مع
انخفاض وتيرة المواجهات الجماهيرية وعمليات المقاومة الفردية، نطرح السؤال المهم
هل انتهت انتفاضة القدس والأمور تتجه نحو التهدئة من جديد؟
إن كنا
نتكلم عن دوافع تنفيذ العمليات وانطلاق انتفاضة القدس فهي ما زالت كما هي: انسداد
الأفق السياسي، وتمدد الاستيطان وتغوله، وتهويد المسجد الأقصى، وخطر تصفية القضية
الفسطينية، والقهر الاجتماعي والاقتصادي.
إن كنا
نتكلم عن البيئة الحاضنة للمقاومة فهي ما زالت تحافظ على ذاتها، كما أن أدوات
تنفيذ العمليات ما زالت متوفرة (وهي بالأصل بسيطة – سكاكين وسيارات وبنادق تصنيع
محلي).
ما يؤثر
سلبًا على انتفاضة القدس: التنسيق الأمني وسعي السلطة وفتح لإجهاضها ووقفها، وهذا
يعقد عملية الحصول على سلاح وأدوات متطورة لتنفيذ العمليات، والحملة الإعلامية
الشرسة ضدها ووصفها بالموت المجاني وأنها مجرد هبة عابرة، وعدم وجود جسم تنظيمي
يحتضنها ويوجهها.
إلا أن
العامل السلبي الأكبر هو التكلفة العالية للعمليات مقابل ضعف المردود، وهذا يعود
لقلة خبرة المقاومين وعدم وجود تنظيم يوجههم ويزيد من جرعة الوعي، وعدم اهتمام
الإعلام الفلسطيني (بما فيه إعلام المقاومة) بتوجيه وتوعية المقاومين.
العمليات
الناجحة تجر المزيد من العمليات، بينما العمليات غير الناجحة تجعل الشباب يتردد
ويفكر أكثر من مرة قبل الإقدام.
والاحتلال
طبق إجراءات وقائية بالفترة الأخيرة صعبت تنفيذ عمليات المقاومة، وقللت من خسائر
الصهاينة وهذا عامل إحباط لدى المقاومين لكن الجو العام كما أسلفت ما زال يدفع
باتجاه مقاومة الاحتلال.
بالتالي
يمكن القول أن انتفاضة القدس تمر بمرحلة سبات، قد تستمر لأيام أو لأسابيع، ورغم
عدم وجود قيادة مركزية لها لكننا نلاحظ أن المقاومين يتعلمون ويدرسون الواقع،
فهنالك تراجع بالفعاليات الجماهيرية بسبب كلفتها العالية من اعتقالات وإصابات
ومردودها البسيط، ونفس الشيء ينطبق على العمليات الفردية (الطعن والدهس).
وفي
المقابل هنالك استمرار بوتيرة ثابتة بأعمال رشق الحجارة والزجاجات الحارقة التي
لها تكلفة منخفضة نوعًا ما ومردودها جيد، وهذه الاستمرارية تؤكد على ما قلته أن
الانتفاضة تمر بمرحلة سبات وليس مرحلة أفول، كما أنها تؤكد على أن الوضع لن يعود
إلى مرحلة ما قبل الانتفاضة وما قبل جريمة حرق عائلة الدوابشة، مهما رأينا من تراجع
بالعمل المقاوم.
المفتاح إذن
هو التخطيط الجيد للعمليات وتطوير مستواها بحيث تكون قادرة على اختراق إجراءات
الاحتلال الأمنية، إن كان هنالك تأخير بالعمل المقاوم من أجل التخطيط الجيد فهذا
في صالح انتفاضة القدس، فطبيعتها تحتمل التأجيل لأنها مواجهة طويلة الأمد وليست
معركة مصيرية حاسمة تحتاج لإجراءات سريعة.
المقاومون
الفرديون سيتعملون وسيخترقون إجراءات الاحتلال كما أثبتوا بالفترة الأخيرة لكن
وجود مقاومة منظمة تساعدهم على التعلم بشكل أسرع وتلافي أخطاء الآخرين، وإن تعذر
وجود العمل المنظم فالتوعية الإعلامية تساعد جزئيًا على ذلك.