
شيء بهجمات عمياء ومسعورة دون أي تفرقة بين الصواب والخطأ.
محمد سباعنة رسم كاريكاتير يجسد الرسول
عليه الصلاة والسلام وهو يضيء ينشر السلام على الأرض، وهذا فعل خاطئ بلا شك لكن
طريقة التعامل معه كانت أسوأ بكثير.
فالرسم ليس مسيئًا للرسول، ومن الخطأ أن
نقول أنه مسيء!! تجسيد الأنبياء والرسل محرم ليس لأنه إساءة، بل لأن فيه تقديس
وتوثين لهذا الرسول، والمشركون كانوا يعبدون اوثانًا ورسومًا للرسل والرجال
الصالحين بالإضافة لأصنام الآلهة.
كلا الفعلين خطأ: تجسيد الرسل والإساءة
للرسل، لكن من الخطأ الأكبر أن نساوي بينهما، هنالك اختلاف كلي سواء في الوصف أو
العقوبة الدنيوية أو الأخروية أو طريقة العلاج.
هذه بديهيات نضطر للكلام عنها لأننا نعيش
في جو غوغائي لا يفرق بين الكبائر ولا الصغائر، ويعامل القاتل والكافر والسارق
والزاني والذي يمشي بعكس السير ومن أضاع بطاقة الصراف الآلي بنفس الميزان!!
رسام الكاريكاتير دافع عن نفسه وقال أنه
لم يجسد الرسول وأن الملامح غير واضحة وأنه قصد الدفاع عن الرسول، والصحيفة حذفت
الكاريكاتير من موقعها على الانترنت ونشرت اعتذارًا.
مع العلم أن لمالك الصحيفة ومؤسسها حافظ
البرغوثي (وهو فتحاوي قومجي التوجه) مقالات يهاجم بها الإسلام بشكل واضح، لكنها لم
تثر أي ضجة فقط لأنها ليست رسوم!!
هذا لأن كل تعاملنا مع الرسوم المسيئة خطأ
من الأساس، فقط موجة من التهديد والوعيد والويل والثبور، فهي ليست أكثر من موضة ركبها
الجميع بمن فيهم محمود عباس الذي قرر فتح تحقيق في "الحادث".
فمتى نتعلم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق