يطرح
البعض قضية خسارة الطلاب نتيجة إضراب المعلمين والأيام التي تمر بدون دراسة،
وكعادة عالمنا المنافق يكون الضغط على الطرف الأضعف حتى لو كان على صواب، وهكذا
تأتي الضغوط على المعلمين لوقف إضرابهم وليس على الحكومة لتلبية المطالب العادلة
للمعلمين.
للرد على
هذه الشبهات اقول بأننا شهدنا إضرابات وتعطلًا عن الدراسة أطول من هذه، في
الانتفاضة الأولى كنت طالبًا في المدرسة وفي أحد السنوات لم يتجاوز عدد أيام
دوامنا الأربعين يومًا وبعض المدارس بالكاد درست عشرين يومًا.
وقالوا
عنا أننا جيل جاهل وأمي ولن ينجح في شيء، والحمد لله على عكس التوقعات السوداء
الكثيرون نجحوا في دراستهم والبعض ذهب إلى الجامعات الغربية وتفوق أكثر من أبناء
الدول المستقرة.
ونفس
الشيء تكرر أيام الاجتياحات في انتفاضة الأقصى، وغيرها من الأحداث التي تمر علينا،
فالأيام الضائعة تعوض بطريقة أو بأخرى، واليابان دمرت عن بكرة أبيها في الحرب العالمية
الثانية بمدارسها وجامعاتها ومعلميها، لكن الإنسان الياباني بقي موجودًا فأعاد
بناء ما دمر وأكثر في سنوات قليلة.
إضراب
المعلمين الحالي هو لا شيء مقارنة مع ما ذكر، وصحيح هي خسارة للطلاب لكنها خسارة
لا تذكر مع خسارة المعلم كإنسان، عندما يكون وضعه المعيشي والاجتماعي مزري ويعامل
بما لا يستحق، فما نوع التعليم الذي سيقدمه؟ سنجتر تبعات سحق المعلم سنوات وعقودًا
طويلة.
خسارة
أيام معدودة ستعوض في نهاية المطاف أقل سوءًا من خسارة المعلم وهو محور العملية
التعليمية، ومن يتحمل مسؤولية كل شيء هو من خلق هذه المشكلة، وليس المعلم ولا
الطالب ولا الشعب.