لا شك أن
الأخوة هي أحد القيم الإسلامية التي أنغرست في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ولها
دور هام في تعزيز الترابط الاجتماعي بين أبناء الأمة والشعب الواحد.
وهذا ينعكس
على ما نراه من تواد وتراحم وسلم اجتماعي في بلادنا العربية والإسلامية، إلا أن هنالك
البعض يسيء استخدام هذه الروح الإيجابية بشكل يجعل معاملة هذا البعض بالروح الأخوية
نوعًا من الهبل والعبط.
وإذا كانت
مقابلة السيئة بالحسنة (حتى لمن لا يستحقها) قرارًا يخص الشخص نفسه في التعاملات الاجتماعية،
إلا أنها تكون هبلًا وعبطًا وجريمة في العمل السياسي، خاصة عندما يكون الطرف الآخر
يتعمد استغلال طيبتك وطيبة من هم مثلك من أجل تمرير مآربه الخبيثة والتي تكون عادةً
طعنة في ظهر شعوبنا وقضاياها.
مثال ذلك
جماعة داعش عندما ظهرت وتضخم خطرها على الثوار وعموم الشعب السوري، كان يخرج علينا
ثلة من الخبثاء يحرمون انتقادها ولو بشق كلمة، بحجة "الأخوة وهؤلاء يبقون إخواننا
حتى أخطأوا"، ولمجرد انتقادهم سيقولون لك "فتنة"، وفي المقابل تجدهم
صم بكم عمي عن جرائم القتل والاختطاف والسلب والنهب التي تمارسها.
واليوم نجد
نفس الخطاب الخبيث ينطلق في الضفة ضد من يندد بمنع السلطة للمتظاهرين من مواجهة الاحتلال،
ومن ينتقد رشق الشرطة التي تقف حائلًا بينه وبين جنود الاحتلال، وبنفس الحجة "إخواننا
ومش وقته" و"يجب التوحد فوحدتنا هي قوتنا"، وأي انتقاد لهذه الأجهزة
يسمونه فتنة وشقاق، أما جريمة السلطة بالتنسيق الأمني فليست فتنة ولا شقاق.
إن الفتنة
هي أن تقتل إخوانك الثوار والشعب السوري وهي أن تنسق مع الاحتلال الصهيوني وأن تدافع
عن هذا المحتل، وعندما ترتكب هذه الأفعال فلا معنى لكل قيم الأخوة، ومن يقوم بهذه الأفاعيل
هو من خان الأخوة، أما من يرد عليه سواء بالكلمة أو الفعل فمن واجبه أن لا يسكت وأن
لا يدير خده الأيمن، ولا يجوز له أن يستمع لقول الخبثاء الذين يذكرونه بأخوة الاتجاه
الواحد، لأن الأخوة وقتها تصبح هبلًا وعباطة.
لا ادعو للقتال
وإسالة الدماء في مثل هذه الحالات ولكل مقام مقال ولكل حادث حديث، لكن المتكلم عن ضرورة
الحفاظ على روابط الأخوة في هذه المواقف، مثله مثل من يقول لك لا تقطع الصلاة لو اندلع
حريق في منزلك، أو لا تكذب امام المحقق عندما يسألك عن إخوانك لأن الكذب حرام.
هنالك فرق
بين الأخوة والهبل، فكن أخويًا ولا تكن أهبلًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق