السبت، 9 ديسمبر 2017

في الذكرى المئوية لاحتلال القدس: هل بدأت حرب التحرير؟


تزامن خطاب ترمب مع حدثين مفصليين في القضية الفلسطينية؛ الأول الذكرى المئوية الأولى لاحتلال البريطانيون لمدينة القدس بتاريخ 9/12/1917م، والثاني الذكرى الثلاثون للانتفاضة الأولى في 8/12/1987م.

وشهدنا في الأيام الثلاثة الماضية بدايات حراكٍ جماهيري فلسطيني وعربي ردًا على خطاب ترمب، فهل يتطور هذا الحراك ليصبح عملًا منظمًا ومستمرًا يوقف المشروع الصهيوني عند حده، ثم ينتقل إلى تحرير القدس وفلسطين؟

تزامن ذكرى احتلال القدس مع الانتفاضة الأولى يقول لنا أن صراعنا مع الاستعمار الغربي ومشروعه الصهيوني، مر بلحظات هبوط وصعود، ولحظات الهبوط كانت أكثر ابتداءً من الاحتلال البريطاني لفلسطين ومرورًا بالنكبة (1948م) والنكسة (1967م).

لكن في المقابل كانت هنالك مقاومة شرسة، وبعد سبعين عامًا من الاحتلال جاءت الانتفاضة الأولى لتؤكد لنا بأن الصهاينة أبعد ما يكونون عن حسم الصراع لصالحهم.

وصراعنا ليس مع المشروع الصهيوني فقط، بل مع الاستعمار الغربي والذي تقوده اليوم أمريكا، ولعل ترمب أراد تذكيرنا بأنه لولا أمريكا لما عاش هذا المشروع اللقيط حتى يومنا هذا.

هذا الاستعمار الذي عمل على ترسيخ أنظمة استبدادية حماية للكيان الصهيوني، وأمدها بكل وسائل البقاء، وتآمر على رغبة الشعوب العربية في التحرر من هذه الأنظمة، مثلما تآمر على فلسطين.

فكانت الانتفاضة الأولى النتيجة الطبيعية لتكبيل الإرادة الشعبية العربية، فانتقلت المقاومة إلى داخل فلسطين وحاربت الاحتلال رغم فارق القوة الكبير.

وما دخولنا نفق أوسلو ثم الانتفاض مجددًا ثم الانتكاس مجددًا خلال أحداث الانقسام، إلا نتيجة طبيعية لغياب الدعم العربي الحقيقي، فكان هنالك فريق فلسطيني رأى أنه "لا قبل لنا بمحاربة الاحتلال فلنحاول التعايش معه"، لكنه كل مرة كان يصطدم بحقيقة أن المشروع الصهيوني غير قابل للتعايش معه.

وجاء ترمب ليؤكد هذه الحقيقة الجلية، كما أكد على أن المشروع الصهيوني هو امتداد للاستعمار الأمريكي، نفس الاستعمار الذي يحارب الثورات العربية من خلال وكلائه أنظمة "الثورات المضادة" (أنظمة الاستبداد والفساد).

استطاعت الانتفاضة الأولى وما تلاها من انتفاضات وضع فرامل للمشروع الصهيوني، لكن النفس القصير في كل مواجهة كانت يعطينا نتيجة باهتة، والرغبة المتعجلة بقطف الثمار كانت نتيجتها دومًا العودة إلى نقطة الصفر، فكانت أوسلو وأخواتها.

المعارك تحسم بنتيجتها النهائية، بإمكانك أن تلعب مباراة جميلة وأن تتقدم بالأهداف طوال المباراة، لكن لو قلب خصمك النتيجة في الدقائق الأخيرة للمباراة فلن يفيدك لعبك الجميل ولا تقدمك السابق.

نحن نواجه عدوًا إمكانيته ضخمة وغير محدودة، تتعدى قدراته كدولة (مزعومة)، فتقف إلى جانبه أقوى دولة في العالم، ودولًا عربية يقودها قادة مرتبطون بهذا العدو.

وعدونا عنده هاجس البقاء، ويرتعب من فكرة الزوال، فهو يدرك كم هو هش وقابل للهزيمة، ولهذا السبب هو في عملية عدوانية مستمرة، من أجل ترسيخ وجوده؛ سواء من خلال الاستيطان أو شن الحروب أو التآمر على الشعوب العربية.

وطلب نتنياهو من ترمب نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال يأتي ضمن هذا السياق، ورغبة في استغلال لحظة انشغال الشعوب العربية بهمومها الداخلية.

نقف اليوم على مفترق طرق فإما أننا أمام وعد بلفور جديد يحقق الحسم للصهاينة، ذلك الحسم الذي عجزوا عنه طوال المئة عامٍ الماضية.

وإما أننا أمام انتفاضة تجدد الطريق التي بدأناها قبل ثلاثين عامًا، ولنتعلم الدرس هذه المرة بأن لا نسمح لأصحاب النفس القصير بقيادتنا، وبأن نحاسب قادتنا وأن نقول لمن تعب منهم أن يرحل، ولنستمر في المعركة دون توقف حتى ننتصر.

ليست هناك تعليقات: