كانت المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة تمر بمرحلة ركود في الفترة بين منتصف السبعينات وبداية الثمانينات، وكان الهدوء النسبي واللهاث وراء لقمة العيش هو السمة السائدة، باستثناء عمليات متفرقة ساهمت باستمرار شعلة المقاومة والجهاد.
وكان من ضمن ذلك ما قام به ثلاثة شبان من قرية كوبر شمالي رام الله في مطلع عام 1978م: عمر البرغوثي (أبو عاصف) وشقيقه نائل، وابن عمهما فخري، فقد قام ثلاثتهما بقتل أحد المستوطنين، وسرعان ما ألقي القبض عليهم -كان أولهم (وأصغرهم عمراً): نائل البرغوثي ولهذا هو اليوم أقدم الأسرى وعميدهم- وحكم عليهم بالسجن المؤبد، كان الثلاثة مثلهم مثل أغلب المواطنين الفلسطينيين المحافظين في تلك الأيام من مؤيدي حركة فتح ومناصريها، ومن المتأثرين بالمقاومة المسلحة التي كانت تقودها حركة فتح في تلك الأيام.
سمى عمر البرغوثي ابنه الأكبر عاصف تيمناً بالعاصفة الجناح المسلح لحركة فتح في حينه، وكان ثلاثتهم من المؤمنين بالعمل المقاوم المسلح في وقت كان غيرهم غارقاً في هموم الحياة والسعي خلق الرزق، وكان ثلاثتهم (لفترة من الزمن) من رموز حركة فتح في سجون الاحتلال، إلى حين بدأت حركة فتح تتنازل عن مسيرة المقاومة والكفاح المسلح وتلقي بسلاحها وترفع غصن الزيتون.
عمر البرغوثي "أبو عاصف" أطلق سراحه في صفقة التبادل مع الجبهة الشعبية القيادة العامة عام 1985م، ولعل نوعية الأسرى الذين حرروا في تلك الصفقة مثل الشيخ أحمد ياسين وأبو عاصف ودورهم في الانتفاضة الأولى وما بعدها جعل الصهاينة يندمون شديد الندم على تلك الصفقة، ودفعهم للتشدد في كل الصفقات التالية.
أبو عاصف لم تنته مسيرته المقاومة مع صفقة التبادل، بل بدأت (حتى عندما تركت فتح السلاح وركنت إلى مدريد وأوسلو) فاستمر مؤمناً بالكفاح المسلح والمقاومة والجهاد، وعمل مع يحيى عياش ووفر له المأوى والمساعدة، وعندما سجن عام 2003م كانت تهمته مساعدة خلية عين يبرود القسامية وتزويدها بالسلاح، كما عمل مع المقاومة بدون أي انحياز لتنظيم دون آخر، فقد حرص على أن يكون وحدوياً يعمل مع الكل ما دام الهدف هو محاربة المحتل الصهيوني.
فسجن أبو عاصف مرات عدة في سجون الاحتلال ووصل ما أمضاه في سجون الاحتلال إلى 22 عاماً من سنوات عمره الـ55، وأبو عاصف لمن لا يعرفه كان أسطورة في الصمود بالتحقيق، وكان يرفع معنويات الشباب في زنازين التحقيق بالمسكوبية وكان دائم الترداد على أسماعهم مقولة "المعنويات عالية والمسكوبية واطية"، وكان يرفض الاعتراف أمام المحققين حتى لو كانت أمور يعرفونها تمام المعرفة.
أبو عاصف لم يعرف الانهيار أو الضعف عندما رأى زوجته في زنازين المسكوبية حيث اعتقلها المحققون ليضغطوا عليه وليبتزوه، كما عرف أبناؤه سجون الاحتلال، وكان أول عمل قام به ابنه الثاني عاصم بعد خروجه من سجون الاحتلال قبل أربعة أعوام هو محاولة أسر أحد المستوطنين ليقضي اليوم حكماً بالسجن لمدة 12 عاماً على محاولته تلك.
نائل البرغوثي (أبو النور) ما زال في الأسر المتواصل منذ أكثر من 32 عاماً، يعيش اليوم عند حركة حماس داخل السجن، لكنه مثل شقيقه وحدوي الفكر وصاحب عزيمة متوقدة وقدوة لغيره من الأسرى، وبدلاً من أن يرفع الأسرى معنويات هذا الطود الشامخ بعد أن عاش أكثر سنوات عمره في سجون الاحتلال يعمل هو على رفع معنوياتهم بشكل مستمر، ويتميز أبو النور بميزة لا توجد لدى غيره من الأسرى الفلسطينيين، فأبو النور يرفض أن يشتري أي من احتياجاته من كنتينا السجن ولا أن يحضر أهله له على الزيارة الملابس أو أي من احتياجاته (باستثناء الملابس الداخلية ولسبب بسيط أن ادارة السجن لا تزود الاسرى بها)، ولأبي النور فلسفته الخاصة وهي أن المحتل يجب أن يتحمل مسؤولية الأسير لا أن يستغل احتياجات الأسير ويبتز منه الأموال ويدفعه للحياة على حسابه الخاص.
تصوروا إنساناً يعيش 32 عاماً فقط على الملابس والطعام الذي يقدمه له السجان، أي سجين آخر في العالم يتمنى لو يغير هذا الروتين القاتل، وأبو النور تتاح له الفرصة لكن لديه رسالة ليؤديها، ولديه عزيمة الصخر، ولم يفت في عضده أن أحداً من الأسرى لا يشاركه فكرته ومبدأه هذا، فما دام مقتنعاً ومؤمناً بما يقوم به فهو سعيد ومسرور.
الأسير فخري البرغوثي ما زال يعيش في السجن مع حركة فتح بالرغم من تخلي الحركة عنه، ولا تتذكره إلا عندما تريد المتاجرة بآلامه ومعاناته لتطهر سمعتها التي لطختها ممارسات الأجهزة الأمنية، ربما ما زال يأمل خيراً في أبناء فتح، وربما يأمل أن طول مدة بقائه في حركة فتح تتيح له فرصة التغيير من الداخل، وانضم إليه قبل سنوات قليلة ابنه شادي والمحكوم بالسجن لمدة 29 عاماً.
ومن قبل أبو عاصف وأبو النور كان والدهما المرحوم أبو عمر من المشاركين بثورة عام 1936م وسجنه الأنجليز، لكن كل هذا التاريخ المقاوم لم يشفع لأبي عاصف عند سلطة دايتون، كما أن نفسه الوحدوي لم يعن للسلطة شيئاً، وبالرغم من عمله مع حركة حماس، إلا أنه حرص على أن يحافظ على مسافة متقاربة من جميع الفصائل، وهذا يثبت أن السلطة لا تحارب فقط من تظن بهم "النفس الانقلابي الحمساوي"، بل هي تعتبر أن كل من يمس بالتزاماتها (حسب تعبير عدنان الضميري) تجاه المحتل الصهيوني خطراً يجب وقفه عند حده.
فقامت السلطة باعتقاله قبل حوالي الثلاثة أسابيع وأمضى 15 يوماً في زنازين الوقائي، بدون احترام لسنه ولا احترام لتاريخه، ولا احترام لكونه ابناً سابقاً لحركة فتح، ولا احترام لنفسه الوحدوي، ولا احترام لشقيقه عميد الأسرى ولا ابن عمه عميد أسرى حركة فتح، كلها ذهبت أدراج الرياح فهي لا تعني شيء لأجهزة دايتون – مولر، التي تعتبر أن أرضاء "الجانب الآخر" هو عقيدتها القتالية ورسالتها السامية.
لا ندري ماذا دار في زنازين التحقيق، لكن تهديد شقيقه وابن عمه بالاضراب عن الطعام، والتحركات الواسعة لاطلاق سراح أبو عاصف أحرجت السلطة فلم تجد بداً من اطلاق سراحه الخميس الماضي، ومثلما يحصل في مثل هذه الحالات يتولى المحتل الصهيوني متابعة المهمة، فداهمت قوات الاحتلال منزله في قرية كوبر بنفس اليوم الذي أطلق فيه سراحه، لم يكن أبو عاصف موجوداً في المنزل فقد كان ذهب للإطمئنان على شجر الزيتون التابع للعائلة فقد حان موعد الحصاد وهو في زنازين الوقائي (ونلوم بعدها المستوطنين الذين يمنعون الفلاحين من قطاف زيتونهم)، فعاث جنود الاحتلال خراباً في منزل أبو عاصف وكسروا الأثاث وتركوا له تبليغاً بضرورة مراجعة مخابراتهم.
وقع أبو عاصف في أسر المحتل الصهيوني بعد ذلك بأيام قليلة (الأحد الماضي)، وهو الآن في زنازين التحقيق، وربما كان مشبوحاً في زنازين المسكوبية (فلا أحد يدري مكانه) يسأله المحققون الصهاينة عن ما دار معه في أقبية الوقائي من أجل استكمال استجوابه، ربما تمنع وحدوية أبو عاصف لعن جهاز الأمن الوقائي وكل من ساهم بتسليم معلومات عنه إلى المحتل الصهيوني، لكني متأكد ومتيقن أن القيود التي تلف قدميه ويديه في التحقيق تلعنهم ألف مرة، فهذا رجل قضى أغلب حياته بين زنازين التحقيق وغرف سجون الاحتلال، أفلم يخجل أبناء الوقائي من فعلتهم هذه؟ لماذا يزيدون في معاناة مناضل كبير مثله؟ ألا يكفيه 22 عاماً في السجن؟ أيقبلون أن يفعل بوالد أحدهم مثل هذا؟
أبو عاصف كان ابناً لحركة فتح قبل أن يكون اباً لحركة حماس، وبدل من أن تكرمه حركة فتح وتحتفي به، ها هي تساهم باعتقاله وتسليم المعلومات عنه للمحتل الصهيوني، والله أعلم ما طبيعة المعلومات التي زودوا بها المخابرات الصهيونية والتي دفعت المخابرات لمداهمة منزله بنفس اليوم الذي أفرج عنه وتكسير أثاث منزله وتفتيشه شبراً بشبر، وربما لن نعرف أبداً لأن أبو عاصف عودنا على الصمود في التحقيق وعدم الافصاح عن ما يختزنه صدره من أسرار، ولو كان على حساب حياته ولو كان على حساب حياة أسرته.
من العار أن تتخلى حركة فتح عن مناضليها وتتنكر لهم وتغدر بهم، وفي الوقت الذي ترتكب التجاوزات في الضفة الغربية بحجة الصراع مع حركة حماس، فقصة أبو عاصف وآل البرغوثي لتدل على أن تجاوزات حركة فتح لهي أخطر من ذلك بكثير، إنها تصل لمرحلة العمالة المقنعة (وربما العمالة الصريحة).
شباب من أجل فلسطين تحاول أن تستثير همة الشباب وتتفاعل مع أفكارهم، فأي فكرة مهما كانت بسيطة نحتاجها ما دامت تخدم القضية الفلسطينية.
الأربعاء، 27 أكتوبر 2010
الأربعاء، 20 أكتوبر 2010
تصريحات عبد ربه وعباس: عذر أقبح من ذنب
خرج علينا ياسر عبد ربه قبل أيام بتصريح خلال لقاءٍ مع صحيفة هارتس بأنه لا يمانع بالاعتراف بيهودية الدولة العبرية بعد ترسيم حدود الدولة الفلسطينية، ومثل هذه اللقاءات معتادة بين رموز السلطة والصحيفة الصهيونية يسارية التوجه، فقبل عامين قال سلام فياض في لقاء مع الصحيفة أنه يطالب برفع الحواجز التي لا تخدم أمن الاحتلال، وقال أنه سيوافق على حواجز الاحتلال التي تقدم حماية للمستوطنين والمحتل الصهيوني (فقط يريد إزالة ما لا لزوم له).
في اليوم التالي لتصريح عبد ربه خرج نافياً ما نسب إليه، وقد نشرت وكالة معاً وموقع البي بي سي بالعربية توضيحاً لتصريحاته كما خرج موضحاً على قناة الجزيرة، وليته ما وضح حيث قال أن السلطة مستعدة لبحث أي شيء بعد تحديد حدود الدولة الفلسطينية والتوصل إلى تسوية وأنه سيتم الاعتراف بـ"إسرائيل كما هي"، بمعنى هو لا يرفض مبدأ الاعتراف بيهودية الدولة بل يريد التباحث بشأنها لاحقاً.
أما محمود عباس فقد رد على أسئلة الصحفيين خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزيرة الخارجية الفلندية الخميس الماضي بقوله: "موقفنا اليوم أننا معترفون باسرائيل، ولكن إذا أراد الإسرائيليون أن يسموا أنفسهم أي اسم فعليهم أن يخاطبوا الأمم المتحدة، لأن هذا الموضوع ليس من شأننا"، أي أن تسمية الصهاينة لدولتهم بدولة اليهود ليس من شأن السلطة.
قد يقول قائل: "وما أدراك أنه سيقبل بيهودية الدولة عند بحث أمرها في وقت لاحق؟" ببساطة لأن تاريخه وتاريخ سلطته يثبت أنهم خلال السنوات الماضية قد وافقوا عملياً على أي شيء طرحه الصهاينة، فلو أخذنا خارطة الطريق التي وافقت عليها السلطة ووافق عليها الصهاينة مع 14 تحفظاً، الصهاينة لم ينفذوا أي شيء مما التزموا به فيما السلطة نفذت كل شيء، وبعد ما نفذت كل شيء بدأت التفاوض من جديد.
السلطة باختصار عودتنا على الخضوع لكل ما يطرحه الصهاينة، ومن الناحية الأخرى فتهرب عبد ربه وعباس من الرفض الصريح ليهودية الدولة يعني إما أنهما يقران ويعترفان بيهودية الدولة أو أنهما يخافان من رفض يهودية الدولة، وعلى كلا الوجهين النتيجة واحدة: "الخضوع لرغبة الصهاينة بدولة يهودية".
كلا يا ياسر عبد ربه؛ يهودية الدولة العبرية ليست أمراً مطروحاً للنقاش لا اليوم ولا بعد ألف عام، وكلا يا محمود عباس يهودية الكيان المصطنع ليس شأناً صهيونياً داخلياً، هذه تبريرات أقبح من الاعتراف بيهودية الدولة، فاستعداد عبد ربه لنقاش أي شيء يعني استعداده لمناقشة قرار صهيوني بطرد مليون ونصف فلسطيني مستقبلاً، واعتبار محمود عباس أن للصهاينة شؤون داخلية لا ينبغي التدخل فيها يعني حقهم بهدم الأقصى وتهويده بوصفه شأناً داخلياً، وحقهم بتهجير الفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين المحتلة بوصفه شأناً داخلياً، ربما يحق له رفض استقبالهم في الضفة الغربية فقط لا غير.
قد يقول قائل: "وما يضير الاعتراف بيهودية الدولة ما دامت السلطة اعترفت بما تسمى إسرائيل؟" في الواقع الاعتراف بالكيان الصهيوني جريمة، والاعتراف به كدولة لليهود جريمة مضاعفة، لأنه في الوقت الذي يتم محاصرة الكيان الصهيوني دولياً وعالمياً بوصفه دولة عنصرية بغيضة يأتي ومن يعتبر عنصرية الصهاينة شأناً داخلياً أو أمراً قابلاً للنقاش، وكأنه يقول لكل من يحارب عنصرية الكيان الصهيوني أنتم مخطئون هذه الدولة لليهود وليست لنا، وبالتالي يضعف موقف كل من يدعم الشعب الفلسطيني ويقوي موقف أنصار الصهيونية في كل مكان بالعالم.
الأخطر من ذلك هو إعطاء الصهاينة المبررات لتهجير الشعب الفلسطيني من داخل الخط الأخضر، واعتبارهم مجرد مقيمين في دولة "اليهود"، وإذا عارض أحد ما التهجير عندما يحصل فعلياً في المستقبل سيقول لهم الصهاينة انتظروا الأمر خاضع للتفاوض مع السلطة ولا داعي لأن تتدخلوا بالمفاوضات بيننا وبينهم ولا أن تكونوا أكثر فلسطينية من الفلسطينيين، ومثلما هو الأمر مع المستوطنات اليوم سينفذ الصهاينة ما يريدون والمفاوضات تسير وتسير وتسير دون أن نحقق أي شيء.
وأذكر هنا بأنه عندما بدأت منظمة التحرير التفاوض عام 1991م كانت الحجة هي وقف الاستيطان وكبح جماح المستوطنات. حسناً تضاعف عدد المستوطنين من يومها أربع مرات تقريباً في الضفة الغربية، ومعدل زيادتهم السكانية تصل إلى 6% سنوياً مقابل 1.8% الزيادة السنوية للصهاينة في الكيان، والاستيطان مستمر ومستمر، والمفاوضات تسير وتتوقف دون أن تنجز السلطة شيئاً.
وبعد فتح يهودية الدولة للنقاش سينفذ الصهاينة ما يريدون، وبنفس المنطق سيتفاوضون وسيتفاوضون وسيتفاوضون فيما الصهاينة يحولون دولتهم إلى دولة يهودية خالصة دون أي معارضة حقيقية؛ مجرد اعتراض خجول، مثل اعتراض عباس وعبد ربه الذين يتهربان من رفض يهودية الدولة بجعلها مسؤولية دولية أو شأناً داخلياً صهيونياً.
فلتكن الأمور واضحة: يهودية الكيان الصهيوني ليس أمراً خاضعاً للنقاش والجدال، بل يجب استغلال المطالب الصهيونية هذه لفضح الكيان ولفتح الملفات المغلقة: ملف اللاجئين وملف من طردوا من أرضهم من أجل إقامة دولة يهودية نقية. فمطالب الصهاينة بدولة لليهود فقط دون غيرهم، وتبرير ذلك لطرد أهل البلاد الأصليين عام 1948م ولطرد ما تبقى منهم مستقبلاً هي فضيحة أخلاقية، ولا يجب تفويتها بتصريحات جبانة تميع القضية الفلسطينية وتقدم الخدمات المجانية للصهاينة.
في اليوم التالي لتصريح عبد ربه خرج نافياً ما نسب إليه، وقد نشرت وكالة معاً وموقع البي بي سي بالعربية توضيحاً لتصريحاته كما خرج موضحاً على قناة الجزيرة، وليته ما وضح حيث قال أن السلطة مستعدة لبحث أي شيء بعد تحديد حدود الدولة الفلسطينية والتوصل إلى تسوية وأنه سيتم الاعتراف بـ"إسرائيل كما هي"، بمعنى هو لا يرفض مبدأ الاعتراف بيهودية الدولة بل يريد التباحث بشأنها لاحقاً.
أما محمود عباس فقد رد على أسئلة الصحفيين خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزيرة الخارجية الفلندية الخميس الماضي بقوله: "موقفنا اليوم أننا معترفون باسرائيل، ولكن إذا أراد الإسرائيليون أن يسموا أنفسهم أي اسم فعليهم أن يخاطبوا الأمم المتحدة، لأن هذا الموضوع ليس من شأننا"، أي أن تسمية الصهاينة لدولتهم بدولة اليهود ليس من شأن السلطة.
قد يقول قائل: "وما أدراك أنه سيقبل بيهودية الدولة عند بحث أمرها في وقت لاحق؟" ببساطة لأن تاريخه وتاريخ سلطته يثبت أنهم خلال السنوات الماضية قد وافقوا عملياً على أي شيء طرحه الصهاينة، فلو أخذنا خارطة الطريق التي وافقت عليها السلطة ووافق عليها الصهاينة مع 14 تحفظاً، الصهاينة لم ينفذوا أي شيء مما التزموا به فيما السلطة نفذت كل شيء، وبعد ما نفذت كل شيء بدأت التفاوض من جديد.
السلطة باختصار عودتنا على الخضوع لكل ما يطرحه الصهاينة، ومن الناحية الأخرى فتهرب عبد ربه وعباس من الرفض الصريح ليهودية الدولة يعني إما أنهما يقران ويعترفان بيهودية الدولة أو أنهما يخافان من رفض يهودية الدولة، وعلى كلا الوجهين النتيجة واحدة: "الخضوع لرغبة الصهاينة بدولة يهودية".
كلا يا ياسر عبد ربه؛ يهودية الدولة العبرية ليست أمراً مطروحاً للنقاش لا اليوم ولا بعد ألف عام، وكلا يا محمود عباس يهودية الكيان المصطنع ليس شأناً صهيونياً داخلياً، هذه تبريرات أقبح من الاعتراف بيهودية الدولة، فاستعداد عبد ربه لنقاش أي شيء يعني استعداده لمناقشة قرار صهيوني بطرد مليون ونصف فلسطيني مستقبلاً، واعتبار محمود عباس أن للصهاينة شؤون داخلية لا ينبغي التدخل فيها يعني حقهم بهدم الأقصى وتهويده بوصفه شأناً داخلياً، وحقهم بتهجير الفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين المحتلة بوصفه شأناً داخلياً، ربما يحق له رفض استقبالهم في الضفة الغربية فقط لا غير.
قد يقول قائل: "وما يضير الاعتراف بيهودية الدولة ما دامت السلطة اعترفت بما تسمى إسرائيل؟" في الواقع الاعتراف بالكيان الصهيوني جريمة، والاعتراف به كدولة لليهود جريمة مضاعفة، لأنه في الوقت الذي يتم محاصرة الكيان الصهيوني دولياً وعالمياً بوصفه دولة عنصرية بغيضة يأتي ومن يعتبر عنصرية الصهاينة شأناً داخلياً أو أمراً قابلاً للنقاش، وكأنه يقول لكل من يحارب عنصرية الكيان الصهيوني أنتم مخطئون هذه الدولة لليهود وليست لنا، وبالتالي يضعف موقف كل من يدعم الشعب الفلسطيني ويقوي موقف أنصار الصهيونية في كل مكان بالعالم.
الأخطر من ذلك هو إعطاء الصهاينة المبررات لتهجير الشعب الفلسطيني من داخل الخط الأخضر، واعتبارهم مجرد مقيمين في دولة "اليهود"، وإذا عارض أحد ما التهجير عندما يحصل فعلياً في المستقبل سيقول لهم الصهاينة انتظروا الأمر خاضع للتفاوض مع السلطة ولا داعي لأن تتدخلوا بالمفاوضات بيننا وبينهم ولا أن تكونوا أكثر فلسطينية من الفلسطينيين، ومثلما هو الأمر مع المستوطنات اليوم سينفذ الصهاينة ما يريدون والمفاوضات تسير وتسير وتسير دون أن نحقق أي شيء.
وأذكر هنا بأنه عندما بدأت منظمة التحرير التفاوض عام 1991م كانت الحجة هي وقف الاستيطان وكبح جماح المستوطنات. حسناً تضاعف عدد المستوطنين من يومها أربع مرات تقريباً في الضفة الغربية، ومعدل زيادتهم السكانية تصل إلى 6% سنوياً مقابل 1.8% الزيادة السنوية للصهاينة في الكيان، والاستيطان مستمر ومستمر، والمفاوضات تسير وتتوقف دون أن تنجز السلطة شيئاً.
وبعد فتح يهودية الدولة للنقاش سينفذ الصهاينة ما يريدون، وبنفس المنطق سيتفاوضون وسيتفاوضون وسيتفاوضون فيما الصهاينة يحولون دولتهم إلى دولة يهودية خالصة دون أي معارضة حقيقية؛ مجرد اعتراض خجول، مثل اعتراض عباس وعبد ربه الذين يتهربان من رفض يهودية الدولة بجعلها مسؤولية دولية أو شأناً داخلياً صهيونياً.
فلتكن الأمور واضحة: يهودية الكيان الصهيوني ليس أمراً خاضعاً للنقاش والجدال، بل يجب استغلال المطالب الصهيونية هذه لفضح الكيان ولفتح الملفات المغلقة: ملف اللاجئين وملف من طردوا من أرضهم من أجل إقامة دولة يهودية نقية. فمطالب الصهاينة بدولة لليهود فقط دون غيرهم، وتبرير ذلك لطرد أهل البلاد الأصليين عام 1948م ولطرد ما تبقى منهم مستقبلاً هي فضيحة أخلاقية، ولا يجب تفويتها بتصريحات جبانة تميع القضية الفلسطينية وتقدم الخدمات المجانية للصهاينة.
الخميس، 14 أكتوبر 2010
المصالحة الفلسطينية وعقدة العقد
يعقد بعد حوالي أسبوع أيام لقاء في دمشق بين حركتي حماس وفتح من أجل بحث الملف الأخير العالق من ملفات المصالحة الفلسطينية، وهو ما يسمى بالملف الأمني، بعد أن حلت بقية نقاط الخلاف التي أخرت التوقيع على الورقة المصرية والمضي قدماً في المصالحة.
وتأخير الملف الأمني لم يكن عبثاً ولا صدفة، بل لا نبالغ إن قلنا أن الملف الأمني هو عقدة العقد وهو السبب الرئيسي لكل ما وقع بين حماس وفتح من صراع منذ انتخابات عام 2006م؛ صحيح يوجد خلافات وتنافس بين التنظيمين على قيادة الشعب الفلسطيني، وصحيح أنه سبق وأن وقعت بينهما صدامات ومواجهات في أكثر من مناسبة وذلك منذ أيام الانتفاضة الأولى (وهنا نتذكر مواجهات عامي 1990م و1991م بين الحركتين)، لكن كلها قضايا يمكن حلها ويمكن الوصول إلى حلول وسط والتعايش معاً وإن كان على مضض.
أما الملف الأمني فيختلف عن غيره لأن له ارتباط بجهات خارجية غير فلسطينية، فالملف الأمني مرتبط بالاحتلال الصهيوني، وذلك لأن الاحتلال الصهيوني نجح بتحويل العلاقة بينه وبين السلطة إلى علاقة أمنية، ونجح بتحويل القضية الفلسطينية إلى معادلة توفير الأمن للصهاينة مقابل الراتب، ففي الوقت الذي تتجمد فيه المفاوضات ولا يتحقق شيء بين السلطة وحكومة الاحتلال يستمر التنسيق الأمني بشكل سلس وبدون أي عراقيل.
فالسلطة الفلسطينية حريصة على الإيفاء بالتزاماتها الأمنية تجاه الاحتلال الصهيوني، وهذا يعني استمرار مطاردة المقاومين، واستمرار اعتقالهم، واستمرار تقديم المعلومات للمحتل الصهيوني، وهذا يعني بالضرورة بقاء أبناء حركة حماس في سجون السلطة، وتقييد حركتهم وحركة المقاومين في الضفة الغربية بشكل كبير، وهذا يعني أن حماس لن تحصل على شيء من المصالحة مقابل تنازلات تقدمها للسلطة وحركة فتح.
ولا تظهر حركة فتح أي جدية في التوقف عن التنسيق الأمني حتى عندما يصرح شخص مثل حاتم عبد القادر بأن فتح ستقدم المصالحة على التنسيق الأمني في حال تعارضهما معا، فهذا يعني أنه يقبل بالتنسيق الأمني، والسؤال الذي نطرحه على حاتم عبد القادر وغيره لماذا التنسيق الأمني من أساسه؟ التنسيق الأمني كما عهدناه منذ قدوم السلطة يعني تقديم المعلومات الاستخبارية للمحتل الصهيوني، وتعني اعتقال "المطلوبين" للاحتلال الصهيوني، ومؤخراً باتت تعني القيام بأعمال استباقية لمنع أي عملية ضد المحتل الصهيوني.
وقبل أيام صدر بيان عن حركة فتح أقليم بيت لحم يستنكر زيارة أشكنازي للمدينة واجتماعه مع المسؤولين، واستهجن البيان "لقاءات غير أمنية جرت في عتصيون، من بينها إفطار جماعي في رمضان حضره عدد من المسؤولين الفلسطينيين،" وكأن اللقاءات الأمنية مبررة، وكأن التنسيق الأمني مسموح لكن ليبقى أشكنازي بعيداً ولا يزورنا.
إن مشاركة مسؤولين في السلطة بإفطارات جماعية في مستوطنة صهيونية لهو أمر مقزز وعديم الذوق تماماً، نتفق في ذلك مع حركة فتح، لكن التنسيق الأمني أسوأ من ذلك بكثير لأنه يعرض حياة الناس للخطر، ويعرض حياة المقاومين للخطر مثلما حصل مع الشهيدين نشأت الكرمي ومأمون النتشة والذين ساهمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالكشف عن هويتهما وعن تسريب معلومات عنهما إلى الصهاينة، والتنسيق الأمني يزج بخيرة الشباب في سجون السلطة وسجون الاحتلال لتضيع سنوات غالية من عمرهم، وأخيراً التنسيق الأمني يحول حركة فتح وأجهزتها الأمنية إلى جيش لحد من حيث يدرون أو لا يدرون.
بناء على ما سبق أشك في نجاح لقاء دمشق نظراً لحرص حركة فتح والسلطة على إبقاء علاقة التنسيق الأمني مع الصهاينة، فرغم تعطل كل شيء بين السلطة والكيان الصهيوني إلا أن التنسيق الأمني مستمر ولم يقطع يوماً واحداً حتى في ذروة سنوات انتفاضة الأقصى، وبقاء التنسيق الأمني يعني الآتي:
1- عدم اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في الضفة، ستبقى نسبة كبيرة منهم معتقلين لأن اعتقالهم هو استحقاق يقدم للصهاينة.
2- رفض إشراك أبناء حماس في الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية ورفض إعادة بنائها.
3- سعي فتح للعودة إلى ممارساتها السابقة في قطاع غزة، من خلال عودة أجهزتها الأمنية إلى القطاع، وستكون البداية من خلال الاكتفاء برفع التقارير الأمنية إلى الصهيانة والتجسس على المقاومة لتطور لاحقاً وتصبح مضايقة للمقاومة إن سمحت الأمور بذلك.
بدون ذلك فالصهاينة والأمريكان سيمنعوا محمود عباس من قبول الاتفاقية، وحتى لو وقعت فلن تطبقها الأجهزة الأمنية، فهل السلطة قادرة على مخالفة ما يأتيها من الصهاينة؟ ما نراه من مواقف وممارسات خطيرة تتم في الضفة الغربية تثبت أن الأجهزة الأمنية لا تقودها فتح ولا محمود عباس ولا حتى دايتون وفياض لهما تلك القوة والتأثير على تلك الأجهزة مقارنة بما يملكه ضباط الارتباط الصهاينة، لأن هنالك ثقافة معششة في عقول الأجهزة الأمنية أنه لكي تسير الأمور يجب أن يثبتوا ولاءهم واخلاصهم للصهاينة.
لكي تسير المصالحة قدماً يجب أن تسحب فتح الحاضنة الشعبية للأجهزة الأمنية في حال رفضت الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، ويجب قبل ذلك أن تتمسك بما يتم التوصل إليه بخصوص الأجهزة الأمنية وأن تتحدى الصهاينة والأمريكان، وأن ترفض شروطهم وضغوطهم.
وفي المقابل على حماس أن لا تحرج فتح بطلباتها، فلا أظن (مثلاً) أنه من الضروري الاصرار على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بالضفة لأن ذلك غير ممكن في ظل الظرف الراهن، يكفي حماس تحقيق أمرين اثنين: اطلاق أبنائها من سجون السلطة في الضفة، والسماح لها بممارسة نشاطها في الضفة كما كان سابقاً، لا يجب أن تثقل حماس بشروطها حتى وإن كانت شروطاً عادلة.
عند النزول إلى مستوى التفاصيل ستجد حماس نفسها أمام الكثير من النقاط التي من الممكن أن تفجر المصالحة، والأصل أن تتحلى بمرونة فالضغط الممارس على فتح كبير جداً، وفتح أمام خيارين: إما العودة إلى المعسكر الوطني الفلسطيني أو الاستمرار بالارتماء في الحضن الصهيوني، والخيار الثاني مدمر لحماس ولفتح وللشعب الفلسطيني، وبالتالي يجب أن توفر حماس الأجواء المناسبة لفتح كي تعود إلى المعسكر الوطني، وهذا يعني عدم التمسك بكل المطالب والاقتصار فقط على التمسك بما هو مهم وضروري: رفع الحظر عن نشاط حماس بالضفة، اطلاق سراح الأسرى، والاشتراط بأن تكون عملية إعادة بناء الأجهزة الأمنية في غزة على أسس تضمن عدم تكرار تجربة الضفة الغربية من ممارسات معادية للشعب الفلسطيني ومقاومته.
وتأخير الملف الأمني لم يكن عبثاً ولا صدفة، بل لا نبالغ إن قلنا أن الملف الأمني هو عقدة العقد وهو السبب الرئيسي لكل ما وقع بين حماس وفتح من صراع منذ انتخابات عام 2006م؛ صحيح يوجد خلافات وتنافس بين التنظيمين على قيادة الشعب الفلسطيني، وصحيح أنه سبق وأن وقعت بينهما صدامات ومواجهات في أكثر من مناسبة وذلك منذ أيام الانتفاضة الأولى (وهنا نتذكر مواجهات عامي 1990م و1991م بين الحركتين)، لكن كلها قضايا يمكن حلها ويمكن الوصول إلى حلول وسط والتعايش معاً وإن كان على مضض.
أما الملف الأمني فيختلف عن غيره لأن له ارتباط بجهات خارجية غير فلسطينية، فالملف الأمني مرتبط بالاحتلال الصهيوني، وذلك لأن الاحتلال الصهيوني نجح بتحويل العلاقة بينه وبين السلطة إلى علاقة أمنية، ونجح بتحويل القضية الفلسطينية إلى معادلة توفير الأمن للصهاينة مقابل الراتب، ففي الوقت الذي تتجمد فيه المفاوضات ولا يتحقق شيء بين السلطة وحكومة الاحتلال يستمر التنسيق الأمني بشكل سلس وبدون أي عراقيل.
فالسلطة الفلسطينية حريصة على الإيفاء بالتزاماتها الأمنية تجاه الاحتلال الصهيوني، وهذا يعني استمرار مطاردة المقاومين، واستمرار اعتقالهم، واستمرار تقديم المعلومات للمحتل الصهيوني، وهذا يعني بالضرورة بقاء أبناء حركة حماس في سجون السلطة، وتقييد حركتهم وحركة المقاومين في الضفة الغربية بشكل كبير، وهذا يعني أن حماس لن تحصل على شيء من المصالحة مقابل تنازلات تقدمها للسلطة وحركة فتح.
ولا تظهر حركة فتح أي جدية في التوقف عن التنسيق الأمني حتى عندما يصرح شخص مثل حاتم عبد القادر بأن فتح ستقدم المصالحة على التنسيق الأمني في حال تعارضهما معا، فهذا يعني أنه يقبل بالتنسيق الأمني، والسؤال الذي نطرحه على حاتم عبد القادر وغيره لماذا التنسيق الأمني من أساسه؟ التنسيق الأمني كما عهدناه منذ قدوم السلطة يعني تقديم المعلومات الاستخبارية للمحتل الصهيوني، وتعني اعتقال "المطلوبين" للاحتلال الصهيوني، ومؤخراً باتت تعني القيام بأعمال استباقية لمنع أي عملية ضد المحتل الصهيوني.
وقبل أيام صدر بيان عن حركة فتح أقليم بيت لحم يستنكر زيارة أشكنازي للمدينة واجتماعه مع المسؤولين، واستهجن البيان "لقاءات غير أمنية جرت في عتصيون، من بينها إفطار جماعي في رمضان حضره عدد من المسؤولين الفلسطينيين،" وكأن اللقاءات الأمنية مبررة، وكأن التنسيق الأمني مسموح لكن ليبقى أشكنازي بعيداً ولا يزورنا.
إن مشاركة مسؤولين في السلطة بإفطارات جماعية في مستوطنة صهيونية لهو أمر مقزز وعديم الذوق تماماً، نتفق في ذلك مع حركة فتح، لكن التنسيق الأمني أسوأ من ذلك بكثير لأنه يعرض حياة الناس للخطر، ويعرض حياة المقاومين للخطر مثلما حصل مع الشهيدين نشأت الكرمي ومأمون النتشة والذين ساهمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالكشف عن هويتهما وعن تسريب معلومات عنهما إلى الصهاينة، والتنسيق الأمني يزج بخيرة الشباب في سجون السلطة وسجون الاحتلال لتضيع سنوات غالية من عمرهم، وأخيراً التنسيق الأمني يحول حركة فتح وأجهزتها الأمنية إلى جيش لحد من حيث يدرون أو لا يدرون.
بناء على ما سبق أشك في نجاح لقاء دمشق نظراً لحرص حركة فتح والسلطة على إبقاء علاقة التنسيق الأمني مع الصهاينة، فرغم تعطل كل شيء بين السلطة والكيان الصهيوني إلا أن التنسيق الأمني مستمر ولم يقطع يوماً واحداً حتى في ذروة سنوات انتفاضة الأقصى، وبقاء التنسيق الأمني يعني الآتي:
1- عدم اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في الضفة، ستبقى نسبة كبيرة منهم معتقلين لأن اعتقالهم هو استحقاق يقدم للصهاينة.
2- رفض إشراك أبناء حماس في الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية ورفض إعادة بنائها.
3- سعي فتح للعودة إلى ممارساتها السابقة في قطاع غزة، من خلال عودة أجهزتها الأمنية إلى القطاع، وستكون البداية من خلال الاكتفاء برفع التقارير الأمنية إلى الصهيانة والتجسس على المقاومة لتطور لاحقاً وتصبح مضايقة للمقاومة إن سمحت الأمور بذلك.
بدون ذلك فالصهاينة والأمريكان سيمنعوا محمود عباس من قبول الاتفاقية، وحتى لو وقعت فلن تطبقها الأجهزة الأمنية، فهل السلطة قادرة على مخالفة ما يأتيها من الصهاينة؟ ما نراه من مواقف وممارسات خطيرة تتم في الضفة الغربية تثبت أن الأجهزة الأمنية لا تقودها فتح ولا محمود عباس ولا حتى دايتون وفياض لهما تلك القوة والتأثير على تلك الأجهزة مقارنة بما يملكه ضباط الارتباط الصهاينة، لأن هنالك ثقافة معششة في عقول الأجهزة الأمنية أنه لكي تسير الأمور يجب أن يثبتوا ولاءهم واخلاصهم للصهاينة.
لكي تسير المصالحة قدماً يجب أن تسحب فتح الحاضنة الشعبية للأجهزة الأمنية في حال رفضت الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، ويجب قبل ذلك أن تتمسك بما يتم التوصل إليه بخصوص الأجهزة الأمنية وأن تتحدى الصهاينة والأمريكان، وأن ترفض شروطهم وضغوطهم.
وفي المقابل على حماس أن لا تحرج فتح بطلباتها، فلا أظن (مثلاً) أنه من الضروري الاصرار على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بالضفة لأن ذلك غير ممكن في ظل الظرف الراهن، يكفي حماس تحقيق أمرين اثنين: اطلاق أبنائها من سجون السلطة في الضفة، والسماح لها بممارسة نشاطها في الضفة كما كان سابقاً، لا يجب أن تثقل حماس بشروطها حتى وإن كانت شروطاً عادلة.
عند النزول إلى مستوى التفاصيل ستجد حماس نفسها أمام الكثير من النقاط التي من الممكن أن تفجر المصالحة، والأصل أن تتحلى بمرونة فالضغط الممارس على فتح كبير جداً، وفتح أمام خيارين: إما العودة إلى المعسكر الوطني الفلسطيني أو الاستمرار بالارتماء في الحضن الصهيوني، والخيار الثاني مدمر لحماس ولفتح وللشعب الفلسطيني، وبالتالي يجب أن توفر حماس الأجواء المناسبة لفتح كي تعود إلى المعسكر الوطني، وهذا يعني عدم التمسك بكل المطالب والاقتصار فقط على التمسك بما هو مهم وضروري: رفع الحظر عن نشاط حماس بالضفة، اطلاق سراح الأسرى، والاشتراط بأن تكون عملية إعادة بناء الأجهزة الأمنية في غزة على أسس تضمن عدم تكرار تجربة الضفة الغربية من ممارسات معادية للشعب الفلسطيني ومقاومته.
توضيحات لا بد منها حول رفع ضريبة المحروقات في غزة
هنالك من يحاول التصيد للحكومة الفلسطينية الشرعية بقيادة اسماعيل هنية في غزة، ولا يوفر شاردة ولا واردة لتصويرها على أنها تضيق على الناس أرزاقهم وتجبي الأموال والضرائب، وكأنه لا يوجد حكومة في العالم لا تجبي الضرائب والرسوم إلا حكومة غزة.
بداية لا يوجد دولة في العالم منذ فجر التاريخ إلا ولها مصدر للدخل لكي تصرف على موظفيها والعاملين لديها وللأنفاق على النفقات العامة بكافة أشكالها. والدولة الإسلامية قديماً كان لها الزكاة مصدراً للدخل للانفاق على الفقراء والمحتاجين ومصارف الزكاة، بالإضافة للعشر والخراج وكانت تصرف على النفقات العامة المختلفة.
الضريبة اليوم مثلها مثل العشر والخراج هي للإنفاق على النفقات الحكومية العامة، من أجل تنفيذ المشاريع وصرف رواتب الموظفين، ومثل أغلب الحكومات الفقيرة لا يوجد لحكومة غزة مصدر للدخل سوى الضرائب بأشكالها المختلفة.
الأمر والأدهى أنه فيما تنتقد الضرائب التي تحصلها حكومة غزة نجد المنتقدين ساكتين عن الضرائب التي تجبيها حكومة رام الله من أهل غزة (ولا أتكلم عن الضرائب التي تجبى في الضفة فهي خارج موضوعنا). ففي حين أن الضريبة على المحروقات التي تجبيها حكومة غزة أصبحت 60 أغورة عن كل ليتر محروقات بدلاً من 30 أغورة، يتعامون عن حقيقة وهي أن المحروقات التي تدخل عن طريق اليهود أكثر من 70% من قيمتها عبارة عن ضريبة تفرضها السلطة، يعني 4 أو 5 شيكل من قيمة كل ليتر بنزين أو سولار، بما فيه السولار لمحطة الكهرباء يذهب ضريبة للسلطة في رام الله.
هذه حقيقة يتعامى عنها البعض ويجهلها الكثيرون، فالمحروقات التي تأتي من اليهود سعرها مرتفع ليس لأنها تشترى بثمن باهظ، بل لأن معظم ثمنها يذهب للسلطة في رام الله على شكل ضريبة محروقات، والفرق بينها وبين الضريبة التي تفرضها على المحروقات المهربة من مصر هو أن اليهود يحصلوا الضريبة ثم يعطوها للسلطة كاملة غير ناقصة. فيما الضريبة التي تفرضها حكومة غزة تحصلها مباشرة.
وليس هذا فقط بل أن البضائع التي تدخل عن طريق المعابر الصهيونية إلى غزة يدفع أهل غزة 17% من قيمتها للسلطة على شكل ضريبة القيمة المضافة، وتذهب للسلطة في رام الله مباشرة فيما لا تحصل حكومة غزة ضريبة على البضائع المهربة من غزة (باستثناء المحروقات والسجائر) ولا على القادمة عن طريق المعابر مع الكيان الصهيوني.
كل هذه الرسوم تذهب إلى سلطة دايتون، ثم يمنوا على الموظفين بغزة ويقولون نحن نتكفل بالرواتب ويمنعوا الرواتب عن هذا وذاك، وهي كلها أموال يدفعها أهل غزة وهي لهم، وفوق ذلك يلوموا حكومة غزة الشرعية ويقولوا يجب أن تنفق على الجميع ولا يجب أن تجمع الضرائب ويجب أن تخلق الوظائف ويجب ويجب، من أين؟ تأتيها مساعدات لكن المساعدات كم ستغطي من مصاريفها؟ وهل المساعدات تدوم للأبد؟
وللعلم فقط المساعدات من العالم الخارجي التي تقدم للسلطة في رام الله تذهب جميعها تقريباً لتنفيذ مشاريع، أما الرواتب فتغطى من الضرائب المختلفة التي تحصلها السلطة من أهل الضفة وغزة: ضريبة القيمة المضافة، وضريبة المحروقات وضريبة الجمارك، وضريبة الدخل.
وهنا أشير إلى نقطة حتى أكون منصفاً: حسب اتفاقية باريس (الملحق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو) السلطة مقيدة بأسعار المحروقات التي تبيعها (لكن الأرباح والضرائب تذهب لهيئة البترول التابعة لوزارة المالية). لا تستطيع السلطة خفض اسعار المحروقات لأقل من الأسعار الصهيونية إلا ضمن شروط معينة، وهذا ليس لأنها تشتريها بثمن غالي بل لأن الاتفاقية تقيدها بذلك.
كل هذه الأمور وغيرها سأثبتها لكما من خلال أرقام وزارة المالية التابعة لفياض ومن خلال نصوص القوانين ومن خلال كتب دراسية معتمدة.
أبدأ ببرتوكول اتفاقية باريس الاقتصادية التي جعلت الاقتصاد الفلسطيني تابعاً للاقتصاد الصهيوني بشكل كامل:
http://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%88%D9%84_%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A
هذا ما نصت عليه الاتفاقية بخصوص المحروقات والضرائب المفروضة عليها وطرق استيرادها للسلطة:
[QUOTE]تضمن اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في نيسان من العام 1994 ، بنودًا خاصة تتعلق بآلية إدارة و تنظيم الشؤون المتعلقة بالمنتجات البترولية، حيث أشارت المادة ( 3/بند 12 ) إلى أنه:
"أ- ستكون المقاييس الأردنية كما حددت في الملحق المرفق بالاتفاقية، مقبولة في استيراد المنتجات
البترولية إلى المناطق، في حالة استجابتها لمتوسط المقاييس القائمة في بلدان الاتحاد الأ وروبي، أو
مقاييس الولايات المتحدة الأمريكية، التي وضعت معاييرها حسب المعايير المحددة للظروف الجغرافية
لإسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية . وستحال حالات المنتجات البترولية التي لا تستجيب لهذه
المواصفات، إلى لجنة خبراء مشتركة من أجل إيجاد الحل المناسب لها. وللجنة أن تقرر ثنائيا قبول
مستويات مختلفة لاستيراد البنزين تستجيب للمقاييس الأردنية رغم أنها لا تستجيب في بعض المعايير
لمقاييس المجموعة الأوروبية أو المقاييس الأمريكية. وستعطي اللجنة قرارها في غضون ستة أشهر .
وفي انتظار قرار اللجنة، ولفترة لا تزيد عن ستة أش هر من توقيع الاتفاقية، للسلطة الفلسطينية أن
تستورد البنزين للسوق الفلسطينية في المناطق وفقًا لاحتياجات هذا السوق، على أن:"
-1 يكون هذا البنزين معلمًا بلون مميز مختلف عن البنزين المسوق في إسرائيل،...
-2 وتتخذ السلطة الفلسطينية كل الخطوات الضرورية لضمان عدم تسويق هذا البنزين في إسرائيل.
ب-لن يتجاوز الفرق في الثمن النهائي للبنزين للمستهلكين في المناطق، 15 % من السعر الرسمي
النهائي للمستهلك في إسرائيل. وللسلطة الفلسطينية الحق في تحديد أثمان المنتجات البترولية، عدا
البنزين للاستهلاك في المناطق.
ج- إذا اتفقت مستويات البنزين المصري مع شروط الفقرة الفرعية (أ) أعلاه، فسوف يسمح أيضًا باستيراد البنزين المصري."[/QUOTE]
اتفاقية باريس تسمح للسلطة باستيراد المحروقات من الخارج بشروط فنية، وبشرط عدم بيعه لليهود، وبشرط عدم نزول سعره 15% عن السعر الصهيوني، ما عدا بنزين السيارات (لأن الاحتلال خاف أن يذهب الصهاينة لمحطات البنزين الفلسطينية إن كان فرق الأسعار كبيراً).
طبعاً السلطة لم تستغل السماح لها بالاستيراد وعقدت اتفاقية مع شركة دور ألون الصهيونية لتحتكر هذه الشركة تزويد السلطة بالمحروقات، مع أن الكيان فيه 10 شركات بترولية 6 منها مؤهلة فنياً للتصدير إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
ويمكنكم الاطلاع على تقرير مؤسسة أمان حول تجاوزات هيئةالبترول التابعة للسلطة:
http://www.aman-palestine.org/Documents/Publication/Petrolum.pdf
عندما أصبح سمير أبو عيشة وزيراً قائماً بأعمال وزير المالية (عن حركة حماس) عام 2006م قرر كسر احتكار شركة دور ألون للبترول في مناطق السلطة، وتم التفاوض مع شركة باز وعمل اتفاقية وفرت على السلطة مبلغ 80 مليون شيكل سنوياً فروقات أسعار بين سعر دور ألون وشركة باز.
للمزيد حول هذا الأمر في الموضوع التالي:
http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=86266
أعرض عليكم تقارير وزارة المالية التابعة لسلطة رام الله (لعام 2007) حسب ما ورد في موقع وزارة المالية التابعة لفياض.
http://www.pmof.ps/news/plugins/spaw/uploads/files/table2%20arabic%20quarter%2024032007.pdf
هنالك بند اسمه إيرادات المقاصة، وإيرادات المقاصة حسب تعريف وزارة المالية:
[QUOTE]إيرادات المقاصة: هي عبارة عن الإيرادات التي يتم تحصيلها نتيجة المعاملات التجارية بين السلطة الوطنية الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، ويتم تحويلها إلى وزارة المالية وفقاً لجلسات المقاصة الشهرية. وتشمل الجمارك (وهي الجمارك على المستوردات للسلطة الوطنية الفلسطينية أو نتيجة للاستيراد المباشر عبر المواني وتحصلها إسرائيل نيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية )، ضريبة القيمة المضافة، ضريبة المحروقات، ضريبة الشراء. [/QUOTE]
المرجع: http://www.pmof.ps/index.php?pagess=monreportx_2
وحسب أرقام وزارة المالية بلغت إيرادات السلطة من ضريبة المحروقات لعام 2007م : 187 مليون دولار، مقابل 310 مليون دولار ايراداتها من ضريبة القيمة المضافة، وهذا ليس بالمبلغ التافه فيما أظن. في المقابل إيرادات ضريبة الدخل كانت 65 مليون دولار لنفس العام.
بداية لا يوجد دولة في العالم منذ فجر التاريخ إلا ولها مصدر للدخل لكي تصرف على موظفيها والعاملين لديها وللأنفاق على النفقات العامة بكافة أشكالها. والدولة الإسلامية قديماً كان لها الزكاة مصدراً للدخل للانفاق على الفقراء والمحتاجين ومصارف الزكاة، بالإضافة للعشر والخراج وكانت تصرف على النفقات العامة المختلفة.
الضريبة اليوم مثلها مثل العشر والخراج هي للإنفاق على النفقات الحكومية العامة، من أجل تنفيذ المشاريع وصرف رواتب الموظفين، ومثل أغلب الحكومات الفقيرة لا يوجد لحكومة غزة مصدر للدخل سوى الضرائب بأشكالها المختلفة.
الأمر والأدهى أنه فيما تنتقد الضرائب التي تحصلها حكومة غزة نجد المنتقدين ساكتين عن الضرائب التي تجبيها حكومة رام الله من أهل غزة (ولا أتكلم عن الضرائب التي تجبى في الضفة فهي خارج موضوعنا). ففي حين أن الضريبة على المحروقات التي تجبيها حكومة غزة أصبحت 60 أغورة عن كل ليتر محروقات بدلاً من 30 أغورة، يتعامون عن حقيقة وهي أن المحروقات التي تدخل عن طريق اليهود أكثر من 70% من قيمتها عبارة عن ضريبة تفرضها السلطة، يعني 4 أو 5 شيكل من قيمة كل ليتر بنزين أو سولار، بما فيه السولار لمحطة الكهرباء يذهب ضريبة للسلطة في رام الله.
هذه حقيقة يتعامى عنها البعض ويجهلها الكثيرون، فالمحروقات التي تأتي من اليهود سعرها مرتفع ليس لأنها تشترى بثمن باهظ، بل لأن معظم ثمنها يذهب للسلطة في رام الله على شكل ضريبة محروقات، والفرق بينها وبين الضريبة التي تفرضها على المحروقات المهربة من مصر هو أن اليهود يحصلوا الضريبة ثم يعطوها للسلطة كاملة غير ناقصة. فيما الضريبة التي تفرضها حكومة غزة تحصلها مباشرة.
وليس هذا فقط بل أن البضائع التي تدخل عن طريق المعابر الصهيونية إلى غزة يدفع أهل غزة 17% من قيمتها للسلطة على شكل ضريبة القيمة المضافة، وتذهب للسلطة في رام الله مباشرة فيما لا تحصل حكومة غزة ضريبة على البضائع المهربة من غزة (باستثناء المحروقات والسجائر) ولا على القادمة عن طريق المعابر مع الكيان الصهيوني.
كل هذه الرسوم تذهب إلى سلطة دايتون، ثم يمنوا على الموظفين بغزة ويقولون نحن نتكفل بالرواتب ويمنعوا الرواتب عن هذا وذاك، وهي كلها أموال يدفعها أهل غزة وهي لهم، وفوق ذلك يلوموا حكومة غزة الشرعية ويقولوا يجب أن تنفق على الجميع ولا يجب أن تجمع الضرائب ويجب أن تخلق الوظائف ويجب ويجب، من أين؟ تأتيها مساعدات لكن المساعدات كم ستغطي من مصاريفها؟ وهل المساعدات تدوم للأبد؟
وللعلم فقط المساعدات من العالم الخارجي التي تقدم للسلطة في رام الله تذهب جميعها تقريباً لتنفيذ مشاريع، أما الرواتب فتغطى من الضرائب المختلفة التي تحصلها السلطة من أهل الضفة وغزة: ضريبة القيمة المضافة، وضريبة المحروقات وضريبة الجمارك، وضريبة الدخل.
وهنا أشير إلى نقطة حتى أكون منصفاً: حسب اتفاقية باريس (الملحق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو) السلطة مقيدة بأسعار المحروقات التي تبيعها (لكن الأرباح والضرائب تذهب لهيئة البترول التابعة لوزارة المالية). لا تستطيع السلطة خفض اسعار المحروقات لأقل من الأسعار الصهيونية إلا ضمن شروط معينة، وهذا ليس لأنها تشتريها بثمن غالي بل لأن الاتفاقية تقيدها بذلك.
كل هذه الأمور وغيرها سأثبتها لكما من خلال أرقام وزارة المالية التابعة لفياض ومن خلال نصوص القوانين ومن خلال كتب دراسية معتمدة.
أبدأ ببرتوكول اتفاقية باريس الاقتصادية التي جعلت الاقتصاد الفلسطيني تابعاً للاقتصاد الصهيوني بشكل كامل:
http://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%88%D9%84_%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A
هذا ما نصت عليه الاتفاقية بخصوص المحروقات والضرائب المفروضة عليها وطرق استيرادها للسلطة:
[QUOTE]تضمن اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في نيسان من العام 1994 ، بنودًا خاصة تتعلق بآلية إدارة و تنظيم الشؤون المتعلقة بالمنتجات البترولية، حيث أشارت المادة ( 3/بند 12 ) إلى أنه:
"أ- ستكون المقاييس الأردنية كما حددت في الملحق المرفق بالاتفاقية، مقبولة في استيراد المنتجات
البترولية إلى المناطق، في حالة استجابتها لمتوسط المقاييس القائمة في بلدان الاتحاد الأ وروبي، أو
مقاييس الولايات المتحدة الأمريكية، التي وضعت معاييرها حسب المعايير المحددة للظروف الجغرافية
لإسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية . وستحال حالات المنتجات البترولية التي لا تستجيب لهذه
المواصفات، إلى لجنة خبراء مشتركة من أجل إيجاد الحل المناسب لها. وللجنة أن تقرر ثنائيا قبول
مستويات مختلفة لاستيراد البنزين تستجيب للمقاييس الأردنية رغم أنها لا تستجيب في بعض المعايير
لمقاييس المجموعة الأوروبية أو المقاييس الأمريكية. وستعطي اللجنة قرارها في غضون ستة أشهر .
وفي انتظار قرار اللجنة، ولفترة لا تزيد عن ستة أش هر من توقيع الاتفاقية، للسلطة الفلسطينية أن
تستورد البنزين للسوق الفلسطينية في المناطق وفقًا لاحتياجات هذا السوق، على أن:"
-1 يكون هذا البنزين معلمًا بلون مميز مختلف عن البنزين المسوق في إسرائيل،...
-2 وتتخذ السلطة الفلسطينية كل الخطوات الضرورية لضمان عدم تسويق هذا البنزين في إسرائيل.
ب-لن يتجاوز الفرق في الثمن النهائي للبنزين للمستهلكين في المناطق، 15 % من السعر الرسمي
النهائي للمستهلك في إسرائيل. وللسلطة الفلسطينية الحق في تحديد أثمان المنتجات البترولية، عدا
البنزين للاستهلاك في المناطق.
ج- إذا اتفقت مستويات البنزين المصري مع شروط الفقرة الفرعية (أ) أعلاه، فسوف يسمح أيضًا باستيراد البنزين المصري."[/QUOTE]
اتفاقية باريس تسمح للسلطة باستيراد المحروقات من الخارج بشروط فنية، وبشرط عدم بيعه لليهود، وبشرط عدم نزول سعره 15% عن السعر الصهيوني، ما عدا بنزين السيارات (لأن الاحتلال خاف أن يذهب الصهاينة لمحطات البنزين الفلسطينية إن كان فرق الأسعار كبيراً).
طبعاً السلطة لم تستغل السماح لها بالاستيراد وعقدت اتفاقية مع شركة دور ألون الصهيونية لتحتكر هذه الشركة تزويد السلطة بالمحروقات، مع أن الكيان فيه 10 شركات بترولية 6 منها مؤهلة فنياً للتصدير إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
ويمكنكم الاطلاع على تقرير مؤسسة أمان حول تجاوزات هيئةالبترول التابعة للسلطة:
http://www.aman-palestine.org/Documents/Publication/Petrolum.pdf
عندما أصبح سمير أبو عيشة وزيراً قائماً بأعمال وزير المالية (عن حركة حماس) عام 2006م قرر كسر احتكار شركة دور ألون للبترول في مناطق السلطة، وتم التفاوض مع شركة باز وعمل اتفاقية وفرت على السلطة مبلغ 80 مليون شيكل سنوياً فروقات أسعار بين سعر دور ألون وشركة باز.
للمزيد حول هذا الأمر في الموضوع التالي:
http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=86266
أعرض عليكم تقارير وزارة المالية التابعة لسلطة رام الله (لعام 2007) حسب ما ورد في موقع وزارة المالية التابعة لفياض.
http://www.pmof.ps/news/plugins/spaw/uploads/files/table2%20arabic%20quarter%2024032007.pdf
هنالك بند اسمه إيرادات المقاصة، وإيرادات المقاصة حسب تعريف وزارة المالية:
[QUOTE]إيرادات المقاصة: هي عبارة عن الإيرادات التي يتم تحصيلها نتيجة المعاملات التجارية بين السلطة الوطنية الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، ويتم تحويلها إلى وزارة المالية وفقاً لجلسات المقاصة الشهرية. وتشمل الجمارك (وهي الجمارك على المستوردات للسلطة الوطنية الفلسطينية أو نتيجة للاستيراد المباشر عبر المواني وتحصلها إسرائيل نيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية )، ضريبة القيمة المضافة، ضريبة المحروقات، ضريبة الشراء. [/QUOTE]
المرجع: http://www.pmof.ps/index.php?pagess=monreportx_2
وحسب أرقام وزارة المالية بلغت إيرادات السلطة من ضريبة المحروقات لعام 2007م : 187 مليون دولار، مقابل 310 مليون دولار ايراداتها من ضريبة القيمة المضافة، وهذا ليس بالمبلغ التافه فيما أظن. في المقابل إيرادات ضريبة الدخل كانت 65 مليون دولار لنفس العام.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)