مع إطلالة فجر عصر الانعتاق والانطلاق، أصبح حديث النكبات والنكسات غريباً عنا؛ فقد تعلمنا صناعة الحياة، وعرفنا حرفة الانتصار.
لذا لم نعد نقبل بالفتات، ولم نعد نقبل بالإحسان، ولم نعد نرضى بالهوان، نحن اليوم لا نقبل بأقل من الانتصار.
من اليوم لا تسموني لاجئ؛ فأنا عائد.
من اليوم لا تظنوني حالم؛ فأنا قائد.
من اليوم لا تنادوني يا طريد؛ فقلبي من حديد.
من اليوم لا تمدوا لي يد الإحسان؛ فأنا أسير على الطريق السديد.
اليوم مصيري بيدي لا بيد غيري.
اليوم انتهى حديث الذكريات.
اليوم دفنت الحنين والأنات.
اليوم توقف الكلام وبدأت الأفعال، واليوم بدأ الزحف المقدس نحو ما حلمنا به في الأمس.
بكينا على الأندلس حتى مل البكاء منا، ولن نبكي بعد اليوم؛ فقد تعلمنا الدرس جيداً، وقد قررنا وعزمنا أنّ فلسطين لن تكون أندلساً جديدة، وبعد التوكل على المولى قررنا إعادة فصول ملحمة صلاح الدين وبدأنا حرب التحرير.
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، ونحن عقدنا العزم على التغيير وعقدنا العزم على الانتصار، فأي قوة على وجه الأرض تستطيع بعد ذلك إحكام الحصار؟
سيبكي الجزار دماً ثمناً لظلمه وغدره، فقد ولى زمن الهزائم وتبدد حكم الظلام.
فليأخذ حذره أو لا يأخذ فهو سيان، لأن طوفان الانتصار لن يعرف التروي أو الانتظار، لا سبيل أمامه سوى الهروب والفرار، فقد وصلت جحافل الثوار، وهي لا تفهم سوى لغة الانتصار.
فلا يأمل أهل الظلام بأقل من الهزيمة والانكسار، فقد ولى زمن التتار وانكفأ عهد الجزار، جئنا وخلفنا جيش جرار من أهل الثورة والقرار، فانتظروا لحظة الاندحار.
فقد ولى زمن النكبات وبدأ زمن التحرير، ولم نعد نفهم لغة العويل فلغتنا اليوم من حديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق