تزامن إصدار داعش
المرئي مع هجمات تنظيم ولاية سيناء (داعش) لم يكن صدفة، وكثرة التحريض ضد حماس في الإعلام
الداعشي واتهامها بموالاة إيران ونشر التشيع في غزة، كلها أمور تشير إلى أن حماس وغزة
تحديدًا هي أهداف قادمة لداعش.
فمن ناحية حماس حركة
محاصرة ويعاديها الاحتلال وأغلب الحكومات العالمية وسيرحبون بضربها، ومن ناحية أخرى
ستوجه ضربة لتيار الإخوان المسلمين بحيث تخلو الساحة الإسلامية لفكرها (هكذا يظنون)،
وأخيرًا سيخرجون بفيلم هوليودي عن تحرير غزة وفك الحصار (كما فعلوا باليرموك) وأنهم
اقتربوا من القدس.
ولن يهم داعش كثيرًا
عندما يقوم الاحتلال بإخراجها لاحقًا من غزة لأن هذا هو مبدأ التنظيم؛ التنقل بين الساحات
وعدم الاستقرار بها، فكما قلت في مقال سابق هدف داعش هو البقاء، أي البقاء على الساحة
الحزبية والقدرة على تجنيد الكثير من العناصر المبهورين من الأداء الهوليودي للتنظيم.
وفي المقابل فإنه
يقف بين داعش وبين مهاجمة غزة عدة عوائق:
أولًا: حماس تمتلك قوة عسكرية وكفاءة قتالية عالية جدًا، وداعش
لا تهاجم إلا الأهداف الضعيفة.
ثانيًا: ما زالت سيطرة داعش على الأرض في سيناء ضعيفة، وتسليحها
ضعيف (مقارنة بتسليحها في سوريا والعراق)، وما زال أمامها وقت طويل حتى تستطيع السيطرة
على اجزاء من سيناء (وتحديدًا رفح والشيخ زويد) لتكون منطلقًا لمهاجمة غزة.
ثالثًا: النظام المصري والاحتلال الصهيوني لن يقبلا تواجدًا قويًا
لداعش في سيناء لأنه قد يهدد بانهيار الدولة المصرية، وبالتالي انفلات السيطرة المحكمة
للانقلابيين، لكن في المستقبل إن انهار كل شيء فستكون هنالك حسابات أخرى.
رابعًا: الاحتلال الصهيوني لديه معضلة مركبة، فمن ناحية هو مستفيد
من أي حرب بين حماس وداعش، ومن الناحة الأخرى لا يريد أن يسجل سابقة بالسماح لقوة خارجية
بدخول فلسطين، كما أنها لا تضمن عدم مهاجمة داعش لها إنطلاقًا من غزة أو سيناء.
إذن ما الذي تهدف
إليه داعش؟
هي تريد البدء بتهيئة
الأرضية المناسبة لهجومها على غزة وحماس، وذلك من خلال عدة أمور:
1) رفع معنويات أنصارها
داخل غزة وتشجيعهم على تجنيد عناصر جديدة (خلايا نائمة)، ليكونوا جاهزين لمهاجمة حماس
متى ما بدأت المعركة، وعملية تجنيد الأنصار تحتاج لأشهر وسنوات، خاصة في ظل رأي عام
كاره لداعش، وقبضة أمنية قوية لحماس.
2) المساهمة بحصار
غزة من خلال مهاجمة مقرات أمنية مصرية تقع على مقربة من غزة وعلى الطريق المؤدية لغزة
(رفح، الشيخ زويد، العريش)، بحيث يصبح الحصار مضاعفًا على غزة.
وهذا الحصار سيضعف حماس بشكل أو بآخر وخاصة أن الأنفاق
ما زالت تعمل وإن بشكل مقلص جدًا، ويبدو أن السلاح ما زال يصل إلى غزة، فالمطلوب خنق
هذه الشرايين المتبقية، بالإضافة لإغلاق معبر رفح وتداعياته.
3) تستفيد إعلاميًا
من خلال الصورة الهوليودية بأنها أصبحت قريبة على فلسطين، وأن نتنياهو فزع وأنها تتمدد
في سيناء وقريبًا في غزة، وهذه الصورة الهوليودية ضرورية في دورة حياة داعش، لأنها
تعتمد عليها من أجل تجنيد الأنصار والاتباع، وتعويض ما تخسرهم من عناصر في الميادين.
4) تهيئة عناصرها
في سيناء نفسيًا لقبول معركة قادمة مع حماس، وهذا لن يأتي في يوم وليلة، وخاصة أن أغلبهم
من سكان المنطقة والكثير منهم انضموا لداعش ليس قناعة بالأفكار بقدر ما هو ظنًا بأنها
هي الخلاص الوحيد من قمع النظام.
فهنالك حاجة لغسل
أدمغتهم وتحريضهم ضد حماس وهذا لا يتم بيوم وليلة، لذا بدأوا من الآن بهذه العملية
الطويلة.
إذن ما المطلوب عمله؟
1) يجب على القسام
أن يستعد على المدى البعيد لاحتمالية مهاجمته من جهة مصر، بما في ذلك الدخول إلى سيناء
للقضاء على داعش (لو تطلب الأمر ذلك).
2) أن تشدد حماس من
قبضتها على أنصار داعش في غزة، وأن تسعى لتعقب الخلايا النائمة بين صفوف أنصارها.
3) أن يكون للإخوان
المسلمين (أو غيرهم) وجود فاعل في ميدان المقاومة المسلحة ضد النظام الانقلابي، من
أجل سحب البساط من تحت أرجل داعش.
4) انهيار دولة داعش
في سوريا والعراق، سيصيب صورتها بانتكاسة كبيرة، وسيضعف من قدرتها على استقطاب المزيد
من الأنصار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق