الأحد، 13 أبريل 2014

معايير مزدوجة للإعلام بين الضفة والقطاع: مقارنة بين حالتي عروبة عثمان وإسراء لافي




عروبة عثمان
تناولت وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة قضية الصحفية عروبة عثمان والتي فصلت من عملها في وكالة الأنباء الحكومية (الرأي) في قطاع غزة، بسبب تقرير صحفي أعدته عن برنامج لخطابة ضباط من الداخلية في المساجد أيام الجمعة، حيث جاء بالمقال وصف لحكومة غزة وحماس بالفاشية وبالعمل على عسكرة المجتمع.

ورغم تأكيد وكالة الرأي على انتهاء عقدها وأنها لم تفصل، إلا أني سأفترض هنا أن عدم تجديد عقدها كان بسبب التقرير، والذي أرى من الخطأ محاسبتها عليه رغم ما فيه من عدم مهنية (حيث لم تعرض وجهة النظر الأخرى)، ورغم ما فيه من سوء تأويل لبرنامج الخطابة وتحميله معاني لا يحتملها، ورغم إساءة الأدب بوصف حماس بالفاشية (حسب ما قيل هذا الوصف كان إضافة من صحيفة الأخبار نفسها وليس من عروبة عثمان)، ورغم أنه من غير اللائق إساءة موظف لمؤسسة يعمل لديها (وكالة الرأي تتبع لحكومة غزة وعروبة هاجمت الحكومة بطريقة فيها من الافتراء والتجني).
 
كل الأسباب السابقة لا تجيز معاقبة صحفية حتى لو كان القانون بجانب وكالة الرأي (فحسب قانون العمل لا يوجد ما يجبر أي مؤسسة على تجديد عقد الموظف ما لم يمض عليه في الوظيفة عامين، وعقدها كان لعام واحد)، كما لا تجيز هذه الأسباب أن ترفع الداخلية ضدها شكوى (مع الإشارة إلى أنه لم يتم استدعاؤها للتحقيق لحد اللحظة بحسب كلام الصحفية عروبة عثمان).

لذا شهدنا حملة إعلامية تضامنية واسعة مع الصحفية بما فيه جهات إعلامية قريبة من حماس، وهذا أمر صحي وجيد وضروري وكل العالم مطلوب منه أن يضغط باتجاه توفير أسباب حرية العمل الصحفي في قطاع غزة.


على الجهة الأخرى نجد قضية الإعلامية إسراء لافي من الضفة الغربية، حيث قامت الأجهزة الأمنية باحتجاز راتبها الذي تتقاضاه من فضائية القدس، وفضائية القدس لمن لا يعلم هي مؤسسة خاصة مقرها في بيروت، منذ ستة أشهر وما زال محجوزًا حتى الآن.

إسراء لافي لم تفصل من عملها في السلطة ولم تحرم من راتبها في السلطة، فلانتمائها السياسي هي محرومة من العمل بالسلطة أصلًا، فتوجهت للعمل في مؤسسة خاصة كمعدة برنامج عن الأسرى في سجون الاحتلال، لكن هذا لم يمنع الأجهزة الأمنية من السطو على راتبها، رغم أن البرنامج الذي تشارك بإعداده لا يتعرض ولا يهاجم السلطة، ورغم أنه يستضيف الكثير من مسؤولي السلطة للكلام عن الأسرى.

سبب سطو الأجهزة الأمنية على راتبها هو مواقفها السياسية ونشاطها أيام دراستها الجامعية وكونها ابنة قيادي في حماس وأسير محرر، ورغم كل ما سبق فلم نر أي حملة تضامن معها ولا مع قضيتها، ورغم أنه لا يوجد أي أساس قانوني (ولو شكلي) لاحتجاز راتبها كما أخبرتها مؤسسات حقوقية (لا يوجد قرار قضائي باحتجاز الراتب)، ورغم مضي أشهر على قضيتها بدون أي حل.

والمطلوب منها أن توقع على ورقة تتعهد فيها (ضمن أمور عديدة) بعدم الكلام أو العمل بالسياسة، واحترام اتفاقية أوسلو والالتزامات الناجمة عنها، حتى تعيد الأجهزة الأمنية راتبها المسطو عليه.

فإن كان التضامن مع الصحفية عروبة عثمان واجب فالتضامن مع الإعلامية إسراء لافي واجب أكبر، فلا نتكلم عن حرية رأي وتعبير فقط بل أيضًا نتكلم عن سطو وابتزاز واعتداء على الحقوق المالية، وهي ليست أول حالة من نوعها لكن من أوائل الحالات التي تتوجه للإعلام، مع ذلك فقد خذلها الإعلام.

الدكتورة عصمت عبد الخالق
هل يجب أن تكون المرأة متبرجة وغير محجبة حتى يتضامن معها الناس، مثلما تضامنوا مع الإعلامية الدكتورة عصمت عبد الخالق التي اعتقلت بسب دعوتها لحل السلطة؟ أم أن مؤيدي حماس هم جنس دون البشر لا بواكي لهم؟

وإن كنت ألوم الإعلام الذي يزعم أنه محايد فإني ألوم بشكل أكبر إعلام حماس الذي لم يعط هذه القضية أي اهتمام، فيبدو أن تصريحات المهرج جمال أبو كرتونة لها أولوية أكبر في إعلام حماس، وهذا مؤشر على ضعف الأولويات والتشويش في الرؤية لدى إعلام حماس.

فمثل هذه المبادرة الذاتية لتحدي الابتزاز المالي يجب تبنيها وإبرازها علّها تكون تجربة ناجحة أخرى مثلما كانت تجربة المعلمين المفصولين لأسباب سياسية، والتي استطاعت النجاح بعد مسيرة شاقة، وأجبرت السلطة على إعادتهم جميعًا إلى وظائفهم، كما ألوم أيضًا من يتعرضون لابتزاز مالي ويسكتون مفضلين حلها عن طريق التسول والتوسل، لأنهم يشجعون السلطة على المزيد من التمادي.

ليست هناك تعليقات: