مسيرة سابقة لداعش في غزة بداية عام 2015 |
يدور لغط كثير
حول من يسمون أنفسهم أنصار الدولة الإسلامية في غزة، أو داعش غزة، بين من يصفهم
بأنهم صنيعة أجهزة أمن السلطة وبين أنهم مجرد أنصار أو أنهم النسخة الغزية من
داعش.
لا بد من فهم
طبيعة الحركات والجماعات السرية، فهي ليست أحزابًا بمعنى أنه لا هيكلية رسمية
وعلنية لها ولا بطاقات عضوية يحوز عليها المنتسب لها.
بالتالي فالمنتسب
إلى حركة أو جماعة يجب أن تتوفر به ثلاثة شروط:
الأول: تأييد هذه
الحركة أو الجماعة والإيمان بشعاراتها وطروحاتها.
الثاني: القيام بأعمال ونشاطات من أجل نصرة أو خدمة هذه الجماعة.
الثالث: أن لا تتبرء منه الحركة أو الجماعة (لسبب أو آخر).
وهذه الشروط
الثلاثة تنطبق على دواعش غزة، فهم يناصرون داعش، وهم يمارسون نشاطات خدمة لهذا
التنظيم وتنحصر بالنشاط والدعم الإعلامي وتجنيد العناصر والاتباع ومؤخرًا أصبح
هنالك بعض العمل العسكري ضد حماس من تفجيرات وهجمات متفرقة، وأخيرًا داعش الأم لم
تتبرء منهم بل على العكس تبنتهم وتسخر جهازها الإعلامي الضخم للدفاع عنهم ومهاجمة
حماس.
أما إن كان تنظيم
داعش في غزة ما زال ضعيفًا ورخوًا وغير قادر على "التمدد" فهذا لا يعني
أنهم مجرد أنصار، وإنما تنظيم ضعيف مثل عشرات التنظيمات الفلسطينية الموجودة منذ
سنوات طويلة.
وهنالك من ناحية
أخرى نقطة التباس وهي أن دواعش غزة يسمون أنفسهم أنصار الدولة؛ وذلك في ظني لأنهم ما
زالوا تجربة غضة وقد تفشل ولا يريدون تحميل التنظيم الأم مسؤولية الفشل فيعرضون
أنفسهم على أنهم مجرد أنصار.
ومن الناحية
الأخرى فعدّة الدجل الدعشاوية تقتضي وجود مباركة من داعش الأصلية (الكنيسة الأم)،
وبما أن وضع غزة لا يسمح بقدوم أسقف داعشي من الخارج يمنح البركات لداعش غزة فهم
ما زالوا في "طور الأنصار" كما يسمون أنفسهم.
ولعل ما يثير
اللبس ويدفع حماس لتصفهم بالمخابرات (مثلما وصفت فجر ليبيا داعش ليبيا بأنهم أزلام
القذافي) هو وجود عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في صفوف دواعش غزة.
ولفك هذا
الالتباس من الضروري التوضيح بأن القاعدة عمومًا وداعش خصوصًا تحتوي على عناصر
كثيرة قادمة من أجهزة أمنية (وأحزاب مثل البعث وفتح وغيرها)، ولعل أشهرهم القائد
العسكري الأول (السابق) لداعش في سوريا حجي بكر والذي كان عقيدًا في الاستخبارات
الجوية لصدام حسين، وشاكر العبسي مؤسس فتح الإسلام والذي كان ضابطًا في فتح
الانتفاضة (التابع للنظام السوري) وطيارًا في الجيش السوري.
والعلاقة ملتبسة
ومعقدة أوضحها بالآتي:
أولًا: أحزاب البعث
وأنصار القذافي وحركة فتح والكثير من القومجيين كانوا يتبنون شعارات ثورجية معادية
لأمريكا، ومع ذهاب "موضتهم" أصبحوا يبحثون عن بديل يستوعبهم ويجعل لهم
دور في العمل السياسي.
وتنظيم داعش يقدم لهم ذلك من حيث الخطاب الثورجي المعادي لأمريكا، ومن حيث سهولة
التدرج في قيادته.
ثانيًا: داعش بخطابها
المعادي للإخوان وحماس تستقطب جميع الذين يحملون عقدة وكراهية ضد الإخوان، وبالأخص
من أصحاب التوجهات الدينية.
ثالثًا: تقوم الأجهزة
المخابراتية بتوجيه مؤيدي التيارات الجهادية في اتجاهات معينة تهدف للإساءة إلى
التيار الإسلامي سواء من خلال الإعلام أو من خلال جلسات التحقيق والاستجواب مع
المعتقلين أو غير ذلك.
رابعًا: هنالك عناصر
مخابراتية تتم زراعتها داخل هذه التنظيمات، لكن على عكس ما يظنه الكثيرين فهذه
العناصر عددها محدود ودورها أقل بكثير مما يظنون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق