أهمية عملية القدس التي نفذها الشهيد فادي القنبر لا تكمن في الجنود الأربعة الذين قتلوا، بل في الفيديو الذي صورها وانتشر بشكل واسع عبر الانترنت.
فشريط الفيديو يساوي قتل أربعين جنديًا أو أكثر، لأنه مهما قتل من الصهاينة فستبقى نسبة ضئيلة ولا تؤثر من ناحية عدد، فما قيمة 4 جنود أو 40 جنديًا أو 400 جندي من أصل 160 ألف جندي نظامي و5.5 مليون يهودي؟
فالشريط قد أظهر جنود الاحتلال وهم يهربون بدون أن يفكر أحدهم بإطلاق النار على المنفذ، وللعلم من قتله هو أحد المستوطنين وليس من الجنود.
هذا المشهد له أثرين هامين:
الأول: أثر سلبي على معنويات الصهاينة، فإذا كان الموكل بحماية المستوطنين جبانًا وغير قادر على حماية نفسه، فكيف سيحميهم؟
بعض المستوطنين سيبدأ بالتفكير بمغادرة هذه البلد التي لا يوجد فيها أمان، لن يغادر غدًا لكن قرار المغادرة تراكمي، وكل حدث مشابه يساهم بقرار المغادرة.
ومن الناحية الأخرى اليهودي الذي يعيش في الخارج لن يفكر بالهجرة إلى فلسطين وهو يرى مثل هذه الأمور، في وسط العاصمة المزعومة "لإسرائيل".
الثاني: ترفع من معنويات الفلسطينيين وتشجعهم على تنفيذ عمليات مماثلة في المستقبل.
ومن المعروف أن الفيديو والرسالة المرئية لهما أثر أقوى بآلاف المرات من أي وصف لفظي، وبالتالي فالعملية لم تقتل وتصب عددًا من جنود الاحتلال فحسب، بل تشجع المستوطنين على الهجرة من فلسطين، وتردع غيرهم من القدوم إلى فلسطين، كما أنها تشجع المزيد من العمليات.
الإعلام الصهيوني يحاول التعويض عن هذا الضرر، فبعض وسائل إعلامهم حاولت التبرير بأن الجنود لم يطلقوا النار لأنهم خشوا من مخالفة "الأوامر" ومن تقديمهم للمحاكمة، وهذه حجة ضعيفة ففي حالة الخطر يكون تفكير الشخص منحصر بأحد أمرين: إما التصدي للخطر أو الهروب منه، ولا وقت للتفكير بقضايا قانونية وإجرائية.
وتصفية الشهيد محمد الصالحي فجر اليوم في مخيم الفارعة تأتي في إطار محاولة رفع معنويات الصهاينة، فالشهيد قتل بدم بارد فأثناء تسلل الجنود إلى منزله ظن بأنهم لصوص فلما خرج لاستطلاع الأمر أطلقوا عليه النار، ثم أجهزوا عليه وهو مصاب بإطلاق النار مجددًا.
هذه الممارسات الانتقامية رأينا مثلها في حروب غزة وفي انتفاضة الأقصى.
لكن مهما حاولوا الترقيع فالإثر النفسي قد وقع ويصعب محوه.
هناك تعليق واحد:
لتحصل النتيجة المطلوبة من إلقاء الرعب في قلوب الأعداء ومن إذهاب غيظ قلوب الأصدقاء يجب تذكير العدو كل فترة أن الغاية ليست قتله، لكن إخراجه من الأرض التي احتلها. وتذكير الصديق كذلك أن معاداة من يحتل أرضا ليست له لا تعني معاداة كل من يشارك العدو في دين أو عرق أو لغة، كما يجب تحديد الأهداف والوسائل المسموحة والممنوعة لكي يكون الجميع على بينة، فلا يبارك الصديق جريمة مرفوضة، ولا يستنكر عملا مشروعا، ولا يكون للعدو ولا المتطرف مجال للاندساس والتخريب.
إرسال تعليق