قبل سنوات وخلال
جلسة استجواب مع محقق صهيوني، سألني "هل تعرف فلانة"، لم أكن أعرفها
بشكل شخصي لكن أسمع بها، ثم بدأ يتكلم عن سمعتها السيئة واستخدم كلمات بذيئة في
وصف أفعالها.
وعندما أنكرت أني
أعلم عنها أي سوء، تساءل مستنكرًا "كيف ما بتعرف، ما كل الناس بحكوا عنها وعن
سيرتها الوسخة، معقول ما حدا حكى لك؟"، وشرع يستدل على صحة كلامه بقصص من
الشرق والغرب.
لكن اللافت كان
ثقته في طرحه، حتى أنه قال "أنا ما بحكي أنه كل الشيخات عاطلات، على العكس
كلهم محترمات وما فيه مثلهم، بس هذه بالذات ####" وأضاف "لازم تطهروا
صفوفكم" (الشيطان واعظًا).
لم أسأل أحد عن
هذه المرأة لأني على قناعة يقينية أن كل ما يتحدث به ضابط المخابرات داخل غرفة
التحقيق هو كذب محض، وبالفعل مرت كل هذه السنوات ولم أسمع شيء عنها ولن أسمع، لكني
متأكد أني لو سألت بعض الثقات عن صحة ما قاله المحقق، لأصبح كل الناس يتكلمون عنها
والكل يقول "لا دخان بلا نار."
هذا أسلوب
مخابراتي تقليدي لتشويه سمعة الناس، والكلام بثقة ويقين وسرد القصص (الأدلة)، لا
تعني بالضرورة أن الذي يحدثك شخص صادق.
واليوم نرى على
الساحة إعلام داعش يستخدم أساليب مشابهة تمامًا، فتجد مؤيديهم (وكلهم يعملون على
طريقة النسخ واللصق) يعيدون ويكررون جملًا وبكل ثقة "التنظيم الفلاني عمالته
فاحت والكل يتكلم عنهم"، و"الدولة الإسلامية تخطئ وأنا انتقدها لكن هذه
المرة هي على حق عندما قتلت فلان وعلان"، "كيف تنكر عمالتهم والكل يتكلم
عنهم؟"، "هل لأنهم إخوان تريد الدفاع عنهم (مع أن المتهم قد لا يكون
قريبًا من الإخوان لكنهم أسلوبهم بالإخراس)"، "أنا معك أن الدولة زادتها
لكن هل تظن أن هنالك دخان لا نار؟".
الخلاصة عندما
تكون أمام ضابط مخابرات فهو مبرمج ليبث رسائل ضمن الحرب النفسية لكي يقنعك بها،
وإعلام داعش يعمل بنفس الطريقة، وبالتالي فالتعامل مع هذه الرسائل الإعلامية على
أنها حقائق أو وجهات نظر قابلة للنقاش( لا دخان بدون نار)، هو خطيئة وخطيئة عظمى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق