مشكلتنا في أحيانٍ كثيرة أننا لا نحسن طرح
قضيتنا العدالة، ونرسل رسائل عسكية المفعول.
مثال على ذلك حملات التنديد بجريمة قتل
الفلسطينيين الثلاث في أمريكا، نجد مطالب وشعارات تدل على أننا لا نعرف ماذا نريد،
أو أننا نريد تصفية حسابات قديمة في المكان الخاطئ، أو التنفيس عن الغضب وفقط.
أولًا: بماذا
نندد؟ هل هي سياسة الحكومة الأمريكية؟ أم القضاء الأمريكي؟ أم المجتمع الأمريكي؟
أم الإعلام الأمريكي أم ماذا؟
والقاتل أي فئة من تلك الفئات يمثل؟
ثانيًا: القاتل
هو ملحد معادٍ للأديان، وعبر عن آرائه المعادية للأديان و"حقه في
إزدرائها" كما كان يقول على صفحته بالفيسبوك، وامتدت إهاناته للديانة
المسيحية والإسلامية والموررمون (ديانة منشقة عن المسيحية).
ونلحظ هنا أن أكثر الأعمال المعادية
للإسلام في الغرب تأتي من جماعات ملحدة أو معادية للدين، ابتداءً من الصحف
الدنمراكية وصحيفة شارلي إيبدو وانتهاء بالقاتل العنصري الأمريكي، ومرورًا
بالجماعات النازية الجديدة ومنظمات حليقي الرؤوس.
لا أحد فكر استخدام هذه الحقائق للتدليل
على ثقافة الكراهية التي تبثها العلمانية واللادينية، وذلك في مواجهة الحرب العلمانية
في عالمنا العربية على الرموز الدينية.
فقط نريد شتم أمريكا وشتم فرنسا والنوم
بعد أن أشبعنا غريزة الشتم داخلنا، دون التفكير بكيفية توظيف الحدث لصالحنا
كمسلمين وكدعوة إسلامية.
ثالثًا: المطالبة بإعدام القاتل، ومن قال أنه لن
يعدم أو لن يعاقب بشدة؟ هذه المطالب توحي بانعدام الثقة بالقضاء الأمريكي، رغم أنه
وبكل أسف أكثر عدالة بكثير من القضاء في عالمنا العربي.
وعلى الأغلب إن لم يحكم عليه بالإعدام
فسيحكم عليه بالسجن المؤبد، وأمريكا ثاني أكثر دولة تنفذ الإعدامات في العالم،
ولديها أشد القوانين وأعلى نسبة سجناء في العالم.
المشكلة كما يجمع غالبية الناس هي في
الإعلام الأمريكي، والانتقادات والحملة يجب أن تتركز على الإعلام الأمريكي
المتحيز، لا أن نهاجم القضاء الأمريكي أو حتى الحكومة الأمريكية.
صحيح الحكومة الأمريكية مجرمة في المنطقة
العربية، لكن تعاملها مع العرب والمسلمين على الأرض الأمريكية هو تعامل في الغالب
محترم ولا نجده في العالم العربي، ولهذا يخاطر آلاف العرب لقطع البحر في رحلة
الموت ليحظو بحياة كرامة في أمريكا أو أوروبا!
رابعًا: رفع
مطالب بإغلاق مؤسسات أمريكية في غزة أو غيرها من المناطق، حسنًا ما علاقة هذا
بجريمة القتل؟
أنتم تطالبون بالعدالة ثم تقترحون أعمالًا
ثأرية لا تقتص من الجاني بل انتقام على الهوية؟ ما هذا التناقض؟ تعالجون انعدام
العدالة بأفعال غير عادلة؟
أم تقولون أنها مؤسسات خطيرة وتجسسية، إذن
لماذا الآن انتبهتم لها؟ لو كانت كذلك فكان الأجدر أن تطالبوا بإغلاقها منذ زمن
طويل لا اليوم.
نشاطنا وطرحنا الإعلامي ينقصه الكثير ما
دمنا نلف وندور في مربع ردود الفعل العاطفية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق