تثار بعض الشبهات حول عملية القدس، وهي في الواقع نفس الشبهات التي تثار بعد كل عملية مع اختلاف التفاصيل.
والشبهات تقول أن "توقيت العملية لم يكن مناسبًا لأن الناس تريد زيارة القدس والعملية تعطل عليهم ذلك"، و"ما ذنب الناس أن يحرموا الاعتكاف في الأقصى بالعشر الأواخر"، وشبهات أخرى تقول أن " لماذا يقتل ثلاثة شبان من أجل قتل مجندة واحدة فقط"، وغيرها من الشبهات التي تدور في نفس الفلك.
الرد على شبهة التوقيت:
مثلما يجيبك بعض الناس عندما تنكر عليهم احتفالاتهم أو متابعة المباريات بعد استشهاد فلسطيني أو حصول كارثة بأن "الحياة يجب أن تستمر"، نجيبهم بالمثل أن "المقاومة يجب أن تستمر".
الشيء الوحيد الذي يمكن أن يحكم توقيت عمليات المقاومة، هي مصلحة المقاومة، فإن كان في مصلحة المقاومة تأخير أو وقف العمليات فوقتها يكون الأمر قابلًا للنقاش، أما مصالح الناس الضيقة فلا يجوز أن نقدمها على المقاومة.
لأن المقاومة مصلحة عامة، ولأن قبضة الاحتلال تزداد يومًا بعد يوم على القدس والأقصى، والعمل المقاوم وحده الذي يعطينا الأمل في وقف الاعتداءات الصهيونية.
فلا يعقل أن نعطل المصلحة الكبرى من أجل أمور مثل رغبة فلان أو علان بزيارة الأقصى، كما أن أجر الصلاة والاعتكاف في الأقصى لا يحرم منه المسلم إذا نوى ذلك ومنعه المحتل، فهذا من الأمور التي لا تتأثر بالمنع والحظر.
ولهذا كان قرار حكومة نتنياهو بإلغاء التصاريح الممنوحة لأهل الضفة، باستثناء تصاريح الصلاة، لأنهم يدركون جيدًا أن إلغاء تصاريح الصلاة لن تردع الناس بل ستزيدهم حقدًا وغضبًا على الاحتلال.
أما التسوق والاستجمام وما شابه فلا يعقل أن تكون سببًا لوقف العمل المقاوم، وما الفائدة من الاستجمام اليوم وفي الغد سيأتي المستوطن ويطردنا جميعًا من أرضنا؟
الرد على شبهة جدوى العملية:
لا شك أنه من المحزن خسارتنا لثلاثة شبان هم من خيرة أبناء شعبنا، خاصة وأنهم أظهروا ذكاء ومهارة عالية في التخطيط وتنفيذ العملية، فهم خسارة للمقاومة مثلما هم خسارة لأهلهم وشعبهم.
لكن هذا ثمن لا يمكن تجنبه في ظل اختلال موازين القوى، وهو ثمن قليل لو قارناه بأحداث سابقة نعتبرها بطولات وانتصارات.
في الانتفاضة الأولى كان يقتل صهيوني واحد مقابل كل عشرة شهداء، وفي انتفاضة الأقصى كان يقتل صهيوني واحد مقابل كل خمسة شهداء، وفي حرب غزة الثالثة (2014م) كان يقتل صهيوني واحد مقابل كل 30 شهيدًا، أما عملية القدس فكان قتيل صهيوني واحد مقابل ثلاثة شهداء.
وإذا أردنا الكلام عن دلالات العملية وتداعياتها فهي ضربة لكل إجراءات الاحتلال من أجل اجهاض انتفاضة القدس، ومن أجل التأكيد على يهودية القدس.
كما أن رصد العمل المقاوم في الضفة الغربية في اليومين الماضيين يظهر ارتفاعًا ملموسًا بينها عملية إطلاق نار مساء أمس وعملية طعن صباح أمس، وهجمات بالأكواع الناسفة والزجاجات الحارقة، بعد هدوء ميز شهر رمضان منذ بدايته.
وذلك لأن مثل عملية القدس تحفز المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة، والكثيرون يتحمسون لتنفيذ العمليات بعد حصول عملية ناجحة مثل عملية القدس.
صحيح أن المعركة طويلة مع الاحتلال لكن بدون استنزافه فلن يخرج، على العكس فالهدوء يشجعه على التمادي وازدياد حركة الاستيطان في القدس والضفة، وهذا ما لمنساه على أرض الواقع خلال العشرين عامًا الماضية، فكلما ارتفعت وتيرة المقاومة انخفضت وتيرة الاستيطان، وكلما انخفضت المقاومة تسارع الاستيطان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق