أحد أساليب الإسقاط في وحل العمالة هي اصطياد الشخص من خلال وظيفة أو عمل
بدخل جيد ومغري، وبعدها مساومته على استمراره في العمل والعمالة أو أن يخسر كل شيء.
يهدف أسلوب "الوجبات المجانية" إلى اعتياد الشخص المستهدف على
نمط حياة رغيدة ومكاسب مالية سهلة بدون أن يبذل مجهودًا يذكر.
لكن تذكروا دائمًا: لا توجد وجبات مجانية، وما يقال لك أنها وجبة مجانية
فهي طُعم لشيء آخر.
القصة الأولى:
جلس شاب عاطل عن العمل في مقهى عندما أتى شخص يزعم أنه من فلسطينيي
الداخل، ويقول أنه بحاجة لعمال، ويتوجه له صديقنا ويتفقان على كيفية الالتقاء بعد
أن يتسلل إلى داخل الخط الأخضر.
وبالفعل يأخذه هذا الشخص إلى منزل وكانت غرفة هذا العامل فيه أثاث جيد
وثلاجة مليئة بالطعام والشراب، وفي اليوم التالي طلب منه بعض الأعمال البسيطة التي
لا تحتاج لعامل، وهنا بدأ الشك يتسرب إلى نفس هذا العامل.
ومما زاد الشك أنه لم يلتق بعمال آخرين في المكان فقط هو وصاحب العمل،
وكان هذا الشاب واعيًا لأساليب العصافير في سجون الاحتلال، فحاول التملص من العمل،
فأخذه صاحب العمل برحلة إلى شاطئ البحر والتقيا بشخص آخر.
حرص صاحب العمل والشخص الجديد على إقناع العامل بأنه يجب استغلال الفرصة وقاما
بسؤاله عن أحواله المعيشية وظروفه ومشاكله، وقال له أحدهما هذه فرصة العمر.
كان العامل فطنًا فكيف تكون فرصة العمر وهو لا يفعل شيئ؟ إذن هنالك شيء
آخر ينتظره ولا يريدان أن يعرف عنه؟
استمر العامل بالتحايل عليهما متذرعًا بمختلف الحجج لكي يعود لمنزله في
الضفة، وفي النهاية عندما قطعا الأمل منه هدداه بأن أخبر أحدًا ما بما حصل معه
فسوف يلاحقانه.
كان هذا العامل في بداية الطريق واكتشف الخدعة لكن غيره، سيبلع الطعم بعد
أن يندمج بالعمل والدخل المالي السهل، وأن يصبح هذا عالمه الذي اعتاد عليه.
سيبدأ وقتها مشغلوه بتوريطه في العمالة، بالبدء مهمات بسيطة وغير خطيرة
ليقنعوه بأنه لا يقوم بأي شيء خاطئ، وبعدها يتدرجون معه حتى يتورط بالعمالة بشكل
تام.
القصة الثانية:
شاب آخر يأتيه اتصال من مجهول يقول له لدي لك مبلغ من المال أريد أن
أوصله لك، فيرد عليه بأن الرقم خطأ ويعتذر منه، في اليوم التالي يعاود الرقم
الاتصال به ويقول له المتصل بأنه معجب بأمانته ويريد التعرف عليه.
وبالفعل يتعرفان على بعضهما البعض، ويقدم هذا المجهول نفسه على أنه رجل
أعمال من الداخل الفلسطيني، وسبحان الله، هو يعمل موردًا لنفس أنواع البضاعة التي
يتعامل بها صديقنا.
ويتفقان على صفقات مغرية لصديقنا، وتبدأ الأرباح تدر عليه، ثم أتى رجل
الأعمال لصديقنا ذات يوم وقال له أنه يريد الاستعانة به في عمله بالداخل وأنه
ستكون هنالك أرباح كثيرة ووفيرة.
فقال له صديقنا لكني ممنوع أمنيًا من الحصول على تصريح، فرد رجل الأعمال
"ولا يهمك"، وجاء في اليوم التالي وأخذه واجتازا حواجز الاحتلال بدون أي
تفتيش أو سؤال، وأخذه إلى فندق وقال له أنهما سيلتقيان شريكه اليهودي.
وبعد كلام ونقاش قال له الشريك اليهودي سآتي لك بالتصريح، لكن يجب أن نحل
لك مشكلتك الأمنية، ومن خبرة صديقنا الاعتقالية عرف أنه وقع بالفخ، وأنه أمام
ضابطي مخابرات وليس رجلي أعمال.
قرر بسرعة إنقاذ نفسه، وقال بشدة وحزم أنه لا يريد حل مشكلته الأمنية ولا
يريد التصريح، وقطع العلاقة نهائيًا.
هاتان قصتان لشخصين اكتشفا الطُعم ونجيا من الوقوع بالفخ، لكن غيرهما
تعميه الأموال والأرباح عن الظروف المريبة المحيطة بهم، وكل ما قفز شك إلى عقلهم أسكتوه،
حتى يقعوا بالفخ.
تذكروا دائمًا لا توجد وجبات مجانية، وكلما كانت الوجبة دسمة، فمعناه أن
المطلوب منك شيء كبير، فلا تقع بالفخ.
وأخيرًا يظن الكثيرون أن العمالة يقع بها الإنسان الساقط أخلاقيًا، أو
أنه يتم من خلال العرض المباشر للعمل مع المخابرات، أو من خلال علاقة غرامية، وهذه
أمور تحصل.
لكن هنالك نسبة كبيرة يتم تجنيدهم من خلال المساومة على الوظيفة والعمل
أو المساومة على العلاج أو المساومة على السجن، والإسقاط لا يتم مرة واحدة بل
تدريجيًا دون أن يشعر الشخص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق