المقابلة التي أجراها أحمد منصور مع العقيد
علي عبود تعتبر مثالية لمن لم يخض تجربة التحقيق من قبل، كي يأخذ فكرة جيدة عن
الطريقة التي سيدير بها المحقق جلسة التحقيق، فقد لعب أحمد منصور دور المحقق
باقتدار.
الفرق عن جلسات التحقيق في المعتقلات
يتمثل بثلاثة أمور:
أولًا: جلسات
التحقيق أطول بكثير من ساعة واحدة، فالجلسة التي تستمر لساعة واحدة هي لمن لا
يريدون التحقيق معه (تحقيق رفع عتب)، في الوضع الطبيعي تتراوح الجلسة الواحدة ما
بين ست وثماني ساعات، وقد تمتد إلى عشرين ساعة متواصلة وأكثر وأحيانًا يومين
متواصلين لا يتوقف فيهما الاستجواب سوى لثلث ساعة وقت وجبات الطعام الثلاث.
ثانيًا: استخدام
الشتائم والألفاظ النابية وألفاظ التحقير والإهانة، فرغم أن أحمد منصور أهان الضيف
(الأسير) في بعض المواضع بطريقة غير مباشرة، لكن في التحقيق الحقيقي الإهانات
مباشرة وكثيرة ومنهجية ومقصودة يراد بها كسر نفسية الأسير والمعتقل، وليس مجرد
التنفيس عن أحقاد أو عقد نفسية.
ثالثًا: أحيانًا
يستخدم الضرب والتعذيب البدني (مع أن التحقيق المتواصل لساعات طويل هو بحد ذاته
تعذيب بدني)، وهذا يختلف من دولة إلى أخرى، ويعتمد على طبيعة القضية وأهمية الأسير
بالنسبة للمحققين، وحاجتهم لاستخراج معلومات، لكن المهم أن الضرب والتعذيب البدني
ليس دائمًا، باستثناء الشبح والتحقيق المتواصل (وجهان لنفس العملة) فأغلبية الأسرى
والمعتقلين السياسيين يتعرضون له في كافة دول العالم.
لاحظوا أنه كلما ذكر معلومة أو أنكر
اتهامًا سارعه المحقق (أحمد منصور) بأسئلة لمحاصرته، وعندما لا يكون الأسير صادقًا
فإنه يتورط لأن المحقق يتعمد سؤاله أسئلة تفضح كذبه، والمحقق يتعامل مع الأسير على
أساس أنه كاذب حتى لو صدق، حتى يستخرج منه المزيد والمزيد من الاعترافات
والمعلومات.
أمام الأسير في مثل هذه الحالات عدة أمور
حتى لا يتورط ولا يسقط في فخ الاعتراف: أن يخترع قصة محبوكة ويقنع نفسه بها، وأن
تأتي إجاباته ضمن هذه القصة، وإلا فأمامه خيار آخر يجب أن يتدرب عليه منذ الآن وهو أن يكذب بدون أن يرف له
جفن؛ أي أن تكذب دون أن تحسب حساب لمن يجلس أمامك.
وفي كل الأحوال
كلما قلت كلمات الأسير كلما كان المجال أضيق لمحاصرته من جانب المحقق، وبعض الأسرى
يتبعون تكتيك الإضراب عن الكلام أو الدخول في جدالات حول قضايا تافهة مثل اسمه ومكان
ولادته، حتى يضيع وقت المحقق؛ وهو وقت محدود رغم حرص المحقق على إقناعك العكس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق