بعد عملية الدهس البطولية (للشهيد عبد
الرحمن الشلودي) والتي استهدفت المستوطنين الذين يستخدمون قطار النحس (القطار الخفيف)؛
والذي تعرض لأكثر من مئتي عملية رشق بالحجارة والزجاجات الحارقة في الأشهر الأربع
الأخيرة، ومقتل مستوطنتين اثنتين وإصابة سبعة آخرين.
كالعادة يخرج الكثير من الناس ليقنعونا
أنها ليست عملية، وفي كل مرة تكون المبررات جاهزة، ابتداء من عملية خطف المستوطنين
الثلاث للشهيدين مروان القواسمي وعامر أبو عيشة، إلى عملية الدهس للشهيد الجعابيص
إلى عملية اليوم.
بعض هؤلاء الناس من اتباع التنسيق الأمني
وهم يخشون من أن تكون هذه العمليات حافزًا للناس لكي يخرجوا ويقاوموا الاحتلال،
والبعض الآخر (وهم كثيرون للأسف) يفعل ذلك بنية حسنة، لما يظنون أنه إحراج
للاحتلال وأننا "شعب
مسالم".
وهذه نتيجة ثقافة الخوف التي ابتلينا منها
منذ عشرات السنوات فالمواطن الصالح هو الذي يخشى ويخاف السلطة الموجودة حتى لو
كانت سلطة احتلال ويلتزم بالقوانين حتى لو كانت قوانين يرفضها!!
كلامي موجه للفئة الثانية أصحاب النوايا
الحسنة وليس لأيتام التنسيق الأمني: كيف تطلبون من الناس في الضفة الغربية أن
يثوروا ضد الاحتلال، وأنتم تقولون لهم أن عمليات المقاومة هي عمل مشبوه وغير
مستساغ؟
العمل المقاوم هو فخر وليس عار نخجل منه،
وطالما بقينا نتعامل معه كعيب وعار ومؤامرة صهيونية ضدنا، فسيبقى الكثيرين أسرى
لهذه الثقافة وسيبقى الكثير يقنعون أنفسهم أنه لا مجال لمقاومة الاحتلال في الضفة
أو القدس.
لأنه سيقول لك لا فائدة من المقاومة، لأن
أحدًا لا يقاوم، ولو قلت له هنالك عمليات، سيأتيك الرد كلها حوادث سير وكلها مؤامرات
صهيونية، وأنا لن أقاوم حتى لا أكون جزءًا من المؤامرة !!
عودة وبشير الحروب |
وهنا أشير إلى عملية قتل العقيد في جيش الاحتلال
بالأغوار الشمالية، والتي مرت ذكراها السنوية الأولى قبل أيام، والتي حرص إعلام
السلطة في الأيام الأولى على نزع صفة العمل المقاوم عنها وأنها عمل لصوص ومافيات،
وللأسف الكثير من الناس صدقوا.
وعندما اعتقل منفذي العملية الاثنين عودة
وبشير الحروب، أصر أولئك البعض على الإنكار وأن الاعتراف انتزع تحت التعذيب وأن
القضية لفقت لهما (وهي الحجة الدائمة التي يقولها منكروا عمليات المقاومة).
الأسيران عودة وبشير الحروب وحسب رسالة
أرسلها من داخل السجن قبل أيام عودة ونشرها موقع أمامة (التابع لحماس)، خططا
للعملية بشكل فردي فهما لم ينتميا إلى أي تنظيم (رغم أن بشير كان يؤيد حماس لكن
دون انتماء وتنظيم)، وكانا يعملان في جمع الخردة في الأغوار الشمالية.
والأسيران هما من قرية دير سامت بمحافظة
الخليل، ويعيشان على بعد أكثر من 100 كيلومتر عن مكان العملية، وتعرفا على الضابط صدفةً
عندما كانا يعملان قرب المستوطنة، فقد قيل لهما أن المستوطن الذي طلب منهما مغادرة
المكان بعد شربهما الماء هو ضابط كبير في جيش الاحتلال.
ومن هنا جاءت للأسيرين فكرة أن يقتلاه
"ردًا على اغتيال القائد في القسام الشهيد أحمد الجعبري في غزة، ونوينا أن
نقتله قبل العيد لادخال الفرحة على قلوب أسرانا"، هذا كتب عودة الحروب في
رسالته حرفيًا.
كانا شابين في مقتبل العمر (عودة مواليد
1995م وبشير مواليد 1992م)، ولا
يملكان أي اتصالات مع تنظيمات ممكن أن تدعمهما بالسلاح، وأرادا تنفيذ عملية فكان
الحل كما شرح عودة في رسالته شراء فاسين ولثامات وكفوف (لإخفاء البصمات).
وبعد رصد منزل العقيد وتحديد نقاط ضعفه وتحركاته
هو وزوجته وكلب الحراسة، وقام عودة بإلقاء حجر على الكلب، فبدأ بالنباح فخرج
العقيد وهجما عليه وضربه عودة بالفأس على ظهره، فيما ضرب بشير الكلب الذي هرب.
وقاما بضرب العقيد 30 مرة بالفؤوس حتى قتلاه،
وأثناء ضربه سألهما ماذا يريدان منه، فأجاباه أنهما يريدا السلاح، فقال لهما موجود
في الخزنة، فطلبا الرقم السري فلم يجبهما، فضرباه على رأسه حتى مات.
أضع روايتهما كما رواها أحدهما حتى يتوقف
التشكيك بهذه العملية، والتشكيك بكل عمل مقاوم، لأنه أصبح لدى البعض إدمان التشكيك
بكل شيء.
المقاومة مفتوحة حتى لو أغلقت الأبواب،
والشهيد عبد الرحمن الشلودي وجد طريقه مثلما وجده من قبله الأسيران عودة وبشير
الحروب، ومثلما وجده العشرات ممن قرروا التحرك وفعل شيء، رغم عدم وجود اتصال مع تنظيمات
توفر لهم السلاح والإمكانيات.
والمطلوب من الناس أن تتوقف عن التشكيك
بالعمل المقاوم، فإن لم تكن قادرًا على المقاومة فعلى الأقل لا تثبط غيرك، ولا
تقلل من شأن عمله، وهذا أضعف الإيمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق